تهديدات إيران على طاولة المباحثات الإماراتية الأميركية

مثّلت الزيارة الأخيرة التي أداها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي إلى واشنطن ولقاؤه كبار المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم وزير الخارجية مايك بومبيو، فرصة جديدة للوقوف على تطابق مواقف البلدين في الكثير من الملفات الإقليمية الحارقة وعلى رأسها التهديدات الإيرانية المتصاعدة في المنطقة، علاوة على الملف الليبي وسبل البحث عن الآليات الكفيلة بإحلال السلام في هذا البلد.
واشنطن - اختتم الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، الجمعة زيارته الرسمية إلى واشنطن بلقاء كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية والكونغرس، وذلك بحضور يوسف مانع العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة.
ومثّل الملف الإيراني يما يكتنفه من مخاطر متصاعدة تهدّد أمن المنطقة أبرز محاور اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بعبدالله بن زايد في العاصمة واشنطن، في وقت تشهد فيه مدن إيرانية انتفاضة غضب شعبية بعد إعلان الحكومة عن زيادة كبيرة في أسعار الوقود في أوج أزمة اقتصادية.
وقال بومبيو، عبر حسابه في موقع تويتر، “التقيت وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، وناقشنا سويا الأنشطة الإيرانية التي تزعزع استقرار المنطقة وآثارها السلبية في المنطقة”.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أن “الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب الإيراني في كفاحه ضد نظام قمعي يكمم الأفواه بينما يعتقل ويقتل المحتجين”، معتبرةً أنه “يجب ألا تساعد أي دولة أو شركة النظام الإيراني في فرض الرقابة أو انتهاكات حقوق الإنسان”.
وتصاعد التوتر في منطقة الخليج منذ وقوع هجمات على ناقلات نفط في الممر المائي الحيوي لحركة الشحن العالمية هذا الصيف، من بينها هجمات قبالة الساحل الإماراتي.
وتزايدت انتهاكات إيران لأمن الملاحة البحرية على خلفية تورطها في استهداف منشآت نفطية لشركة أرامكو شرق السعودية. وألقت واشنطن بمسؤولية تلك الهجمات على إيران التي تنفي ضلوعها في أي منها.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران ثم شددتها منذ انسحابها من الاتفاق النووي في إطار حملة من “الضغوط القصوى” على طهران.
ودعمت الإمارات حملة الضغوط التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والهادفة إلى التصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وتولي الإمارات في الوقت نفسه أهمية للجهود الدبلوماسية ورؤية شركائها الدوليين من أجل خفض التوترات في المنطقة كخيارات أساسية لمعالجة الأزمات والصراعات في المنطقة والعالم.
وحض بومبيو الخميس، في تغريدة على تويتر بالفارسية والإنكليزية، المحتجين الإيرانيين على إبلاغ الولايات المتحدة بأي صور ومعلومات أخرى توثق “عمليات قمع” الاحتجاجات من جانب الحكومة.
وتعهد وزير الخارجية الأميركي بمعاقبة مرتكبي “الانتهاكات بحق المحتجين”.
ومن جهته اتهم الرئيس الأميركي الحكومة الإيرانية بقطع الإنترنت للتستر على ما يجري من “موت ومأساة” وسط موجة من الاحتجاجات التي عمت نحو مئة مدينة إيرانية خلال الأيام الماضية وأوقعت قتلى.
ونفذت واشنطن تهديداتها حيث فرضت عقوبات على وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد آذري جهرمي لدوره في فرض قيود واسعة على شبكة الإنترنت في إيران للتعتيم على الأحداث.
وأكد وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين في بيان أن “المسؤولين الإيرانيين يدركون أن وجود شبكة إنترنت حرة ومفتوحة في البلاد يكشف عدم شرعيتهم، لذلك يسعون إلى فرض قيود عليها، من أجل خنق التظاهرات المناهضة للنظام”.
وأوضح أن هذا الوزير خضع لعقوبات بسبب مسؤوليته في فرض قيود على إمكانية “الوصول إلى الإنترنت، بينها قيود على العديد من تطبيقات المراسلة الشعبية التي تساعد في أن يبقى الإيرانيون على تواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي”.
وبموجب العقوبات الجديدة، تجمد كافة الأصول المالية الخاصة بالوزير وفوائد العقارات التي يملكها في الولايات المتحدة إذا وجدت. ويمنع هذا القرار أيضا رعايا الولايات المتحدة أو شركاتها من التعامل مع الوزير.
وعلى صعيد آخر أكد بومبيو أن اللقاء الذي جمعه بعبدالله بن زايد تناول أيضا “الوجود الروسي، والوضع في ليبيا، والحاجة العاجلة إلى خفض التصعيد ووقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي”. ويرى مراقبون في علاقة بالملف الليبي، أن واشنطن تتجّه نحو التخلي عن مواقفها المتذبذبة حيال أزمة ليبيا بدعم التغيير في هذا البلد وذلك بالتزامن مع وجود مساع ليبية لتشكيل حكومة واسعة تتولى مرحلة انتقالية تخلص ليبيا من الميليشيات في العاصمة طرابلس.
ويرجع هؤلاء التغيّر النوعي الذي قد تسلكه واشنطن، بعدما دعت مؤخرا الجيش الوطني الليبي إلى إيقاف الحرب وهي رسالة تلقفتها حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج على أنها دعم أميركي لسياساتها، إلى الزيارة التي أداها عارف النايض، سفير ليبيا السابق لدى الإمارات، إلى الولايات المتحدة حيث التقى مسؤولين من مجلس الأمن القومي في واشنطن. ويشير هذا إلى ترجيح وجود تغيير في سياسات الإدارة الأميركية تجاه ليبيا.
وعلى صعيد آخر، بحث الطرفان الأميركي والإماراتي في اللقاء الذي جمعهما القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتناولت النقاشات أيضا التعاون بين الإمارات والولايات المتحدة في المجالات التي تحقق الازدهار الاقتصادي في البلدين بالإضافة إلى سبل ضمان الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وقال عبدالله بن زايد في تصريح في ختام زيارته ”إن دولة الإمارات والولايات المتحدة ترتبطان بعلاقات صداقة وطيدة وتحالف قوي وشراكة راسخة مبنية على قيم مشتركة وتطلعات لمستقبل آمن في المنطقة مبني على قيم التعايش السلمي والتسامح”.