أيهما أفضل التمارين المتقطعة عالية الكثافة أم المنخفضة

فرانكفورت (ألمانيا) - كثيرا ما يحلم الرياضي بالتمتع بلياقة عالية بأقل مجهود ممكن، وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق التمارين المتقطعة منخفضة الكثافة، والتي تعرف اختصارا باسم تمارين “ليت”. ولكن في البداية ما هي هذه التمارين، وما المزايا التي تقدمها مقارنة بالتمارين المتقطعة عالية الكثافة “هيت”؟
وللإجابة على مثل هذه التساؤلات أوضح البروفيسور هربرت لولجين، الرئيس الفخري للجمعية الألمانية للطب الرياضي والوقاية، قائلا، “في التمارين المتقطعة سواء كانت منخفضة الكثافة “ليت” أو عالية الكثافة “هيت” يتم التبديل ما بين مراحل الإجهاد والتحميل المعتدلة والمراحل الفاصلة الأكثر كثافة”.
ومن ضمن الأمثلة على تمارين “ليت” البسيطة الركض أو المشي لمدة ثلاث إلى أربع دقائق بشكل مريح ثم الإسراع لمدة دقيقتين. ويمكن تطبيق ذلك مع أنواع الرياضات الأخرى مثل ركوب الدراجات أو السباحة، كما ينطبق الأمر نفسه مع التمارين التي يتم أداؤها على جهاز التجديف أو حصيرة التمارين.
ويكمن الفرق بين النوعين من التمارين في أن تمارين “هيت” يتم التحميل فيها إلى أقصى درجة بنسبة تصل إلى 95 بالمئة، على العكس من درجة التحميل الأساسي في التمارين “ليت”، والتي تتراوح ما بين 50 و70 بالمئة. وبالنسبة إلى المراحل الفاصلة الأكثر إجهادا يمكن للمرء زيادة التحميل بنسبة أخرى من 10 إلى 15 بالمئة.
وبشكل عام يظل المرء في مستوى أقل من التمارين المتقطعة عالية الكثافة “هيت”. وأوضح طبيب القلب الألماني “مع تمارين ‘ليت’ لا يعاني المرء من الإجهاد التام بعد المرحلة الأولى، وهو ما يؤدي إلى فقدان الدافع لدى الكثيرين لمواصلة التمارين. كما أن الحماس يعتبر من الأمور الحاسمة عند ممارسة هذه التمارين إلى جانب معدل نبضات القلب، وبطبيعة الحال يختلف هذا الشعور من شخص إلى آخر”.
من تمارين "ليت" البسيطة الركض أو المشي لمدة ثلاث إلى أربع دقائق بشكل مريح ثم الإسراع لمدة دقيقتين
وليس معنى أن تمارين “ليت” أقل إجهادا من تمارين “هيت” الأقل كفاءة، حيث أكد طبيب القلب الألماني هربرت لولجين على أن الدراسات تشير إلى أنهما بنفس الكفاءة والفعالية تقريبا. وتساعد هذه التمارين على تقوية نظام القلب والأوعية الدموية، وتعمل على تعزيز اللياقة البدنية بشكل عام. ونصح الطبيب الألماني بممارسة تمارين قوة التحمل بشكل معتدل لمدة 150 دقيقة تقريبا كل أسبوع، بالإضافة إلى حصتين من تمارين تقوية العضلات، ويمكن البدء ببعض تمارين اللياقة البدنية المعتدلة.
وأضاف هربرت لولجين إلى أن التمارين المتقطعة منخفضة الكثافة “ليت” تتناسب أيضا مع الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية أو مرضى السكري، ولكن ذلك ينبغي أن يكون مع اتباع الإرشادات المناسبة. وهناك بعض الأندية الرياضية وصالات اللياقة البدنية التي تقدم مثل هذه الدورات التدريبية.
ويعد التدريب المتقطع عالي الكثافة من أحدث أنواع التدريبات التي تساعد على الحصول على لياقة متوازنة وقوية. ويقول المدربون إن تدريب “هيت” هو تمرين عالي الكثافة في وقت قليل، وله فائدة كبيرة في حرق الدهون بشكل سريع.
وأشاروا إلى أنّ برنامج التمرين يستمر على مدار شهرين كاملين، لمدة 5 أيام بالأسبوع وتستمر الحصة لمدة 16 دقيقة فقط وبعض الحصص تستمر لمدة 45 دقيقة. وهذا البرنامج التدريبي قادر على تحسين الصحة العامة، وليس خاصا أو موجها فقط للاعبي التنس وكمال الأجسام أو الرياضيين المحترفين، فهو مفيد جدًا لأي شخص يريد أن يحصل على جسد صحي ووزن مثالي.
خلال مرحلة التدريب المكثف، يقوم الجسم بحرق الكربوهيدرات بشكل أساسي للحصول على الطاقة الكافية، أما خلال مرحلة الانتعاش فيقوم الجسم بحرق الشحوم للحصول على الطاقة اللازمة لمساعدة الجسد في استعادة نشاطه بعد الجهد المكثف. يمكن لهذه العملية أن تستمر بعد التمرين لعدة ساعاتٍ مما يساعد في إنقاص الوزن طالما ترافق ذلك مع تناول الطعام الصحي.
وقال مارتن غبالا، أستاذ علم وظائف الأعضاء الخاص بالتدريبات الرياضية في جامعة ماكماستر في أونتاريو، كندا، والذي قضى عقودًا في دراسة الفوائد الصحية لنمط التدريب عالي الكثافة “أنا على اقتناع بأن هذه الطريقة هي الأقرب لما يمكن أن يُعد ‘قرص الدواء’ في ممارسة الرياضة، وهي متاحة للجميع، فقد أثبتت دراساتي أن بإمكانك الحصول على نفس الفوائد الصحية التي تجنيها من ممارسة ساعة من التمارين الهوائية الثابتة في دقيقة واحدة من التمرين الشاق”.

وأكد أن دراسات متعددة أثبتت أنه كلما زادت سرعة وصعوبة التمرين خلال فترات التمرين، زادت فعاليته وقلت المدة التي تحتاجها.
لكن تجدر الإشارة إلى أنه رغم أن الأشخاص الذين يمارسون هذا التدريب يعيشون فترة أطول وهم أقل عرضة للإصابة بالنوبات القلبية من الأشخاص الخاملين، أظهرت بعض الدراسات ازدياد خطر الإصابة بأزمة قلبية مفاجئة لفترة قصيرة أثناء وبعد وقت قصير من التمارين الرياضية القاسية.
كما أوضحت دراسة حديثة أن تأثير التمارين الرياضية الكثيرة يشبه تأثير الاحتراق النفسي، وذلك وفقا لنتائج الدراسة التي أجراها الباحثون والأطباء الرياضيون بمستشفى “بيتي سالبترير” في العاصمة الفرنسية باريس.
وقد سعى الباحثون من خلال هذه الدراسة إلى اكتشاف كيف يؤثر الإجهاد البدني على الدماغ، حيث تجاوز الرياضيون حدودهم القصوى في التمارين الرياضية لمدة ثلاثة أسابيع، وقد تم خلال هذه الفترة تسجيل الأداء البدني ومشاعر الإجهاد ونشاط الدماغ بصورة منتظمة، بالإضافة إلى إجراء بعض التجارب السلوكية.
وأظهرت نتائج التجارب استجابات مشابهة للاحتراق النفسي، حيث تمكن الأشخاص، الذين مارسوا رياضة قوة التحمل، بالكاد من التحكم في اندفاعاتهم مع نفاذ صبرهم بشدة، بالإضافة إلى إثبات الإرهاق الذهني المرتبط بالإجهاد البدني عن طريق الفحوصات. وقد ظهرت نتائج الإجهاد البدني بشكل خاص في منطقة الدماغ المسؤولة عن اتخاذ القرارات والتحكم المعرفي.