«الهكيكوموري» أو التقوقع ظاهرة تثير اهتمام العالم

طائفة “الهكيكوموري” ينتمي إليها حوالي نصف مليون شخص يغلب عليهم الانعزال التام والانسحاب من المجتمع مع ميل إلى العنف يصل إلى حد القتل.
الجمعة 2019/11/29
اختيار مرعب

طوكيو - صاح الرجل “سوف أقتلكم”. كان مسلحا بسكاكين، وهاجم محطة حافلات كان يقف عندها طلبة مدارس وكبار عزل. لقى طفل ووالده مصرعهما، ومن بعدها انتحر المعتدي البالغ من العمر 51 عاما. كان ينتمي لطائفة “الهكيكوموري”، هذا ما أعلنته لاحقا وسائل الإعلام اليابانية والعالمية معربة عن قلقها البالغ.

وعاد موضوع طائفة “الهكيكوموري” لبؤرة الاهتمام مرة أخرى، وهي ظاهرة كانت معروفة منذ عقود، بل وامتدت إلى أوروبا الغربية وبعض دول العالم  الأخرى.

وينتمي إلى هذه الطائفة ما يربو عن نصف مليون شخص، ويغلب عليهم الانعزال التام والانسحاب من المجتمع مع ميل إلى العنف يصل إلى حد القتل.

ومنذ أيام قليلة، قتل موظف سابق ابنه البالغ من العمر 44 عاما طعنا بسكين، بسبب مخاوفه من أن يقوم بالاعتداء على أشخاص آخرين، بسبب انخراطه في طائفة “الهكيكوموري”، بحسب ما أعلنه الأب، حينما سئل عن دوافعه لقتل ابنه.

وتسببت الواقعتان في صدمة كبيرة هذا العام للمجتمع الياباني، الذي يفتخر كثيرا بالأمن والأمان وبالتحضر وبالتحلي بالذوق العام في معظم سلوكياته.  وبينما في السابق كانت تضم فئات عمرية أصغر، أصبحت الآن يطلق عليها في اليابان “8050”، نظرا لأن غالبية الأبناء الذين ينتمون إليها في عمر الخمسين، بينما آباؤهم الذين يتولون الإنفاق عليهم ويعتبرون مسؤولين عنهم في عمر الثمانين.

ووفقا لتقديرات حكومة البلد الذي يحتل المرتبة الثالثة بين أقوى اقتصاديات العالم، يوجد في اليابان البالغ تعداد سكانها 127 مليون نسمة، نحو 613 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين الـ40 والـ64 عاما من طائفة “الهكيكوموري”، لكن المرجح أن عدد الأشخاص الذين ينسحبون تماما من المجتمع ويعيشون في عزلة تامة في منازلهم يتجاوز المليون نسمة. ويقدر خبراء أن العدد أكبر من ذلك بكثير ويتجاوز المليونين وربما أكثر من ذلك.

وبسبب التغطية التي قدمتها وسائل الإعلام اليابانية لموجة جرائم القتل الأخيرة، أصبح المتضررون الذين أصابتهم هذه الظاهرة يعتبرون فجأة “مجرمين محتملين”. هذا التطور جعل الخبراء والأخصائيين الاجتماعيين في حالة تأهب.

ويقول الأستاذ تاماكي سايتو من جامعة تسوكوبا “معدل الجريمة بين طائفة ‘الهيكيكوموري’، منخفض للغاية”. ومع ذلك، يخشى هو وغيره من الخبراء، فضلا عن منظمات الإغاثة، من أن ربط الجرائم بهؤلاء الأشخاص هو شيء آخذ في الازدياد بسبب سوء الفهم والأحكام المسبقة.

وقالت منظمة “KHJ” وهي جمعية وطنية للعائلات التي لديها أعضاء يتجنبون التواصل مع المجتمع “تشجع التقارير في اليابان حول هذه الجرائم على إصدار أحكام مسبقة وتعمل على إقصاء المصابين بها وعائلاتهم”، ويشكو الخبراء من أن الطريقة التي يتعامل بها الإعلام الياباني مع الموضوع تصرف الانتباه عن الأسباب الحقيقية لظاهرة “الهكيكوموري”.

وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من طوكيو، يوضح هيديو تسوجيوكا “هذا المجتمع لا يوفر إمكانيات للأشخاص الذين لا يريدون التكيف مع أنماط الحياة الثابتة. وبالتالي ليس لديهم خيار سوى الانسحاب منه”. ويشار إلى أن تسوجيوكا هو مؤسس ومدير منظمة “التوفو في الماء الساخن”، والتي تتعامل مع طائفة “الهكيكوموري”.

21