داود أوغلو يعلن القطيعة مع حزب أردوغان

التخلص من الأصدقاء القدامى تنذر بنهاية أردوغان سياسيا وتفكك حزب العدالة والتنمية.
الجمعة 2019/09/13
الدائرة تضيق على أردوغان

أنقرة - أعلن رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو استقالته من حزب "العدالة والتنمية"، وذلك بعد أيام من إحالته إلى لجنة التأديب مع طلب بفصله على خلفية الانتقادات اللاذعة التي وجهها إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي اتهمه بدوره بالخيانة في محاولة للتغطية على فشله.

وقال داود أوغلو خلال مؤتمر صحافي في أنقرة "حزب العدالة والتنمية، الخاضع لسيطرة مجموعة صغيرة، لم يعد قادرا على حل مشكلات بلدنا".

وأضاف "من الواضح أنه لا يوجد أي تقييم داخلي وأن قنوات المفاوضات أُغلقت وأنه لا يوجد أي احتمال لتغيير داخلي".

وأكد أنه "لحماية القاعدة المخلصة من حزب العدالة من حزن مشاهدة زعيمهم وهو يُعزل قررنا الاستقالة من حزبنا الذي أعطيناه أعواما من الكد والتوجيه".

وأشار رئيس الوزراء السابق إلى أن "بناء حركة سياسية جديدة أصبح مسؤولية تاريخية ملقاة على عاتقنا".

وجاء قرار خروج أوغلو من الحزب الحاكم بعد أن قررت اللجنة التنفيذية في العدالة والتنمية، بالإجماع إحالة أربعة أعضاء من الحزب إلى اللجنة التأديبية مرفقة بطلب لفصلهم نهائيا من الحزب، من بينهم رئيس الوزراء السابق.

ولا يقف الأمر عند دفع أصحاب الأفكار والمواقف إلى ترك الحزب والبحث عن هيكل جديد، بل تتوسع دائرة التخلص من "الأصدقاء القدامى المتنطعين" إلى حذف صورهم ومشاركاتهم في أنشطة العدالة والتنمية خلال سنوات الود.

وعلّق داود أوغلو على حذف صوره من مقاطع الفيديو الخاصة بذكرى تأسيس حزب العدالة والتنمية، بالقول "إذا بدأت أي حركة مسح تاريخها، فإنّ هذا يعني أنها تصفّي نفسها بنفسها".

وكان داود أوغلو قد صرح في رسالة موجهة إلى الرئيس التركي "إن الكثير من دفاتر الإرهاب إذا فتحت لن يستطيع أصحابها النظر في وجوه الناس".

وأضاف أن الفترة من الأول من يونيو وحتى الأول من نوفمبر من عام 2015، تعد أخطر وأصعب الفترات السياسية في تاريخ تركيا.

ويعد أوغلو من القيادات الوازنة في حزب العدالة والتنمية والمطلعة بشكل كبير على عدة ملفات من الحجم الثقيل يمكن أن تشكل كابوسا مزعجا لأردوغان في صورة خروجها إلى العلن.

وتقول الأوساط المقربة من العدالة والتنمية إن داود أوغلو يشير بشكل مباشر إلى أن أردوغان لعب ورقة الإرهاب لإخافة الشارع التركي ودفعه إلى الإقبال بكثافة على الانتخابات العامة التي جرت في 2015، والتصويت للحزب الحاكم، وإظهار أن أردوغان يحوز على ثقة الأتراك وهو ما وظفه كعنصر رئيسي لفرض تعديل الدستور وتتويج نفسه لاحقا رئيسا بصلاحيات غير محدودة.

وقد سبق الانتخابات التي أقيمت في نوفمبر 2015، أعنف هجوم إرهابي في تاريخ تركيا الحديث والذي وقع في 10 أكتوبر 2015، بعدما أسفر انفجار سيارتين مفخختين خارج محطة قطار بالعاصمة أنقرة عن 109 قتلى و500 مصاب.

انفضوا من حوله
انفضوا من حوله

ومن الواضح أن توظيف الإرهاب لم يستهدف فقط إخافة الأتراك، ولكن أيضا مثل ورقة ضغط داخلية في الحزب الحاكم خاصة في ظل اختلاف الاستراتيجيات بين أردوغان وبين فريق من المؤسسين أصحاب الوزن في العدالة والتنمية، وبينهم داود أوغلو، الذي تقلد حقيبة الخارجية ثم رئيسا للحكومة، وكذلك الرئيس السابق عبدالله غول.

وشن الرئيس التركي حملة شرسة على أوغلو واتهمه بالخيانة، ردا على انتقادات رئيس الوزراء السابق لسياسات أردوغان التي لم يعد من الممكن السكوت عنها وتفرده بالرأي، محملاّ إياه مسؤولية هزيمة الحزب الحاكم في الانتخابات البلدية وتدهور الاقتصاد التركي.

وكانت أكدت مصادر سياسية أن رئيس الوزراء السابق يعتزم تأسيس حزب جديد برفقة قيادات أخرى أعربت عن رفضها لتوجهات الرئيس التركي وما آلت إليه الأوضاع خصوصا بعد الهزيمة المدوية للحزب الحاكم في الانتخابات المحلية.

ويعيش حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا اليوم على وقع أزمة داخلية عميقة تنذر بتفككه، وسط تصاعد أصوات من داخل الحزب تنادي بضرورة وضع حد لسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ويرى أعضاء من داخل الحزب الحاكم أن الأزمات المتتالية التي تعصف بالبلاد على كل الأصعدة تعود إلى السياسات الخاطئة التي ينتهجها أردوغان وتفرده بالرأي.