فايروس كورونا يعمق أزمات صناعة السيارات

يرجح محللون أن يكون لتفشي فايروس كورونا المستجد، الذي أدى إلى إغلاق مقاطعة هوبي الصينية عن بقية العالم بعد أن ظهر فيها هذا الوباء القاتل، تأثير كبير على قطاع السيارات وسلسلة الإمدادات، وحتى شركات التكنولوجيا المتعاملة معها، خاصة وأن عمالقة هذه الصناعة لديهم خطوط إنتاج مهمة هناك.
بكين - أجبر انتشار فايروس كورونا المستجد والمخاوف التي صاحبت توسعه خلال الفترة الأخيرة عمالقة صناعة السيارات على الرضوخ إلى حقيقة الأمر الواقع بتجميد الإنتاج حتى إشعار آخر.
وأرخت هذه المشكلة بظلالها بشكل أكبر على وحدات كبار المصنعين في المقاطعات الصينية، التي تتركز فيها خطوط الإنتاج، ولكن الأمر اتسع ليطال أكبر شركة في كوريا الجنوبية.
ومع دخول الأزمة أسبوعها الثالث فإنه من الصعب حصر الخسائر التي قد تتكبدها الشركات، غير أن الآثار الجانبية بسبب كورونا قد تكون وخيمة وربما تفوق التوقعات في حال استمرت الأزمة لمدة أطول.
ولدى المحللين والعاملين في القطاع قناعة راسخة بأن هذا الوضع سيزيد من متاعب بعض الشركات الكبرى وخاصة تلك التي لديها استثمارات في الصين، البلد الذي ظهر فيه هذا الفايروس المميت.
ومنذ سنوات، بات قطاع السيارات يعتمد بشكل كبير على المصانع التي أسّستها شركات عالمية في الصين أو تلك المصانع المشتركة بين علامات تجارية صينية وأخرى أوروبية وأميركية.
هيونداي وفولكسفاغن وتويوتا وفولفو أغلقت أبوابها في الصين موقتا إلى حين اتضاح الرؤية
ومن المؤكد أن توقف تلك المصانع سيربك السوق العالمية، إذ أن تأثُّر الشركات سيتسبب في تراجع أرباحها أو اضطرارها لتعويض نقص إنتاج مصانع الصين من مصانع أخرى، الأمر الذي يزيد التكاليف وبالتالي قد يرفع الأسعار.
وفي أحدث تداعيات كورونا، أعلنت شركتا هيونداي وكيا الكوريتان في وقت سابق هذا الأسبوع تعليق إنتاج مصانعهما الداخلية بسبب النقص في بعض القطع المصنعة في الصين جراء تفشي الفايروس هناك.
وقبل أسبوع، قررت مجموعة فولكسفاغن الألمانية تمديد تعليق عمل مصانع التجميع في الصين بسبب تفشي فايروس كورونا بالبلاد لمدة أسبوع، وذلك في أعقاب قرار مشابه لشركات أخرى.
وقالت في بيان حينها إنّ مصانعها المشتركة مع المصنّع الصيني فاو “لن تستأنف الإنتاج قبل التاسع من فبراير الجاري”.
وبخصوص المنشآت المشتركة بين فولكسفاغن والمجموعة الحكومية سايك في شنغهاي، فمن غير المتوقع استئناف أعمالها قبل العاشر من نفس الشهر.
وكانت الحكومة الصينية قررت تمديد عطلة رأس السنة الصينية حتى الثاني من فبراير بدل الثلاثين من ديسمبر الماضي، في محاولة لاحتواء انتشار فايروس كورونا المستجد.
ومن المتوقع أن يظل عمل القطارات الصينية العابرة للأقاليم معلقا إلى ما بعد ذاك التاريخ، فيما أمرت السلطات المحلية في عدد من المناطق الشركات والمصانع بالبقاء مغلقة حتى الأحد المقبل.
وقالت فولكسفاغن إنّها “ستستمر في تقييم الوضع من أجل التكيّف مع مقتضياته في حال الضرورة”.
وكان المصنّع الياباني تويوتا أعلن الأربعاء الماضي أنّه سيمدد لأسبوع قرار تعليق الإنتاج في مصانع التجميع التابعة له في الصين، على أن يستأنف العمل في العاشر من فبراير.
وبموازاة ذلك، مددت شركة فولفو المملوكة للحكومة الصينية الجمعة الماضي إجازتها بمناسبة رأس السنة الصينية لمصانعها في الصين.
وحسبما أعلن المتحدث باسم الشركة في غوتنبورغ بالسويد، تتبع الشركة المصنعة للسيارات التوصيات من السلطات في الصين والسويد.
وأضاف أن “فولفو لديها نحو ثمانية آلاف موظف في الصين”، مشيرا إلى أن الشركة لا تتوقع أن يؤثر قرارها على حجم الإنتاج الكلي.
وقبل ذلك بيوم، أعلنت شركة بي.أم.دبليو الألمانية أنها سوف تغلق ثلاثة مصانع في مدينة شنيانغ الصينية، حيث يعمل نحو 18 ألف شخص، كما سوف تقوم بتصنيع نصف مليون سيارة سنويا.
كما أعرب الرئيس التنفيذي لشركة بوش اﻷلمانية فولكمار دينر عن قلقه من إمكانية تأثير تفشي فايروس كورونا على سلسلة التوريد العالمية، التي تعتمد بشكل كبير على الصين.
وقال دينز خلال مؤتمر صحافي عقده بمدينة فيلاخ النمساوية “نشعر بالقلق بطبيعة الحال ولكن على أساس الحقائق الصادرة مؤخرا، نحن لا نعاني من أي تعطيل في أعمالنا أو سلاسل التوريد الخاصة بنا”.
وأضاف “سننتظر لنرى كيفية تطور الأمور، فإذا استمرت اﻷوضاع على ما هي عليه ستعاني سلاسل الإمداد من تعطيل”، مشيرا إلى أن هناك توقعات تفيد بإمكانية استمرار ذروة العدوى حتى شهر فبراير أو مارس المقبل.
وتعتمد بوش، وهي أكبر مورد لمكونات السيارات على مستوى العالم، على الصين باعتبارها قاعدة تصنيع عالمية، لتصدير المحركات الكهربائية وناقلات الحركة وإلكترونيات الطاقة الخاصة بالسيارات الكهربائية.
وتمتلك الشركة مصنعين، يعمل بهما ما يقرب من 800 عامل، في مدينة ووهان الصينية، مركز انتشار فايروس كورونا، ولكن مورد قطع غيار السيارات اﻷلماني لم يقدم أي تقارير تفيد وقوع أي حالات عدوى.
وأغلقت الشركة مصانعها في الصين خلال عطلة العام القمري الصيني الجديد ومددت فترة العطلة إلى 3 فبراير، لكن دينز أكد أن امتداد فترة العطلة لن يؤثر سلبا على أعمال بوش العالمية.
وتعد بوش من أقدم الشركات العاملة في الصين، فلديها استثمارات منذ 1909 وتمتلك 23 منشأة لتصنيع السيارات في أكثر من 60 موقعا في أكبر سوق للسيارات في العالم، والذي يعتبر موطنا لأكبر قوة عاملة للشركة خارج الحدود اﻷلمانية.
وتمتد المخاوف إلى الأسواق العربية أيضا وخاصة في مصر والمغرب، إذ لديهما شراكات استراتيجية مع علامات شهيرة، وهما في قلب رحى هذه المشكلة.
وعبر وزير قطاع الأعمال هشام توفيق خلال تصريحات صحافية علي هامش مؤتمر للشمول المالي عقد بالقاهرة مؤخرا عن مخاوفه من احتمال توقف المشاريع المشتركة مع شركة دونغ فينغ الصينية لتطوير شركة النصر لصناعة السيارات وتحويلها إلى شركة مصنعة للسيارات الكهربائية.
وقال إن “المفاوضات لا تزال مستمرة، ولكن لدينا مخاوف من أن يكون لانتشار فايروس كورونا تأثير سلبي على دونغ فينغ خاصة أن الفرع الرئيس للشركة يقع في مدينة ووهان الصينية البؤرة الأساسية لانتشار المرض”.
وكان وفد من الشركة الصينية قد زار القاهرة في ديسمبر الماضي لبحث خطط تطوير شركة النصر المصرية من خلال إنشاء مشروع مشترك على أرض الشركة لإنتاج السيارات الكهربائية بتكنولوجيا صينية.
وحتى الآن لا توجد تعليقات من قطاع السيارات المغربي حول هذه الوضعية، التي قد تبطؤ من سلسلة التوريد، التي تراهن عليها الرباط لتعزيز عائداتها المالية.