السياحة الخليجية تعد بإنعاش السياحة اللبنانية

انقسم اللبنانيون بين التفاؤل والتشاؤم بشأن فرص نجاح الموسم السياحي الحالي، الذي يعتمد بشكل أساسي على تدفق السياح الخليجيين بعد رفع حظر السفر من قبل الإمارات والسعودية، والذي يمكن أن يؤدي إلى تخفيف الأزمات الاقتصادية العميقة.
بيروت - يربط اقتصاديون ازدهار السياحة اللبنانية في ذروة الموسم الصيفي بمستويات إقبال السياح الخليجيين، التي ترتبط بعوامل كبيرة أبرزها الاستقرار السياسي الذي لا يزال هشا وحافلا بالتوترات والمفاجآت.
ورغم رفع تحذيرات السفر من قبل كل من السعودية والإمارات بعد تحسن العلاقات الخليجية اللبنانية وانحسار التوتر قليلا، لكن محللين يرون أن هناك فتورا من قبل الخليجيين بسبب الصراعات السياسية في بيروت.
وتزايدت الشكوك في فرص انتعاش السياحة اللبنانية في الأيام الأخيرة بعد دخول قطر على خط الأزمات، بعد أن قررت شراء سندات لبنانية بقيمة نصف مليار دولار، في محاولة لملء الفراغ خلفه الابتعاد الخليجي عن بيروت، بسبب هيمنة حزب الله على مؤسسات الدولة وقراراتها.
ويعتبر لبنان، الذي يمرّ بأزمة اقتصادية خانقة، واحدا من أهم المقاصد السياحية العربية خاصة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن الأوضاع الأمنية خلال المدة الماضية أدت إلى ركود القطاع السياحي.
وتشير التوقعات إلى أن صيف لبنان هذا العام قد يشهد إقبالا للسياح العرب في ظل التحسن الأمني قليلا بعد أن تراجع أعداد السياح الخليجيين في الفترة الفاصلة بين 2010 و2017 بنحو 70 بالمئة إثر قرار حظر السفر إلى البلاد.
ويؤكد الخبير الاقتصادي اللبناني باسل الخطيب أن السائح الخليجي هو الأكثر إنفاقا في لبنان، وقد عبّر عن أمله بأن يساهم الاستقرار الأمني بزيادة في نسبة النمو وتحسين حركة الأسواق.
ووفق الأرقام الرسمية، فإن ذلك أدى لتراجع كبير في المداخيل السياحية لاسيما مداخيل القطاع الفندقي، والتي تقدّر بنحو 40 بالمئة.
كما تأثرت المداخيل السياحية سلبا بحظر سفر الخليجيين إلى لبنان، ففي حين بلغ مدخول القطاع خلال عام 2010 أكثر من 8 مليارات دولار تراجع خلال الأعوام اللاحقة حتى وصل في العام الماضي إلى نحو 3.8 مليار دولار.
ومن المتوقع أن ترتفع هذه العوائد كثيرا خلال العام 2019 بعد عودة السياح الخليجيين.
وكانت الرياض قد رفعت في فبراير الماضي حظر سفر السعوديين إلى لبنان، حيث كانت الخطوة كفيلة بارتفاع منسوب التفاؤل لدى المسؤولين اللبنانيين، بينما تستعد الإمارات لاتخاذ مثل هذه الخطوة قريبا.
وقال السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري حينها إنه “نظرا إلى انتفاء المسببات الأمنية التي دعت فيها السعودية إلى تحذير مواطنيها من السفر إلى لبنان وبناء على التطمينات التي تلقتها السعودية حول استقرار الأوضاع الأمنية تم اتخاذ القرار”.
وأحدث القرار صدمة إيجابية بعد مقاطعة دول الخليج للبنان ورفع مستوى التوقعات لانتعاش السياحة، خصوصا في مجالي الفنادق والمطاعم خلال العام الحالي.
وتعلّق الهيئات والفاعليات السياحية اللبنانية آمالا كبيرة على القرار السعودي الإيجابي والداعم للسياحة بلبنان، والذي سيعيد تحريك العجلة الاقتصادية.
وقلّل أواديس كيدانيان وزير السياحة اللبناني من خطر الأوضاع بالمنطقة ومدى تأثيرها في لبنان، آملا وصول عدد السياح إلى المستويات التي شهدها العام 2010، وهو عام الفورة السياحية، باعتبار أن عدد الوافدين بلغ أكثر من 2.2 مليون سائح.
وقال إن “الوزارة قامت بكل الترتيبات والخطوات اللازمة من أجل تشجيع السائح السعودي على العودة إلى لبنان”.
وأشار إلى أن الخطوة من شأنها أن تعود بالفائدة على القطاع السياحي وعلى الاقتصاد لاسيما أن السائح الخليجي هو بمثابة العمود الفقري للسياحة في لبنان.
وتوقع وزير السياحة ارتفاع عدد رحلات الطيران اليومي ما بين لبنان والسعودية، حيث يبلغ عدد هذه الرحلات 9 رحلات يومية، وهو خير دليل ومؤشر على ارتفاع حركة السفر والطلب على الحجوزات.
وكشف كيدانيان أن وفدا من الطيران المدني الإماراتي زار مطار رفيق الحريري في الفترة الأخيرة والتقى المسؤولين فيه لتنسيق العمل بين الجانبين.
وتتضمّن خطة الوزارة تحويل السياحة من قطاع يدير نفسه بنفسه إلى قطاع يتعاون فيه العام والخاص لجذب المزيد من السياح من الخارج والدول العربية والخليج.
كما سيتم التركيز على السياح الأوروبيين، وخاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا واليونان وقبرص وإسبانيا وإيطاليا.
وستعمل الوزارة كذلك على فتح أسواق جديدة مثل الصين وروسيا والهند، حيث سيتم تخصيص 20 بالمئة من إجمالي النشاط لاستقطاب سياح تلك البلدان.
وحتى الآن، بلغت الحجوزات في فنادق بيروت خلال شهريْ الصيف يوليو وأغسطس حوالي 85 بالمئة. كما أن حجوزات الرحلات القادمة إلى لبنان تشهد ارتفاعا ملحوظا.
وتظهر البيانات الرسمية أن القطاع يساهم بنحو 11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي سنويا، وهو من بين القطاعات المهمة التي توفّر العملة الصعبة للدولة.