القاهرة تضع الاقتصاد أخيرا على سكة الخروج من الأزمات

إشادات دولية بسرعة تنفيذ الإصلاحات الصعبة، والبنك الدولي يؤكد تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي بدرجة كبيرة.
السبت 2019/07/20
الاقتراب من نقطة التوازن

حملت بيانات الاقتصاد المصري للعام المالي الذي انتهى الشهر الماضي، مفاجآت كبيرة تؤكد أن القاهرة نجحت أخيرا في وضع الاقتصاد على سكة الخروج من الأزمات المزمنة بفضل الإصلاحات الشجاعة، التي تمكنت من استئصال “الأورام الخبيثة”، رغم أنها كانت قاسية على معظم المصريين.

القاهرة - أظهرت حزمة البيانات التي أعلنتها الحكومة المصرية في الأيام الماضية أن الاقتصاد بدأ يخرج من عنق الزجاجة بعد أن سجل في العام المالي المنتهي في يونيو الماضي أعلى معدل نمو منذ 2010، إضافة إلى تحقيق أول فائض في الموازنة منذ ذلك الحين.

وأكد اقتصاديون أن الأرقام تعطي الحكومة شهادة كبيرة على شجاعتها في الإقدام على العلاجات الصعبة التي طال التهرب منها وتنفيذها وفق جدول زمني شفاف بموجب اتفاق مع صندوق النقد الدولي تضمن قرضا بقيمة 12 مليار دولار.

ومن أبرز المؤشرات الإيجابية على تحسن النشاط الاقتصادي انخفاض البطالة بدرجة كبيرة لتصل في ديسمبر الماضي إلى 8.9 بالمئة مقارنة بنحو 10.6 بالمئة قبل عام، مع تسارع وتيرة خلق فرص العمل.

وتستهدف الحكومة خفض معدل البطالة في العام المالي الحالي إلى 8.1 بالمئة مع استكمال الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي بموجب القرض الذي حصلت عليه القاهرة قبل 3 سنوات والبالغ 12 مليار دولار.

مصطفى مدبولي: نريد تحقيق نتائج أكبر تتماشى مع طموحات المصريين
مصطفى مدبولي: نريد تحقيق نتائج أكبر تتماشى مع طموحات المصريين

ومن المنتظر أن يصوت صندوق النقد الأسبوع المقبل على صرف الشريحة الأخيرة من القرض، وقدرها مليارا دولار.

واستطاعت القاهرة كبح انفلات التضخم ليتراجع في يونيو الماضي إلى 9.4 بالمئة بعد أن بلغ أعلى مستوياته في ثلاثة عقود بعد قرار تعويم الجنيه حين بلغ في أبريل 2017 نحو 31.5 بالمئة.

وشملت الإصلاحات تحرير أسعار صرف العملة المحلية، وسن ضريبة القيمة المضافة وإلغاء الدعم على معظم منتجات الوقود.

وتدفقت الإشادات من المؤسسات الدولية، التي أكدت أن الإصلاحات السريعة المنفذة منذ نوفمبر 2016 وضعت الاقتصاد على سكة الخروج من دوامة الأزمات، لكنها أشارت إلى أن إجراءات التقشف والتضخم تسببت في معاناة الكثير من المصريين.

وأكد البنك الدولي هذا الأسبوع تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي بدرجة كبيرة، لكنه قال إن الحكومة “تواجه صعوبات في إيجاد التمويل الضروري للتحول صوب سياسة تركز على رأس المال البشري”.

وأوضح خبراء البنك في تقرير حول وضعية الاقتصاد المصري أن القاهرة لم تتمكن حتى الآن من تخفيف التأثيرات الاجتماعية لتلك الإصلاحات إلا بدرجة جزئية.

وشدد البنك على ضرورة أن يركز “الجيل الثاني من الإصلاحات على تحقيق تكافؤ الفرص والسماح للقطاع الخاص بالمزيد من المشاركة في الاقتصاد، وفق قواعد تنظيمية عادلة وشفافة للمنافسة والتمكين الاقتصادي”.

وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد أكد خلال مؤتمر صحافي عقده في وقت سابق هذا الأسبوع أن الاقتصاد المصري يسير على الطريق السليم بعد نمو بنسبة 5.6 بالمئة في السنة المالية 2018-2019 التي انتهت الشهر الماضي.

وأشار إلى تحقيق الموازنة أول فائض مالي منذ العام 2010 بلغت نسبته اثنين بالمئة، إضافة إلى انخفاض حاد في معدل التضخم بعد الانتهاء من مرحلة العلاجات القاسية والضرورية، التي وضعت الاقتصاد على طريق التعافي.

وأضاف بالقول أمام الصحافيين “نريد أن نحقق أرقاما أكبر. نريد أن نحقق أحلامَ وطموحات المواطن المصري أكثر من هذا وأسرع من هذا”.

مؤشرات العام المالي الماضي

  • 5.6 بالمئة معدل النمو الأعلى منذ 2010
  • 2 بالمئة فائض مالي هو الأعلى في 8 سنوات
  • 8.2 بالمئة عجز الموازنة انخفاضا من 9.7 بالمئة
  • 18 بالمئة تراجع الدين العام في عام واحد
  • 8.9 بالمئة معدل البطالة بعد بلوغه 10.4 بالمئة
  • 9.4 بالمئة معدل التضخم بعد تراجع كبير

وتشير البيانات الرسمية إلى أن عجز الموازنة انحسر إلى نحو 8.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ليبلغ نحو 26 مليار دولار، وهو ما يقل عن التوقعات الحكومية السابقة ويمثل انخفاضا كبيرا عن السنة المالية السابقة، التي بلغ فيها نحو 9.7 بالمئة.

وقال وزير المالية محمد معيط في نفس المؤتمر الصحافي إن “تلك النتائج المالية هي الأفضل منذ أكثر من عشر سنوات. وأكد أن الحكومة تستهدف مواصلة خفض نسبة العجز الكلي في السنة المالية الحالية والسنوات المقبلة.

وأشار إلى أن إجراءات الضبط المالي ومعدلات النمو المحققة ساهمت في خفض دين أجهزة الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف “أننا نستهدف الوصول بمعدلات النمو في الموازنة الحالية، إلى أكثر من 6 بالمئة”، مؤكدا أن هيكل النمو تحسن وأصبح أكثر استدامة وتنوعا.

وتقدر السلطات المصرية الناتج المحلي الإجمالي بنحو 235.4 مليار دولار، وهو ثالث أكبر اقتصاد بين الدول العربية بعد السعودية والإمارات.

ومن ملامح تعافي الاقتصاد تراجع نسبة الدين العام إلى ما يعادل 90.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي من نحو 108 بالمئة في العام المالي السابق.

وتهدف الحكومة إلى خفضه خلال السنة المالية الحالية إلى 82 بالمئة على أن يصل إلى مستوى 70 بالمئة في السنة المالية المقبلة.

وساهمت إجراءات ترشيد دعم الطاقة في خفض فاتورة دعم الطاقة، وهو ما سمح بوجود مساحة مالية للإنفاق على برامج الدعم النقدي والحماية الاجتماعية وبرامج التنمية البشرية وزيادة الاستثمارات الحكومية.

واتخذت الحكومة في وقت سابق الشهر الحالي قرارا بتنفيذ المرحلة الأخيرة من خفض دعم الوقود، وهو ما أدى إلى زيادة الأسعار المحلية بين 16 و30 بالمئة لتنسجم مع التكلفة الحقيقية.

وخلال العام المالي الماضي، زادت نسبة الاستثمارات الحكومية الممولة من الخزانة العامة في إطار تنفيذ خطة الدولة للارتقاء بمستوى الخدمات العامة وتطوير البنية التحتية.

وأشار معيط إلى أن نسبة مساهمة الاستثمارات الخاصة والحكومية بلغت حوالي 45 بالمئة من النمو المتحقق، تليها نسبة مساهمة الصادرات بنحو 34 بالمئة.

وتؤكد القاهرة أن تقوية الصناعة هدف استراتيجي للحكومة وأنها سوف تعمل على تعزيز دور التصنيع وزيادة قدرته التنافسية من أجل خفض الواردات وتحسين الميزان التجاري.

وبدأت مصر في عام 2016 برنامجا للإصلاح الاقتصادي، ووقّعت على اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لدعم برنامج الإصلاح بقيمة 12 مليار دولار.

ويصل إجمالي ما حصلت عليه القاهرة منذ توقيع اتفاق القرض إلى 10 مليارات دولار، وتتبقى دفعة أخيرة بملياري دولار ستتسلمها مصر قبل نهاية العام الجاري.

وتستهدف مصر اقتراض ما بين 4 و7 مليارات دولار خلال العام المالي الجديد الذي بدأ في يوليو الجاري.

ويمكن أن تتضمن عملية الاقتراض طرح سندات خضراء تخصص للمشاريع البيئية والمناخية وصكوك إسلامية، إلى جانب إصدار سندات دولية بالعملة الصينية واليابانية.

وستتراوح حصيلة السندات الخضراء بين 250 و500 مليون دولار، كما أنه من المتوقع جمع مبالغ مماثلة من خلال طرح سندات بالين الياباني وباليوان الصيني.

11