العراق يلجأ لاستيراد القمح رغم الحصاد القياسي

اعتبر محللون لجوء العراق لاستيراد القمح بعد أشهر من إعلان الاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي، مؤشرا على التخبط الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد في ظل فوضى وخراب القطاعات الاقتصادية منذ عام 2003 أدت إلى انتفاضة شعبية على السياسات الحكومية الفاشلة.
بغداد – كشف العراق، الأربعاء، أنه يخطط لشراء كمية من القمح العام المقبل لتفادي أي عجز محتمل في هذه المادة في السوق المحلية.
ويخطط المستورد الكبير للقمح في الشرق الأوسط للحصول على نحو 750 ألف طن من القمح من الأسواق الدولية.
ويأتي الإعلان في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة في بغداد أن الاحتجاجات في أنحاء البلاد، والتي امتدت إلى ميناء هام لا تعطل أي شحنات حتى الآن.
ويحتاج العراق ما بين 4.5 مليون وخمسة ملايين طن من القمح سنويا من أجل برنامجه لدعم الغذاء. ويخلط قمحا محليا مع حبوب من أستراليا وكندا والولايات المتحدة.
وفي إشارة إلى هدف استيراد شحنات من القمح في عام 2020، قال حسنين الزبيدي الرئيس الجديد للشركة العامة لتجارة الحبوب لوكالة رويترز إن هذا “ضمن ميزانيتنا التخطيطية للعام المقبل”.
وأوضح الزبيدي، الذي تولى المنصب كرئيس لمشتري الحبوب الحكومي في أكتوبر الماضي، أن بلاده لديها حاليا نحو 1.2 مليون طن من احتياطيات القمح الاستراتيجية، وهو ما يكفي لمدة ثلاثة أشهر.
وحل الزبيدي محل نعيم المكصوصي بعد أسبوع من اندلاع احتجاجات ضد الحكومة والمطالبة بالقضاء على الفساد. وقد امتدت الاحتجاجات، التي قتل فيها حوالي 400 متظاهر، إلى ميناء أم قصر المطل على الخليج.
لكن الزبيدي أشار إلى أن الشحنات يجري تفريغها بصورة طبيعية. وقال “لا توجد لدينا مشاكل حاليا في عملية تفريغ حمولات الحنطة (القمح) والأرز على متن البواخر في الموانئ العراقية”.
ويستقبل ميناء أم قصر واردات من الحبوب والزيوت النباتية وشحنات سكر إلى بلد شديد الاعتماد على الأغذية المستوردة.
وأكد الزبيدي أن العراق، الذي لديه احتياطيات استراتيجية من الأرز تكفي لمدة شهرين، وقع عقدا الأسبوع الماضي لشراء 120 ألف طن من الأرز الفيتنامي.
وقال إنه من المتوقع أن تبلغ مشتريات البلاد من الأرز من المزارعين المحليين 667 ألف طن هذا الموسم.
واللافت أن الحكومة اشترت عدة أطنان من القمح المحلي في موسم الحصاد الحالي، في قفزة كبيرة عن مستويات الإنتاج منذ عقود طويلة.
وأعلن وزير التجارة محمد هاشم العاني حينها أن الحكومة اشترت قرابة 4 ملايين طن من القمح من المزارعين المحليين وأنها ستحقق الاكتفاء الذاتي من ذلك المحصول الاستراتيجي.
وتطرح الشركة العامة لتجارة الحبوب، التي تتبع وزارة التجارة، مناقصات دولية بشكل دوري لاستيراد القمح والأرز من أجل برنامج دعم الغذاء الذي يغطي الطحين وزيت الطعام والأرز والسكر وحليب الأطفال.
وتم تدشين البرنامج لأول مرة في 1991 لمواجهة عقوبات اقتصادية من الأمم المتحدة.
وأشاعت كمية الأمطار القياسية التي تساقطت في البلاد هذا الموسم حالة من التفاؤل بين المزارعين، الذين سارعوا إلى زراعة مساحات شاسعة، لم يكن يزرع بعضها بالحبوب في المواسم الماضية بسبب حالات الجفاف.
لكن فرحة الكثير من المزارعين انقلبت إلى حالة من الاحباط بعد اندلاع مئات الحرائق الكبرى مع جفاف السنابل واقتراب موسم الحصاد.
وتركزت الحرائق في المحافظات التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم داعش وهي نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى وأجزاء من محافظة كركوك.
ورغم التحقيقات الكثيرة، ظل الجدل دائرا حول أسباب الحرائق التي توزعت بين أعمال تخريب من قبل فلول تنظيم داعش وجرائم انتقامية وحالات تماس كهربائي أو شرارات من معدات الحصاد المتهالكة.
وحاوت الحكومة التقليل من شأن الأزمة مؤكدة أن الحرائق التي تم إشعالها عمدا قليلة جدا وأن مساحات الأراضي، التي اجتاحتها الحرائق ضئيلة للغاية، وهو يتناقض مع شهادات المزارعين الذين فقدوا محاصيلهم.
ولا يزال الجدل يدور في الأوساط الشعبية بشأن النكبة التي تعرض لها المزارعون، بعد أن اقترض الكثير منهم أموالا لاستثمار الظروف المناخية المواتية والأمطار الغزيرة.