تحالف لبناني مصري قبرصي لمواجهة التجاوزات التركية

منتدى غاز المتوسط يعزز دور القاهرة في مجال استثمار حقول النفط والغاز في البحر المتوسط.
الخميس 2019/07/25
منصة مصرية لتجارة غاز المتوسط

تتجه مصر ولبنان وقبرص إلى إقامة تحالف لتعزيز التعاون في مجال استثمار حقول النفط والغاز في البحر المتوسط وحماية حقوقها في مياهها الإقليمية بعد تسجيل اكتشافات كبيرة. ويرى محللون أن التحالف يهدف أيضا لتشكيل جبهة لمواجهة الأطماع التركية في تلك الثروات وخاصة في المياه الإقليمية القبرصية.

بيروت - أعلنت وزيرة الطاقة والمياه اللبنانية ندى البستاني خلال ورشة عمل مع هيئة إدارة قطاع البترول أن بلادها تجري اتصالات مع مصر وقبرص
حول إمكانات التعاون في قطاع النفط والغاز.

وأشارت في الورشة التي عقدت في وقت سابق هذا الأسبوع إلى أن “التواصل مستمر مع مصر من أجل التعاون في مجال الطاقة لاسيما استثمار وتنشيط خط الغاز العربي”. وخط أنابيب الغاز العربي هو خط لنقل الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن وسوريا ولبنان.

ويتزامن الإعلان اللبناني مع التحضيرات في القاهرة لانعقاد منتدى غاز شرق المتوسط المقرر اليوم الخميس بمشاركة وزراء البترول والطاقة في كل من قبرص واليونان والأردن وإسرائيل وفلسطين وإيطاليا.

ويمهد المنتدى لدور مصر الإقلي مي كمركز لتجميع وتصدير إمدادات الغاز من دول حوض المتوسط، بعد إبرام اتفاقات مع إسرائيل وقبرص يمكن أن تتبعها اتفاقات أخرى مع لبنان وليبيا.

ويأتي ذلك في إطار مشروع أوسع لإدارة صادرات العديد من المنتجين وخاصة في حوض شرق البحر المتوسط.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أمس إن “إسرائيل ستبدأ تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في غضون 4 أشهر، بعد استكمال اتفاق شراء حصص في خط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط بين البلدين خلال أسابيع”.

ندى البستاني: التواصل مستمر مع مصر لتنشيط خط الغاز العربي
ندى البستاني: التواصل مستمر مع مصر لتنشيط خط الغاز العربي

وحققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز مؤخرا وبدأت برسم خطط التصدير، التي من بينها اتفاق للعودة لتصدير الغاز إلى الأردن.

ويبدو أن بيروت تسعى إلى استغلال هذا المنتدى لإعطاء زخم أكبر لحملة الترويج المتعلقة بجولة تراخيص ثانية للتنقيب عن النفط والغاز في خمس رقع بحرية على سواحلها الإقليمية.

وكانت السلطات اللبنانية قد وافقت في أبريل الماضي على إطلاق دورة تراخيص الغاز البحري الثانية. وقد حددت أواخر يناير المقبل موعدا نهائيا لتقديم العروض.

وظل تطوير موارد الطاقة البحرية طموحا محوريا للحكومات المتعاقبة في لبنان الذي يواجه أزمة سيولة لكن حالة الجمود السياسي تسببت في تأجيل ذلك لأعوام فضلا عن النزاع مع إسرائيل بشأن الحدود البحرية في نطاق بعض مناطق التنقيب.

ومنحت السلطات أول ترخيص للتنقيب عن النفط والغاز في مياه البلاد الإقليمية وإنتاجهما العام الماضي لكونسورتيوم يضم توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتك الروسية، والذي يسعى لحفر أول بئر بنهاية العام الحالي.

ويقع لبنان على حوض الشام في شرق البحر المتوسط حيث اكتشفت حقول بحرية كبيرة للغاز منذ العام 2009 في المياه القبرصية والمصرية والإسرائيلية.

وحاولت الحكومات المتعاقبة بدء أول عمليات التنقيب البحري في العام 2013، لكن المشكلات السياسية تسببت في تأجيل ذلك حتى العام 2017.

ويقدر المسؤولون حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من الغاز بما يصل إلى حوالي 96 تريليون قدم مكعبة ومن النفط بنحو 850 مليون برميل.

وتلك الكميات غير مؤكدة لكن حتى القليل منها قد يكفي لإحداث تحول بالنسبة لبلد يقطنه نحو أربعة ملايين نسمة وأكثر من مليون نازح سوري.

وعلى صعيد التعاون مع قبرص، أعلنت البستاني عن محادثات تجريها وزارة الطاقة بالتنسيق مع وزارة الخارجية وهيئة إدارة قطاع البترول مع قبرص للتوصل إلى اتفاقية إطار ثنائية لاستخراج المشتقات النفطية من المكامن المشتركة بين البلدين.

ويقول محللون إن الخطوة ستقوّض خطط تركيا الساعية إلى التنقيب عن الغاز في السواحل الإقليمية لقبرص، في ظل تلويح الاتحاد الأوروبي بمعاقبة أنقرة إذا واصلت عملياتها هناك.

ومنذ فترة، حولت قبرص أعمال التنقيب عن النفط والغاز إلى المنطقة الاقتصادية التي أعلنت إنشاءها من جانب واحد، وهو ما اعتبرته تركيا “أمرا غير مقبول”.

وكانت تركيا قد أرسلت في أكتوبر الماضي سفينة “فاتح” للقيام بأول عملية تنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط بالمياه الواقعة قبالة سواحل قبرص.

وفي الشهر الماضي، انضمت سفينة “يافوز”، التي كان من المفترض أن تبدأ أعمال التنقيب مطلع يوليو الجاري إلى سفينة التنقيب التركية “فاتح”.

ولا تسيطر الحكومة القبرصية المعترف بها دوليا سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة، بينما يخضع الشطر الشمالي لاحتلال تركي منذ عام 1974 ولا تعترف به سوى أنقرة.

ووقعت قبرص في السنوات الأخيرة عقود تنقيب عن النفط والغاز مع شركات عالمية عملاقة مثل إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وإكسون موبيل الأميركية.

Thumbnail

ويرجح خبراء توصل بيروت إلى اتفاقات مع مصر وقبرص خلال الفترة المقبلة مع تقلص هوامش تحرك لبنان في ظل الفوضى الاقتصادية التي أتت على كل شيء تقريبا.

وقد أكدت البستاني في هذا المضمار التزام الحكومة ووزارة الطاقة بمتابعة بناء قطاع البترول على أسس شفافة، تساهم في جذب الشركات العالمية
إلى الاستثمار في المياه البحرية اللبنانية.

ومر قطاع البترول اللبناني بعدة مراحل بعد قرار الحكومة بإلزام الرقعتين البحريتين 4 و9 بنتيجة جولة التراخيص الأولى التي تمت قبل عامين وصولا إلى إطلاق جولة التراخيص الثانية في العام الجاري.

ولفتت البستاني إلى أن أنشطة الاستكشاف، التي بدأت في الرقعة رقم 4 حيث سيقوم المشغل بحفر البئر الاستكشافية الأولى نهاية العام 2019 على أن يستتبع ذلك بحفر بئر استكشافية أخرى في الرقعة رقم 9 العام المقبل.

واعتبرت أن الغاز الطبيعي المتوقع اكتشافه في المياه البحرية اللبنانية يشكل حجر الزاوية لخطة لتطوير قطاع الكهرباء كانت الحكومة أقرتها أخيرا.

ويعاني لبنان من مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء، لكن من شأن العثور على آبار من الغاز والنفط التخفيف بشكل كبير من مشاكله الاقتصادية وديونه المتراكمة.

وبحسب بيانات وزارة المالية اللبنانية، ترزح البلاد تحت دين عام يبلغ 85 مليار دولار، بما يقارب نحو 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، في وقت تعاني فيه البلاد من ركود اقتصادي غير مسبوق.

10