حفل ترفيهي في السعودية يسلط الضوء على سياسة الانفتاح

الرياض - رقص الآلاف على أنغام الموسيقى الشرقية والغربية في حفل عد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط في السعودية التي تعمل بشكل حثيث من أجل التغيير في المجتمع بعد سنوات من سيطرة المطاوعة على الحياة العامة للسعوديين.
وتشهد السعودية حملة انفتاح يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في موازاة عمل دؤوب من أجل تطبيق رؤية 2030 التي تخص التنويع في الاقتصاد وبناء اقتصاد ما بعد النفط. إضافة إلى مشاريع عملاقة اقتصادية في المملكة.
ومهرجان "ميدل بيست" نهاية الأسبوع الماضي، كان أكبر حفل تستضيفه المملكة التي لطالما اعتبرت متشدّدة في تطبيقها للشريعة الإسلامية.
وعلى غرار مهرجان وودستوك الشهير، ضجت الموسيقى لساعات متواصلة خلال ثلاثة أيام في أرجاء الموقع الذي بني خصيصا للحفل في الصحراء قرب الرياض، ورقصت نساء بعضهن دون عباءاتهن وأغطية رؤوسهنّ، مع الرجال في الهواء الطلق.
وأدّت راقصات ارتدين ملابس ضيّقة وصلات في مسبح زجاجي معلّق في الهواء، وقربهن راقصة كانت تمسك بحبل في قفص على شكل بالون.
وأعفي رئيس هيئة الترفيه السابق من منصبه العام الماضي بعدما تعرض لانتقادات من محافظين جراء ظهور نساء ارتدين الملابس ذاتها في عرض لسيرك. إلا أن هذه المرة بدا الوضع مختلفا.
كل شيء تغيّر
وقال صالح النجار وهو خبير في تكنولوجيا المعلومات يبلغ من العمر 30 عاما "لقد نشأنا مع المطاوعة (الشرطة الدينية) يحذروننا من أن الرجل الصالح يصلّي، ولا يذهب للحفلات ولا يستمع إلى الموسيقى".
وتابع "اما الآن، فقد تغيّر كل شيء".
وساهم في الترويج للمهرجان الموسيقي مجموعة من مشاهير تطبيق إنستغرام، بما في ذلك عارضة الأزياء في مجموعة فيكتورياز سيكريت آنجيل إلسا هوسك، والبريطانية جوردان دان.
والحفل جزء من حملات التغيير بقيادة ولي العهد، والتي شهدت السماح للنساء بقيادة السيارات، وإقامة الحفلات الموسيقية الصاخبة، وحتى السماح لمتاجر بإبقاء أبوابها مفتوحة في أوقات الصلاة.
وقال مرتضى العبوي إن "طريقة مكافحة التطرف تكون من خلال الانفتاح المتطرف".
رغم ذلك، يبدو أن هناك من يعارض هذه الاستراتيجية خصوصا في صفوف المحافظين.
والشهر الماضي، قام يمني بطعن أربعة ممثلين أسبان خلال عرض مسرحي في الهواء الطلق في الرياض، في هجوم ربطته وسائل الإعلام المحلية بتنظيم القاعدة. كما ألقى بعض السعوديين باللوم على الحفلات في قلة الأمطار.
ورأى كونتان دي بيمودان من معهد الدراسات الأوروبية والأميركية أن "الإسلاميين ليسوا وحدهم من ينتقد خطة الترفيه (...) إذ يبدو أنّ هناك مجتمعا على الانترنت" يقوم بذلك أيضا.
وتعدّدت خلال السنتين الماضيتين الفعاليات الثقافية في السعودية بشكل لافت، واتّخذ بعضها طابعا “جريئا” قياسا بالطبيعة المحافظة للمجتمع السعودي، غير أنّ الانتقادات لتلك الفعاليات، والهجوم عليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من وجهة نظر دينية وأخلاقية، أظهرت أنّ البلد لا يخلو من مراكز تشدّد وممانعة للتطوّر والانفتاح، ما سيتطلّب المزيد من العمل الفكري والتربوي لتفكيك تلك المراكز، فضلا عن الجهد الأمني الضروري لمواجهة التشدّد والإرهاب.