صحافيو العراق يدفعون من دمائهم ثمن التغطية الإعلامية للانتفاضة

اغتيال صحافي ومصور في قناة دجلة العراقية لا يزال يثير ردود فعل منددة خاصة بعد الكشف عن مقطع فيديو أوصى الصحافي بنشره في حال مقتله.
بغداد - نشر مرصد الحريات الصحافية في العراق على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مقطعا مصورا للصحافي في قناة دجلة أحمد عبدالصمد الذي اغتيل، الجمعة، كشف فيه قاتليه.
وقُتل الصحافي في قناة دجلة العراقية أحمد عبدالصمد، والمصور في القناة نفسها صفاء غالي، الجمعة، على يد مسلحين مجهولين في مدينة البصرة، حيث كانا يغطيان المظاهرات المناهضة للنظام الحاكم.
وقبل أيام قليلة من اغتياله، أودع عبدالصمد مقطعا مصورا لدى مرصد الحريات الصحافية، موصيا بنشره في حال وفاته، بعد تعرضه لتهديدات عديدة من ميليشيات تابعة لإيران.
وقال زياد العجيلي مدير المرصد، إن عبدالصمد، الذي يعمل في قناة دجلة المحلية، أعطاهم هذا الفيديو منذ أيام، بعد تعرضه لتهديدات.
وعمل عبدالصمد على تغطية التظاهرات التي انطلقت في البصرة، وباقي مدن العراق منذ الأول من أكتوبر.
ويظهر عبدالصمد في مقطع الفيديو يقول “تعرضت في البصرة إلى الكثير من التهديدات غير الظاهرية”.
وانتقد عبدالصمد خلال المقطع المصور غياب الحريات في بلاده، متسائلا “هل نستطيع أن ننقل الخبر بحرية تامة؟ أعتقد أن هناك خطوطا حمراء لا تجعلنا ننقل كل شيء بحرية”.
واعتبر الصحافي المغدور أن ممارسات الأحزاب التي تحكم العراق منذ عام 2003، لعبت دورا في “فقدان الحريات” في بلاده، موضحا أن الصحافة هي سلطة رابعة ليس لديها سلاح سوى القلم، وأن الكثير من الصحافيين في العراق قدموا أرواحهم قرابين للعمل الصحافي على حدّ تعبيره.
ووجّه أحمد عبدالصمد، خلال مقطع الفيديو الذي نشر عقب عملية اغتياله، تساؤلات للحكومة العراقية بشأن تعاملها مع المحتجين، وعمليات القتل والاعتقال التي رافقت تلك الاحتجاجات المستمرة منذ أكتوبر الماضي، متطرّقا في حديثه إلى الطرف الثالث قائلا “إنه انكشف الآن”، في إشارة إلى الميليشيات المدعومة من إيران.
وتعرض العديد من الناشطين والصحافيين إلى القتل أو الاختطاف، على يد مسلحين مجهولين يعتقد أنهم تابعون لميليشيات مدعومة من إيران، أقدمت أيضا على مهاجمة قنوات تلفزيونية وحرق مكاتب إعلامية مطلع شهر أكتوبر.
ومنذ بداية حركة الاحتجاج مطلع أكتوبر الماضي، قتل نحو 600 شخص وأصيب 20 ألفا آخرون.
يذكر أن العراق جاء في المرتبة الـ156 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2019 الذي تصدره منظمة “مراسلون بلا حدود”.
من جانبه، وصف كبير المذيعين في قناة دجلة والمتحدث باسمها، سعد رشيد، اغتيال عبدالصمد وغالي بأنه “غادر وجريمة بشعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
وفي ما يخص الجهة المسؤولة عن تنفيذ الاغتيال بحق مراسل القناة ومصورها، أشار المتحدث إلى أن المسؤولية عادة ما يجري تحميلها لطرف ثالث مجهول، “ولكن الكل يعرف من هي الجهة التي تقف وراء هذه الاغتيالات الجبانة”.
الصحافي المغدور اعتبر أن ممارسات الأحزاب التي تحكم العراق منذ عام 2003، لعبت دورا في فقدان الحريات
ولفت المتحدث باسم القناة إلى تقرير سجله المراسل قبيل اغتياله، “عندما كان يقف في تقريره وخلفه البناية التي أشار إليها (وتحديدا الحشد الشعبي)، قال إن هذا هو الطرف الثالث. وأعتقد أن الطرف الثالث الذي أشار إليه هو من قام باغتيال المصور والمراسل”.
كما أكد رشيد أن الاغتيال لن يؤثر على مسار القناة، رغم “مظاهر الحزن” التي بدت عليها عقب اغتيال صحافييها.
واستبعد أن تكشف السلطات عن المسؤولين عن الاغتيال، متسائلا “ماذا سيقولون؟ سنشكل لجنة، واللجنة تأخذ لجنة، وأنت تعرف أن هناك مثلا يقول: إذا أردت أن تفشل مشروعا، فشكل له لجنة”.
وفي نهاية حديثه لفت رشيد إلى وجود “مؤشرات خطيرة وصلت إلينا.. هناك أيضا تهديدات للعاملين الصحافيين في الخارج أيضا، ربما ستكون هناك عمليات استهداف للصحافيين والناشطين في خارج العراق”.
ونظم العراقيون مسيرات حاشدة بساحة التحرير في العاصمة بغداد مساء السبت للتنديد باغتيال الميليشيات المسلحة للصحافي أحمد عبدالصمد وزميله المصور صفاء غالي.
وطالب المتظاهرون بسقوط الطبقة السياسية الحاكمة برموزها وأحزابها، كما شددوا على عدم تخليهم عن مطالبهم إلى حين إسقاط الحكومة وحل البرلمان.
وأدانت الولايات المتحدة اغتيال الصحافي والمصور بقناة دجلة العراقية من قبل جماعات مسلحة، حسبما جاء في تغريدة للسفارة الأميركية في بغداد السبت.
ووصف بيان السفارة الاغتيال بـ”المؤسف والجبان”، وقال إن اغتيال وترهيب الصحافيين والنشطاء المؤيدين للإصلاح في العراق “لا يمكن أن يستمر من دون عقاب”.
وحملت واشنطن الحكومة العراقية مسؤولية دعم حق العراقيين في حرية التعبير وحماية الصحافيين وضمان قدرة الناشطين على ممارسة حقوقهم الديمقراطية.
وشدد البيان على ضرورة العثور على الجناة وتقديمهم للعدالة.