قاعة دولاكروا في طنجة تعرض أعمال الحفر التشكيلي

التشكيل بالحفر أسلوب فني له اليوم رواده في الساحة الفنية المغربية، يدافعون عنه على اعتباره أسلوبا تعبيريا جماليا له عشاقه الذين يتلقونه بكل شغف، ومنهم من سافر لأجله إلى بلدان أوروبا لينهل من قواعد الاشتغال عليه، ثم احترافه في المغرب ليرفع عبره أعماله الفنية إلى مستوى عال من الجمالية والفنية في التشكيل، شكلا وموضوعا.
طنجة (المغرب) – وجد فن الحفر، الذي يصنف النقاد، البعضَ منه، ضمن مجموعة الاستنساخ الفني، إلى جانب السيريغرافيا وتقنيات الطباعة، في قاعة العرض “دولاكروا” بطنجة، شمال المغرب، مجالا رحبا لعرض بعض التجارب الهامة لفنانين من المغرب وخارجه.
وقاعة “دولاكروا” الحاضنة لأعمال الحفر، أطلق عليها المعهد الفرنسي للغة بطنجة، اسم الفنان الفرنسي فرديناند فيكتور أوجين دولاكروا (1798/1863)، صاحب لوحة سلطان المغرب مولاي عبدالرحمن، التي رسمها سنة 1845، والتي تُعد من روائع ما رسمته فرشاة هذا الفنان الموهوب، إلى جانب لوحته الشهيرة “الحرية تقود الشعب” التي رسمها عام 1830.
وفي تصريح لـ“العرب” أفادنا محمد الشهبي، التقني المكلف بالتواصل بإدارة معرض قاعة العرض دولاكروا في المدينة الشمالية للمغرب، أن ما يربو على مئة لوحة لفنانين تشكيليين، مغاربة وأجانب، جلهم جرّبوا وخبروا فن الحفر بشتى أنواعه، بدءا بالاستنساخي الطباعي ومنحوتاته البارزة والمنقوشة والمستخرجة من سطح المادة الأولية للعمل الفني الذي يشتغل عليها أي فنان مختص، سواء كانت صخرية، كلسية، خشبية أو معدنية، حيث يوحّدها الذوق الفني الذي يُسَخِّر له الفنان المواد لإبراز فكرة فنية ما.
ويوضح لنا الشهبي أن فن الحفر الذي تحتضن مجموعة من لوحاته قاعة “دولاكروا” منذ 12 أغسطس الماضي وحتى منتصف سبتمبر الجاري، يعتمد تقنية تحتاج إلى مجموعة من الأدوات الفنية، منها ما هو كيميائي ومنها ما هو طبيعي ما يستدعي حنكة وتجربة الفنان نفسه.
ويقول “الحفر الفني، هو فن الرسم بواسطة أداة حادة على لوح معدني أو غير معدني، يتم نسخ ما رُسم عليه، بعد طلائه بالصباغة، على ورق أو ثوب أو جلد أو غيره، حسب رغبة الفنان الذي يقوم بحفر عمله الفني حفرا فنيا يستخرج منه أثره الفني المُراد الوصول إليه من عمق المادة المسطّحة التي تم حفرها لتكون أساس طباعة للنسخ، فيكون عملا فنيا قائما بذاته يبرز من قاعدته ومادته الأولية”.
ويجمع معرض قاعة دولاكروا بمدينة طنجة المغربية عددا من الفنانين الشباب والشيوخ، الأحياء منهم والمتوفين، والذين لم تبق منهم سوى أعمالهم الفنية التي قام المعرض بجلبها وعرضها ليتعرّف عليها الجمهور، وهي أعمال فنية لقيت استحسانا لدى جمهور المهتمين بالفن التشكيلي وفنون الحفر.
ويطالب عبدالحي النوري، وهو من المهتمين بالفنون التشكيلية في المغرب، القيادات العربية، ليس في المغرب فحسب، بل في العالم العربي كله، بأن يهتموا بالفنون التشكيلية وأن يرعوها، لأنها فنون تربّي الذوق الجمالي لدى الأجيال الصاعدة، إذ يقول مشدّدا “الفن التشكيلي مثله مثل المسرح والموسيقى والشعر والقصة، عبارة عن قراءة صامتة في نص متحرّك وسط مجال فني جمالي تؤثثه الصباغة أو الحفر أو النقش أو أي أسلوب آخر من أساليب التعبير الفني التي لا تعد ولا تحصى”.
وللإشارة فإن معرض دولاكروا يعرض أعمال الفنانين المغاربة والأجانب الكبار والشباب، من ضمنهم عبدالكريم الوزاني، الحاصل على وسام الجمهورية الفرنسية من درجة فارس الفنون والآداب سنة 1999، وعبدالباسط بن دحمان، وسعد بن شفاج، وبوشعيب الهبولي، وديدي حجاج، ومحمد نبيلي، ومبارك البوحشيشي، ورحيمة العرود، والفنان الأميركي تيري كونور، ونظيره الإسباني رييرو إي أراغو، والبعض من أعمال الفنان العالمي رونو لإليروند.