ماكرون يقلّد وسام الشجاعة لمؤرخ تركي فضح إنكار بلاده لإبادة الأرمن

باريس- قلّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المؤرّخ التركي، تانير أكشام، وسام الشجاعة لتأليفه كتابا يُثبت صحة "برقيات" عثمانية أمرت بتنفيذ الإبادة الأرمنية و"فضحه إنكار" السلطات التركية للأمر.
وأثناء عشاء سلّم خلاله المجلس التنسيقي للمنظمات الأرمنية في فرنسا المؤرّخ التركي "ميدالية الشجاعة".
وقال ماكرون لأكشام مؤلّف كتاب "أوامر بالقتل"، "لقد فضحتم الإنكار" التركي للإبادة.
ورأى ماكرون أن كتاب أكشام يشكل "إقرارا علميا بنية واضحة في (تنفيذ) جريمة منظمة، ما يسمح بالعمل على التاريخ والذاكرة والعدالة".
وتابع ماكرون "أخرجتم ما أراد البعض إغراقه في النسيان، إنكار التاريخ "معتبراً أن "ذلك حجر أساسي في النقاش السياسي العميق مع القادة الأتراك".
وقال في إشارة إلى تركيا "لا نبني أي تاريخ كبير على كذبة، أي سياسة على التشكيك وإنكار التاريخ".
كما ندد بـ"الظلّ الذي تلقيه استراتيجية تهدف إلى توسّع جديد في الشرق الأوسط وإنكار الجرائم والعزم على استعادة قوة الماضي، ماضٍ وليد الخيال إلى حدّ كبير".
وأكشام، كان ناشطا يساريا بارزا، أصبح منذ سنوات دراسته الجامعية هدفا للأجهزة الأمنية، التي كانت تنظر إلى اليساريين بصفتهم الخطر الأكبر الذي يتهدد أنقرة، وقد اعتقل للمرة الأولى عام 1974، بسبب اشتراكه في مظاهرات ضد غزو شمال قبرص، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1975، بسبب توزيعه ولصقه منشورات في شوارع أنقرة.
ويبرهن بحث أكشام شديد التدقيق على وجود مسؤول عثماني يدعى نديم أفندي، كما تقدم المصادر ذات الصلة. ويبرهن أيضًا على أن نديم أفندي كتب ونشر هذه المذكرات.
كما يقدم من خلال بحثه، دليلا إيجابيا على أنه في عام 1915، عندما كان طلعت باشا يخطط للإبادة الجماعية، كان قد بدأ أيضا محاولة التغطية على آثارها.
ويعرض وثائق عثمانية توضح تزوير أولئك الذين انتقدوا الوثائق، أو أن الطريقة التي كتبوا بها أطروحاتهم عن تقنيات التشفير فيها كانت خاطئة أو تم التكهن بها بصورة بحتة. وقدم هذا من خلال وثائق من مجلدات كثيرة عثر عليها في سجلات هيئة الأركان العسكرية.
ووفق التقديرات، قُتل ما بين 1,2 مليون و1,5 مليون أرمني أثناء الحرب العالمية الأولى على أيدي قوات السلطنة العثمانية المتحالفة آنذاك مع ألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية.
ويسعى الأرمن إلى حمل المجتمع الدولي على الاعتراف بالإبادة، الأمر الذي سبق أن فعلته حوالى ثلاثين دولة بينها فرنسا عام 2001.
وعام 2019، كرّس ماكرون يوم 24 أبريل مناسبة لإحياء ذكرى "الإبادة الأرمنية" ما أثار غضب الحكومة التركية.
لكن تركيا ترفض استخدام كلمة "إبادة"، متحدثةً عن مجازر متبادلة على خلفية حرب أهلية ومجاعة، ما أدى إلى مقتل ما بين 300 ألف و500 ألف أرمني وتركي.
وخلص عدد كبير من المؤرخين والأكاديميين إلى أن ترحيل الأرمن وذبحهم خلال الحرب العالمية الأولى، يستوفيان التعريف القانوني لكلمة إبادة.
وعلى الرغم من أن الأمر قديم تجاوزته التحولات الكبرى في العالم، بحيث سقطت السلطنة العثمانية وسقطت روسيا القيصرية وباتت للأرمن دولة مستقلة فيما الأرمن الذين فروا من المجزرة باتوا مواطني دول أخرى في المنطقة والعالم يتمتعون بحقوق سياسية كاملة، إلا أن هذا الجدل ما زال يؤرق الدولة التركية وما زال الأرمن يحيون في العالم ذكرى تلك الإبادة ويطالبون العالم بالاعتراف بها وتأثيم الدولة التركية الحالية عما ارتكبته الدولة العثمانية قبل أكثر من قرن.