فتور يصاحب دعوة حزب العمال إلى إسقاط حكومة بوريس جونسون

تقبّل معارضو استراتيجية رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون بشأن بريكست دعوة زعيم حزب العمال المعارض إلى سحب الثقة من الحكومة بفتور، ما يضع هذا السيناريو في خانة المستبعد. ولا يعني استبعاد سيناريو الانتخابات المبكرة صكا لحكومة جونسون التي تواجه مساعي إلى منعها من الانفصال عن الاتحاد الأوروبي عبر عرقلتها في البرلمان وهو سيناريو ممكن، وعليه إجماع من قبل المعارضة وحتى النواب المحافظين الذين لا يدعمون توجهات رئيس حكومتهم.
لندن – أثار مقترح زعيم حزب العمال المعارض في بريطانيا جيريمي كوربن بالدعوة إلى تصويت بحجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون، لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، ردود فعل فاترة.
ودعا كوربن الأحزاب الأخرى التي تخشى عواقب خروج فوضوي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى عدم منح الثقة لحكومة جونسون، والعمل على تعيين حكومة مؤقتة بديلا عنها.
وعرض أن يترأس الحكومة المؤقتة الجديدة التي تكون مدتها محددة، وذلك حتى يتمكن من مطالبة قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتأجيل التاريخ المحدّد لبريكست في 31 أكتوبر.
وقال في رسالة موجّهة إلى النواب المؤيدين لأوروبا والمعتدلين “سأسعى حينها بصفتي زعيما للمعارضة إلى الحصول على ثقة البرلمان من أجل حكومة لمدة محدّدة، بهدف الدعوة إلى انتخابات عامة وتأمين التمديد اللازم” لبريكست.
وأضاف “وفي تلك الانتخابات العامة، سيلتزم حزب العمال بالتصويت العلني على شروط مغادرة الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك خيار البقاء”.
ولم يحدد كوربن الموعد الذي ينوي فيه التقدم بطلب حجب الثقة عن الحكومة.
وعلّق متحدث باسم الحكومة البريطانية على اقتراح كوربن بالقول “سيلغي الاستفتاء ويدمر الاقتصاد، كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت الانتخابات العامة المقترحة ستفضي إلى وصول المزيد من الأحزاب الصديقة للاتحاد الأوروبي إلى البرلمان”.
وفي انتخابات البرلمان الأوروبي في شهر مايو الماضي، حقق حزب بريكست الجديد الذي يترأسه الشعبوي نايجل فاراج المرتبة الأولى في بريطانيا بحصوله على 30 بالمئة من الأصوات.
وحلّ الديمقراطيون الليبراليون والعمال في المركزين الثاني والثالث، في حين تمكّن المحافظون بصعوبة من احتلال المركز الرابع، ما ساهم في سقوط رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
وكان تعليق جو سوينسون زعيمة حزب “الديمقراطيين الأحرار” المعارض فاترا، وقالت إن كوربن “ليس الشخص الذي سيكون قادرا على بناء أغلبية ولو مؤقتة” في البرلمان. وكان نواب آخرون من المعارضة أكثر دعما للمقترح.
وقال جون ماكدونيل وزير الخزانة في حكومة الظل لحزب العمال إن خطة كوربن “هي أضمن وسيلة لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق”.
ويعود أعضاء البرلمان من عطلتهم الصيفية في الثالث من سبتمبر، وسيدخلون في معركة في ما يتعلق بالخروج من الاتحاد، من شأنها أن تحدد مصير خامس أكبر اقتصاد في العالم.
وتعهّد جونسون بتحقيق بريكست الذي أُرجئ موعده مرّتين، والمقرر أن يدخل حيّز التنفيذ في 31 أكتوبر وإن اقتضى ذلك الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، ما لم تقبل بروكسل إعادة التفاوض على بند الحدود الأيرلندية.
ويتخوّف قيّمون على الاقتصاد البريطاني والصناعات الكبرى من أن يؤدّي خيار “بريكست من دون اتفاق” إلى فوضى على الحدود وخضّات مالية عالمية على المدى القريب.
ويرفض الاتحاد الأوروبي إعادة التفاوض على الاتفاق الذي أبرمته العام الماضي رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي مع بروكسل، والذي يعتبره جونسون ومناصروه مجحفا.
ومن شأن الانفصال التام للمملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي أن يسمح للندن فورا بإطلاق مفاوضات من أجل التوصّل لاتفاق حول التجارة الحرة مع الولايات المتحدة.
وأكد القادة الأوروبيون أن اتفاق الانسحاب، الذي يجدد شروط خروج بريطانيا بعد 46 عاما من العضوية، نهائي، إلا أنهم مستعدون لإعادة فتح المناقشات حول العلاقة المستقبلية الموجودة في “الإعلان السياسي” المرفق بالاتفاق.
ويطالب جونسون بإعادة النظر في بند شبكة الأمان الذي يحدّد العلاقات بين أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي وأيرلندا الشمالية التابعة للملكة المتحدة.
وينصّ الترتيب المثير للجدل بشأن “شبكة الأمان” أو “باكستوب” على إبقاء كامل المملكة المتحدة في اتحاد جمركي لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد.
ويرى جونسون أن تهديد الخروج الفوضوي من الاتحاد الأوروبي سيجبر بروكسل على الإذعان ومنح لندن شروطا أفضل ستتيح لها إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى عالمية مثل الصين والولايات المتحدة.
ويتمحور حلّ جونسون بشأن هذه الحدود حول اقتراحات رفضها الاتحاد الأوروبي والقادة الأيرلنديون لأنها إما غير قابلة للتطبيق وإما غير كافية.
وتتوقع السيناريوهات الأكثر تشاؤما بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، والتي تستند دائما إلى رؤى وتصورات غير محددة، توقفا لرحلات نقل الركاب، وطوابير هائلة عند نقاط الجمارك، ومواجهة الشركات لعراقيل بسبب الفوضى البيروقراطية.
وبخلاف ذلك، فإن قواعد الاتحاد الأوروبي لن تكون بعد ذلك قابلة للتطبيق في بريطانيا، التي سوف تنسحب من ترتيبات مشتركة مثل قواعد الملاحة الجوية المشتركة أو الصفقات التجارية مع دولة ثالثة.
ويمكن أن يواجه المواطنون البريطانيون الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي ومواطنو الاتحاد في بريطانيا حالة من عدم اليقين بشأن أوضاعهم.