"هابي أور نوت" تطبيق يلجم الوقاحة

لندن- تصدر الحرص على آراء الزبائن بهدف تحسين الإنتاج ومستوى الخدمات اهتمام الشركات في السنوات الأخيرة. وتبرز “هابي أور نوت” لتقييم وقياس رضا الزبائن كبديل مثالي عن صندوق الاقتراحات والشكاوى التقليدي.
لكن ما لا يعرفه الجميع أن قصة وقاحة تكمن وراء تطوير التطبيق. في حقبة التسعينات من القرن الماضي عندما كان هيكي فانانين لا يزال في الخامسة عشرة من عمره في قرية صغيرة في فنلندا، كان يتعين عليه الذهاب إلى متجر محلي لشراء أسطوانات كمبيوتر، ولسوء حظه، كان موظف خدمة الزبائن في ذلك المتجر يعامله بشكل مريع دائما.
يقول هيكي الذي بات في التاسعة والثلاثين الآن “كان الموظف دائما وقحا ومزدريا. كان ذلك تنمرا بحق، كان يتعمد تجاهلي وليس خدمتي. وقد كان ذلك يثير حنقي، ولكن عندما تكون صغيرا فإنك لا تدري كيف تتصرف. لن أنس الأمر أبدا”.
وبعد 13 عاما، وتحديدا في 2008، أصبح هيكي في الثامنة والعشرين من عمره ورائد أعمال ومبرمج كمبيوتر ناجحا. وقد أنجزت شركته المتخصصة في إنتاج ألعاب الفيديو “يونيفرسومو” أعمالا لصالح بعض الشركات الكبرى في هذه الصناعة مثل سيغا وديزني ووارنر ولوكاس آرتس.
لكن هيكي بات يتطلع إلى فكرة عمل جديدة. واستعان بخبرته التي اكتسبها إبان مراهقته في متجر الكمبيوتر في قريته، فقرر تدشين شركة تساعد غيرها من الشركات على مراقبة مستوى الخدمة التي تقدم للزبائن والعمل على تحسينها.
وبشكل أكثر تحديدا، كانت الفكرة تتمثل في بناء نموذج مادي يُسهّل الحصول على ملاحظات الزبائن بحيث يتسنى لهم عبر هذا النموذج الإجابة عن أسئلة تتعلق بخبرتهم في التعامل مع الشركة، وذلك عبر التساؤل عما إذا كان موظفو الشركة تعاملوا بشكل جيد؟ وعمّا إذا كان الطعام المقدم في المطعم جيدا بما فيه الكفاية، أو بمعنى آخر هل سعِد الزبائن بسرعة تلبية طلباتهم؟
وتظهر الأسئلة على شاشة. ويتعين على الزبون أن يضغط على واحد من أربعة وجوه “باسمة”، من سعيد جدا، إلى سعيد، إلى مستاء قليلا، أو مستاء جدا. ثم تضطلع شركة “هابي أور نوت” بجمع البيانات وإرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى الشركة.
يقول فيل ليفانيم الشريك المؤسس لـ”هابي أور نوت” “أظنها كانت فكرة رائعة. وكدت أجزم بأن أحدهم لا بد أنه قد صنع شيئا مشابها، لكن بالبحث على الإنترنت لم أعثر على أحد وكنت مندهشا بتلك النتيجة. وعليه، فقد شرعنا في التخطيط لتنفيذ هذا التصور عام 2008، وبالفعل قمنا بتدشين الشركة عام 2009”.
واليوم تلجأ نحو أربعة آلاف مؤسسة في نحو 134 دولة إلى شركة “هابي أور نوت” لقياس مدى رضا الزبائن عن الخدمات المقدمة. ومن بين تلك المؤسسات: مطار هيثرو في لندن، وفريق سان فرانسيسكو 49 لكرة القدم الأميركية، وشركة بوتس لتجارة التجزئة في المملكة المتحدة، وسلسلة شركات شو ستيشن في الولايات المتحدة ومتجر كارفور العملاق في فرنسا.
وظل فيل يعمل مع هيكي في شركة “يونيفرسومو”، وبما ادخراه من أموال من مبيعاتها دشّنا شركة “هابي أور نوت”. يقول فيل (40 عاما) “لقد كنا نُقابَل أحيانا بالسخرية من بعض الشركات، لاسيما في البداية، إذ لم تكن هذه الشركات تأخذ الأمر على محمل الجد. ولم يكن القائمون على أمرها يقدّرون أهمية ما نفعل. لكن ما يدعو إلى السرور هو عدد الشركات التي قالت لنا ‘لا’ في البداية ثم لم تلبث بعد سنوات قليلة أنْ عدلت عن رأيها وطلبت الاستعانة بنا”.
واليوم، توزع “هابي أور نوت” أكثر من 25 ألفا من نماذجها في مختلف مناطق العالم، وتقول الشركة إن تلك النماذج استُخدمت أكثر من مليار مرة. ويدفع الزبائن اشتراكا سنويا مقابل الخدمة، وتقول الشركة إن أرباحها السنوية تتجاوز عشرة ملايين يورو (11.4 مليون دولار).
ولا يزال مقر الشركة في مدينة طمبرة الفنلندية، لكنها فتحت فروعا في أمستردام وفلوريدا. تقول جوانا كاوسون، الرئيسة التنفيذية لشركة “معهد خدمة الزبائن” في لندن، إنه لمن دواعي السرور رؤية المزيد من الشركات تحاول الحفاظ على مستوى عال من خدمة الزبائن.
وتضيف جوانا “الزبائن مستعدون للترفيع في ما يدفعونه من أموال مقابل تحسين الخدمة، وفي ظل حالة من عدم اليقين تخيم على الحالة الاقتصادية، بات مُهمّا أكثر من ذي قبل أن تجد المؤسسات الطريق الصحيح للمرة الأولى”.
وتؤكد جوانا أن “الموظفين المتبرمين كفيلون بتشجيع الزبائن على العزوف عن التعامل مع الشركة. ولن تفكر غير نسبة 11 بالمئة من الزبائن في التعامل مجددا مع شركة تعرضوا فيها لمعاملة سيئة من موظف”.