توتر محتمل بين روسيا وتركيا بسبب ليبيا

نشرت روسيا في الآونة الأخيرة قوات عسكرية إضافية في ليبيا لدعم قوات الجيش المتمركزة بشرق البلاد في خطوة قد تمثل مشكلة بالنسبة لتركيا التي تدعم الحكومة المتمركزة في طرابلس، وتكون سببا في توتر محتمل بين موسكو وأنقرة، وفق عدد الخبراء.
وفي أوائل نوفمبر، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن هناك تعزيزات روسية كبيرة في ليبيا. وقالت “أدخلت (موسكو) طائرات سوخوي المتقدمة ونسقت ضربات صاروخية وأدخلت المدفعية الموجهة بدقة وكذلك القناصة، وهي نفس قواعد اللعب التي جعلت موسكو صانعة للملوك في الحرب الأهلية السورية”.
وفي الوقت نفسه، تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني في طرابلس وساعدت مجموعة المقاتلين في صد حصار الجيش الوطني الليبي لطرابلس في الصيف الماضي. وقامت تركيا أيضا بتزويد حكومة الوفاق الوطني بطائرات بيرقدار تي.بي- 2 التركية الصنع وعربات بي.أم.سي كيربي المدرعة.
وتتابع تركيا بحذر التحركات الروسية. ورغم تضارب الآراء حول حجم الوجود العسكري الروسي في ليبيا وقوته، إلا أن أنقرة تعلم أن أي تدخل روسي لدعم الجيش الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، سيشكل تهديدا أكبر على حكومة الوفاق المتحالفة معها.
وقال أرنود ديلالاندي، خبير الدفاع والأمن المستقل الذي يتابع عن كثب الصراع في ليبيا، “ربما يكون هناك عدة مئات من المرتزقة الروس ينتمون إلى مجموعة فاغنر، لكن بعض المصادر تقول إن عددهم أقل من ألف”.
وأردف قائلا “لقد سمح الروس لقوات الجيش بالتقدم على الأرض… إنهم من أصحاب الخبرة ويقدمون المعلومات الاستخبارية والدعم والمهارات التقنية”.
وقال يوسف التاجوري، المحلل الليبي والمساهم في معهد أبحاث السياسة الخارجية، “حين لم يترجم تأثير القوات البرية الروسية إلى انتزاع سريع للأراضي من قبل قوات الجيش الليبي، فقد عززت الخطوط الأمامية بشكل كبير”.
وأضاف أن “الأسلحة الروسية الجديدة المصاحبة للقوات البرية ستفيد على الأرجح قوات الجيش الليبي في الخطوط الأمامية وقد تنهي الجمود المستمر… ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن إضافة قوات برية روسية كانت مستمرة منذ عدة أسابيع حتى الآن، دون تأثير يُذكر على الخطوط الأمامية”.
وقال ديلالاندي إن طائرات سوخوي المتقدمة لم يتم نشرها في ليبيا على عكس تقرير صحيفة نيويورك تايمز. وأضاف أن “سلاح الجو في الجيش الليبي لديه أسطول طائرات من طراز سو- 22 القديم فقط، لكنه بقي على الأرض منذ أشهر بسبب الاستخدام المكثف على جبهة طرابلس… ويبدو أن واحدة من الطائرات قد تم إصلاحها في الآونة الأخيرة وهي تحلق الآن بانتظام فوق طرابلس”.
وذهب في ذات السياق، أنطون مارداسوف، خبير الشؤون العسكرية غير المقيم في مجلس الشؤون الدولية الروسي، مشيرا إلى أن “روسيا دعمت حفتر بحذر في السابق. وقدمت الخبراء السياسيين الاستراتيجيين والعسكريين الذين قاموا بإصلاح المعدات”.
لكن استطرد مارداسوف قائلا “مع ذلك، فقد تغير الوضع هذا العام قليلا… وفقا لمعلوماتي، فقد عززت موسكو كتيبتها العسكرية في ليبيا”. وتابع “لكنهم (الروس) لا يشاركون في معارك نشطة، ومقاطع الفيديو القليلة التي تثبت مشاركتهم جودتها وأصلها يثيران الريبة”.
وتوقع كل من ديلالاندي والتاجوري أن ترسل تركيا المزيد من المعدات العسكرية إلى حكومة الوفاق الوطني. وقال ديلالاندي “سيستمر الأتراك في تزويد حكومة الوفاق الوطني بطائرات دون طيار وعربات… لكن تركيا لن تنشر المزيد من التكنولوجيا، لاسيما وأن أنظمة تشويش على الطائرات دون طيار مثبتة بالفعل حول مطار مصراتة”، الذي تسيطر عليه قوات الجيش الليبي.
وقال التاجوري إن “الموقف الأكثر ترجيحا عند استمرار الدور المتزايد في الدعم الروسي للجيش الليبي دون أي تدخل دولي، هو تكثيف تركيا دعمها لحكومة الوفاق الوطني في غياب الدور الذي تلعبه القوى الغربية عادة”. وأضاف أنه لا يتوقع أي رد فعل دولي إذا كثفت تركيا دعمها لحكومة الوفاق الوطني.
وتوقع كريم هاس، محلل الشؤون الروسية والتركية المقيم في موسكو، أن يستمر دعم موسكو للجيش الوطني ويتوسع. وقال هاس “إن الصراع المتعمق في امتلاك وتقاسم احتياطيات الطاقة المكتشفة حديثا والمخاوف الأمنية في المنطقة والتجربة السورية المدمرة كلها أمور تدفع روسيا إلى اللعب والاستمرار بقوة في ليبيا”.
وتابع قائلا “سيؤثر هذا بالتأكيد على العلاقات التركية الروسية لأن حكومة أردوغان على خلاف ليس فقط مع الجهات الفاعلة الرائدة في المنطقة بما في ذلك سوريا ومصر وإسرائيل واليونان ولكن أيضا مع المشير خليفة حفتر، شريك روسيا الأكثر أهمية في ليبيا”.
وأضاف “يبدو أن تركيا تخاطر بشدة بمصالحها في ليبيا ومنطقة شرق البحر المتوسط كما فعلت في سوريا من قبل”.
وكان اتفاق قد تم التوصل إليه في نوفمبر بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني في ليبيا يقول إن البلدين تربطهما حدود بحرية الأمر الذي اعترضت عليه اليونان وقبرص إذ قالتا إن الاتفاق يتجاهل مياههما الإقليمية.
وقال هاس إن الاتفاق أثار أيضا توترات في العلاقات التركية الروسية. وأضاف “على الرغم من أن روسيا لديها مصالح كبرى تتعلق بالأمن والتجارة والطاقة مع تركيا، إلا أن القضية الليبية تبرز كأداة جديدة محتملة لإفساد العلاقات بين موسكو وأنقرة”.
وخلال مقابلة مع محطة تي.آر.تي التي تديرها الدولة، قارن أردوغان دعم روسيا لسوريا بدعمها لليبيا. وقال أردوغان “آمل ألا يدع الروس حفتر لتصبح هناك سوريا أخرى”.