حملة تركية لطرد اللاجئين السوريين

إسطنبول - أمهلت سلطات محافظة إسطنبول الاثنين حتى 20 أغسطس السوريين المقيمين بشكل غير قانوني في المدينة للمغادرة، فيما بدأت وزارة الداخلية التركية حملةً لطرد السوريين منذ عدة أيام.
وتحاول حكومة رجب طيب أردوغان، المتهمة بالتراخي تجاه استقبال اللاجئين، إظهار المزيد من الحزم حول المسألة، فيما كانت قد روجت لاستقبال السوريين في تركيا تحت شعار “التضامن الإسلامي”.
وأكدت محافظة إسطنبول في بيان أن أكثر من 547 ألف سوري يعيشون في إسطنبول “في إطار” نظام “الحماية المؤقتة” بعدما هربوا من سوريا نتيجة النزاع، لكن بالنسبة إلى “الداخلين” إلى تركيا “بطريقة غير شرعية”، فسوف تستمر “أعمال إلقاء القبض عليهم وإخراجهم من البلاد”.
ولجأ إلى تركيا أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري، هربوا إليها نتيجة الحرب، أكثر من أي بلد آخر في العالم.
وبحسب بيان لمحافظة إسطنبول نشر بالتركية والعربية، سيتم إرسال السوريين المسجلين كلاجئين في مناطق غير إسطنبول لكن يعيشون فيها إلى تلك المناطق التركية، أما غير المسجلين على الإطلاق فسيتم طردهم من تركيا.
وعززت قوات الأمن التركية عمليات التحقق من الهويات في الأيام الأخيرة في إسطنبول، خصوصا في محطات المترو والحافلات وفي الأحياء التي تتركز فيها أعداد كبيرة من السوريين.
وأفادت دراسة نشرتها جامعة قادر هاس في إسطنبول الأسبوع الماضي بأن نسبة الأتراك المستائين من وجود السوريين ارتفعت من 54.5 بالمئة إلى 67.7 بالمئة في 2019.
وشهدت حملة الانتخابات البلدية هذا العام انتشارا للخطاب المعادي للسوريين على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال وسم “السوريون ارحلوا”.
وتشهد مختلف المدن التركية انتشار موجة رهاب الأجانب، وتحديدا السوريين، مع ازدياد المشاعر المعادية لهم في تركيا، حيث ينتقد المواطنون الأتراك اللاجئين السوريين باعتبارهم عاملا رئيسيا في زيادة أسعار الإيجارات وسببا في خفض أجور سوق العمل وفي ارتفاع التوترات الاجتماعية.
وبدأت النتائج العكسية لسياسات أردوغان تلقي بظلالها لا فقط على الرئيس التركي وحزبه الحاكم “العدالة والتنمية”، بل جرّت وراءها أيضا العديد من الضحايا، ويأتي في المقدمة اللاجئون السوريون في تركيا، الذين تحولوا من “ضيوف” إلى “أعداء”. ولم يعد باب تركيا “مفتوحا” للاجئين كما كان من قبل، وحتى الرئيس التركي نفسه بدأ يغير لهجته في الحديث، وبعد أن كان السوريون “إخوة وأخوات في الدين” و”أصدقاء” و”ضحايا” يحتاجون إلى استقبالهم لأسباب “إنسانية”، أصبحت الحاجة ملحة لعودتهم إلى ديارهم.
وقال أردوغان في أحد تصريحاته، قبيل الانتخابات الأخيرة في تركيا، في مسايرته لموجة الغضب الشعبي من اللاجئين السوريين، “نريد من إخواننا وأخواتنا من اللاجئين أن يعودوا إلى أرضهم ومنازلهم. لا يمكننا أن نبقي 3.5 مليون شخص هنا إلى الأبد”.
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية سنة 2011، اعتمدت تركيا سياسة “الباب المفتوح” في ما يتعلق باستقبال اللاجئين السوريين. وعملت الحكومة التركية على الترويج لهذه السياسة الليبرالية عبر خطاب إنساني يلمح إلى أن اللاجئين السوريين في تركيا هم ضيوف استقبلتهم البلاد. وانطلى هذا الخطاب على الشعب التركي في البداية.
في تلك الفترة، استثمر أردوغان قضية اللاجئين بشكل كبير وعلى مختلف الأصعدة، فوظفها كورقة في حملة الانتخابات وفي الترويج لصورة أنقرة في الخارج، فتحدث عن تجنيس اللاجئين السوريين وعن إدماجهم في المجتمع ودورهم في تنمية الاقتصاد التركي، واستغل ورقة اللاجئين لتبرير العملية العسكرية في عفرين، حيث قال إن أحد الأهداف الرئيسية للعملية العسكرية في عفرين تمكين اللاجئين من العودة إلى ديارهم، على الرغم من أن معظم اللاجئين في البلاد ينحدرون من أماكن أخرى في سوريا.
واليوم يدفع اللاجئون السوريون ثمن هذه السياسات. كانت تركيا، مثلها مثل جزء كبير من المجتمع الدولي، تتوقع أن نظام الأسد لن يدوم طويلا. لذلك، أعلنت الحكومة في أنقرة سياسة “الباب المفتوح” تجاه اللاجئين الفارين من سوريا في أكتوبر 2011. لكن، عندما تراكمت أعداد اللاجئين، ظهرت مشكلة كانت مخفية عن أنظار الحكومة التي اكتشفت انزعاج المواطنين الأتراك من المهاجرين وعدم استعدادهم لتحملهم.