العراق الخاسر الأكبر من تصفية الحسابات الإيرانية الأميركية

مراقبون يؤكدون أن عمليات التصعيد المستمرة بين أميركا وطهران ستحول العراق إلى ساحة تصفية حسابات في ظل حكومة ضعيفة ووضع أمني هش.
الخميس 2020/01/09
نصر مزيف، ووضع قاتم

بغداد – تثير التطورات الأخيرة التي يشهدها العراق بعد العملية الأميركية التي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني والردّ الإيراني على العملية من خلال قصف قاعدتين للقوات الأميركية في محافظات عراقية، مخاوف عدد من الخبراء والمحللين والمتابعين للشأن العراقي الذين يرون أن العراق الذي دخل حرباً دامية ضد إيران عام 1980 ولم يخرج أبداً من دوامة العنف منذ ذلك الحين، "سيبقى منطقة نزاع" بالوكالة إلى أجل غير معلوم.

ويرى خبراء أن العراق سيبقى في عين العاصفة التي هبت بفعل الضربة الأميركية وعمليات الانتقام الأخيرة الإيرانية، بعد التهديدات التي أعلنها القيادي البارز في ميليشيات الحشد الشعبي بالعراق قيس الخزعلي بتوجيه ضربة عراقية للقوات الأميركية لا تقل عن مستوى الرد الإيراني، انتقاماً لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني والقيادي العراقي أبو مهدي المهندس.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدد بتوجيه ضربة إلى إيران "أقوى من أي ضربة واجهتها من قبل" في حال تعرضت أهداف وأفراد أميركية إلى الخطر.

وتقول إيريكا غاستون من مركز نيو أميريكا فاونديشن"إن أي خفض تصعيد حقيقي غير مضمون، وبالتالي هناك خطر بأن تستمر عمليات الرد من الجانبين في العراق".

ويجد العراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك نفسه عالقا بين حليفيه الرئيسيين الخصمين بين بعضهما، الجارة إيران التي تتمسك بتوسيع نفوذها في العراق، والولايات المتحدة التي غزته في العام 2003 واحتلته لثماني سنوات.

وقال عضو معهد السلام بالولايات المتحدة رمزي مارديني لوكالة فرانس برس إن بغداد "يمكنها انتقاد الولايات المتحدة علانية، لكن ليس إدانة إيران، لأن هذا يمكن أن يجعلها تدفع الثمن غالياً أمام الرأي العام الوطني".

وتقول غاستون إن "قيام إيران بالبدء بإطلاق النار مباشرة على القوات الأميركية، لا يبعد فرضية قيام الحشد الشعبي أيضا بالانتقام لمقتل المهندس وهو ما سيساهم في عمليات التصعيد بالمنطقة.

ودعت هذه الفصائل إلى تشكيل جبهة موحدة ضد الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، فيما تتهمها واشنطن بالوقوف وراء عشرات الهجمات الصاروخية التي استهدفت جنوداً ودبلوماسيين خلال الأشهر الأخيرة.

تأتي هذه التطورات في ظل رفض عدد من العراقيين لهذه الانتهاكات من الطرفين الأميركي والإيراني معبرين عن استيائهم من تحويل بلادهم إلى ساحة حرب بين الأطراف المتنازعة.

ويرى متابعون للوضع بالمنطقة أن نيران أميركا وإيران ستلتهم  الشعب العراقي وممتلكاته، فالقواعد التي ضربت أو ستضرب هي قواعد عراقية وتوجد فيها قوات عراقية والأرض التي ستكتوي بلهيب هذا الصراع هي بلاد الرافدين.

ويرى مراقبون أن الأيام المقبلة ستكون صعبة على العراق في ظل الانقسام السياسي والشعبي في البلاد،  فالبرلمان منقسم على نفسه حيث يقف الشيعة وراء القرار الذي صدر بإخراج القوات الأجنبية بغياب الأكراد والسنة،  والشعب فهو الأخر منقسم، فمنهم من يرفض أي ضربة على أرض العراق لأي جهة في حين أن المؤيدين للأحزاب الحاكمة يؤيدون الضربات الإيرانية ضد القوات الأمريكية.