أرامكو بين تحدي الإنفاق على الابتكار وضغوط الاكتتاب

الظهران (السعودية)- فتحت خطوة السعودية إدراج شركة أرامكو في البورصة باب النقاش في أوساط قطاع التكنولوجيا بين تحدي الإنفاق على الابتكار وضغوط الاكتتاب.
ومن الرجال الآليين، إلى الطائرات المسيّرة، زادت أرامكو الإنفاق على الابتكار التكنولوجي رغم تراجع أسعار النفط. لكن الاكتتاب العام للشركة وضغوط المستثمرين الراغبين بأرباح أكبر، قد يجبرانها على التراجع.
وتطرح السعودية جزءا من أسهم الشركة التي تعد عماد الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي في البلاد للبيع، في خطوة تشكل حجر الأساس لاستراتيجية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط.
ومن المتوقّع أن يؤدي تداول أسهم الشركة في السوق المالية المحلية ثم في بورصة أجنبية، إلى دعوات من قبل الشركات والأفراد لتحقيق أكبر هامش من الأرباح، وإن على حساب النفقات، ومن بينها تلك المرتبطة بالبحوث والتكنولوجيا.
وفي السنوات الأخيرة، زادت أكثر شركات العالم تحقيقا للأرباح إنفاقها على الابتكار، بعكس العديد من الشركات النفطية الأخرى التي اضطرت إلى تقليص هذا الإنفاق بسبب تراجع أسعار الخام.
وبحسب إدارة أرامكو، فإن إنفاق الشركة على البحث والتطوير بلغ 591 مليون دولار العام الماضي، مقابل 507 ملايين دولار قبل عام.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية الخبيرة في الشؤون النفطية السعودية إيلين والد قولها إن “البحث والتطوير يخلقان تقنية مفيدة لأرامكو لكن بعض المشاريع قد تكون أو لا تكون قابلة للتطبيق على الإطلاق من الناحية التجارية”.
وأضافت “لم تضطر أرامكو أبدا للرد على المستثمرين الذين تهمّهم النتائج الفصلية للشركة. عندما يتم الاكتتاب، سيتغيّر ذلك”. وأوضحت أنه من السهل تفهّم قلق البعض من احتمال وجود ضغوط لتقليص أو تغيير استراتيجيتها حيال البحث والتطوير نتيجة لذلك.
واستعرضت أرامكو قدراتها في مجال الابتكار التكنولوجي مؤخرا خلال جولة إعلامية في مقر الشركة في الظهران، حيث بنت مجمّعات سكنية ضخمة ومدارس ومراكز تجارية لموظفيها البالغ عددهم 15 ألفا، شبيهة بتلك الواقعة في ضواحي المدن الأميركية الكبرى.
وجلس المهندسون أمام أجهزة الكمبيوتر في مركز قيادة بين شاشات عملاقة تتتّبع تدفق النفط الخام من حقول النفط، عبر شبكة معقّدة من خطوط الأنابيب ومصافي التكرير، إلى ناقلات تصل في جميع أنحاء العالم.
وعرض الموظفون ابتكارات عديدة، من تقنية الحفر المعززة للإنتاج إلى الروبوتات والطائرات من دون طيار التي صُنعت باستخدام أدوات التنقيب.
وقال أحمد الخويطر، كبير مسؤولي قسم التكنولوجيا في أرامكو، إنّه “على مدى السنوات الخمس الماضية، زاد إنفاقنا على البحث والتطوير بأكثر من الضعف”. وأضاف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية “لقد فتح ذلك الباب أمام الاستثمار في مراكز البحث العالمية المستوى”.
وتقول أرامكو إنّ علماءها ومهندسيها البالغ عددهم 1300 في 12 مركزا للبحوث حول العالم، من بكين إلى ديترويت، يساعدونها على تقديم براءات اختراع جديدة كل عام. ويوضح المسؤولون أنّ الاستثمارات الواسعة النطاق ساعدت في ضخ النفط بكلفة ضئيلة مقارنة منافسيها من تحت الكثبان الرملية والبحار.
من المتوقّع أن يؤدي تداول أسهم الشركة في السوق المالية المحلية ثم في بورصة أجنبية، إلى دعوات من قبل الشركات والأفراد لتحقيق أكبر هامش من الأرباح
وبعد سنوات من التأجيل، قرّرت أرامكو رسميا الأحد الماضي إدراج جزء من أسهمها في السوق المحلية، بعد وقت قصير من إعلان هيئة السوق المالية السعودية الموافقة على تداول الأسهم.
وتعمل السعودية بكل طاقتها على إنجاح الاكتتاب، الذي يعد حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي “رؤية 2030” الذي يقوده ولي العهد.
ويسعى المسؤولون إلى استقطاب عشرات مليارات الدولارات لتمويل مشاريع ضخمة ضمن هذا البرنامج الطموح. لكن محلّلين تساءلوا ما إذا كان الاكتتاب يلعب دورا بناء بالنسبة إلى أرامكو نفسها، التي ينظر إليها على أنها عماد الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي.
وقالت نشرة إينرجي انتيليجنس مؤخرا إن أرامكو “مثال للإدارة الفائقة والكفاءة وهي الأفضل في الشرق الأوسط. ومن خلال طرح أرامكو للتداول، تخاطر الرياض بتعطيل الصيغة التي أنتجت بئرا ماليا في نهاية المطاف”.