هل تقلب عودة إيهود باراك المعادلة في إسرائيل

تل أبيب – تطغى الاستعدادات للانتخابات التشريعية (الكنيست) على الداخل الإسرائيلي خاصة مع بروز منافسين جدد لرئيس الوزراء وزعيم حزب ليكود بنيامين نتنياهو، الذي تلاحقه تهم في قضايا فساد.
ويقول مراقبون إن وضع نتنياهو في الانتخابات الجديدة مقارنة بالماضية يبدو أكثر صعوبة وتعقيدا، لافتين إلى أن جعبة الولايات المتحدة وحتى روسيا من الهدايا أضحت خاوية لدعمه في الاستحقاق المصيري الذي ينتظره في سبتمبر المقبل.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد منح إسرائيل اعترافا بأحقيتها في الجولان السوري المحتل في أوج الحملة الانتخابية السابقة، فيما أعادت روسيا رفات أحد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وعدّ المراقبون الخطوتين بمثابة هديتين لدعم حظوظ نتنياهو في الانتخابات، التي وإن انتصر فيها بيد أنه فشل في تجاوز اختبار تشكيل حكومة، ما اضطره إلى الدفع بالبلاد نحو انتخابات جديدة لقطع الطريق أمام إمكانية تكليف شخصية أخرى بالمهمة (وهذه سابقة من نوعها).
ويعتقد كثيرون أن نتنياهو سيواجه منافسة أكثر شراسة خاصة مع دخول لاعبين جديد، وعودة “معتزلين” لمزاحمته على كرسي رئاسة الحكومة.وأظهر استطلاع للرأي نشر الخميس تفوق معسكر الوسط واليسار للمرة الأولى على معسكر اليمين، وعزا محللون ذلك إلى عودة رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك إلى الساحة مجددا.
ووفقا لما نقلته هيئة البث الإسرائيلي، على موقعها الإلكتروني، فإنه لو أجريت الانتخابات البرلمانية اليوم لحصل معسكر الوسط واليسار على 61 مقعدا، مقابل حصول معسكر اليمين بزعامة حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي “ليكود” على 52 مقعدا.
كما يظهر الاستطلاع أن الحزبين الكبيرين “ليكود” و“كاحول لافان” (أزرق أبيض) سيحصل كل منهما على 32 مقعدا، في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا. وأظهر الاستطلاع أن حزب إيهود باراك الجديد سيحصل على ستة مقاعد وأن القائمة المشتركة ستحصل على 12 مقعدا.
ووفقا للاستطلاع فإن إعلان باراك تشكيل حزب جديد يغير صورة الأوضاع الحزبية والسياسية في البلاد، ويمنح لأول مرة معسكر الوسط واليسار أغلبية 61 مقعدا.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الأربعاء العودة إلى الساحة السياسية بصفته زعيما لحزب جديد، قائلا إن الوقت حان لإنهاء حكم بنيامين نتنياهو “الفاسد”. وقال باراك (77 عاما) خلال مؤتمر صحافي “جئنا هنا اليوم لنعلق على ما يحدث حولنا ونعلن إنشاء حزب جديد”. ولم يكشف الاسم الذي سيحمله الحزب لكنه لمح إلى أنه ربما يتحالف مع أحزاب وسطية ويسارية لهزيمة ليكود.

ولفت باراك في إشارة إلى حلفاء رئيس الوزراء من اليمين الديني المتطرف “ليس هذا وقت الوقوف على الحياد… لا بد من الإطاحة بنظام نتنياهو مع أنصاره من المتحمسين المتطرفين وقيادته الفاسدة”. ويواجه نتنياهو الذي ظل في السلطة خلال العقود الأربعة الماضية جلسة قبل المحاكمة مع المدعي العام في أكتوبر. وكان المدعي العام قد أعلن عزمه توجيه اتهامات بالاحتيال والرشوة انطلاقا من ثلاثة تحقيقات في قضايا فساد.
وينفي رئيس الوزراء الإسرائيلي (69 عاما) ارتكاب أي مخالفات ويقول إنه ضحية حملة اضطهاد سياسي. وقال باراك في المؤتمر الصحافي مستخدما لقب نتنياهو “بيبي”، “حان الوقت. هذه فرصتك الأخيرة كي تعود إلى بيتك بإرادتك الحرة” في إشارة إلى إمكانية تنحيه عن السلطة.
وتستعد إسرائيل لانتخابات جديدة في سبتمبر بعدما تقرر حل الكنيست الحالي على خلفية فشل نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة على إثر الانتخابات التي جرت في أبريل الماضي.
وكان حزب نتنياهو قد تصدر نتائج الانتخابات الماضية بالحصول على 36 مقعدا، مقابل 35 مقعدا لـ“أزرق أبيض”. وفشل نتنياهو في تشكيل الحكومة بسبب الخلاف بين الأحزاب اليمينية التي قال إنها “تطرح طلبات تعجيزية تتعارض بعضها مع بعض”.
ويرجح مراهنة نتنياهو خلال الانتخابات على العامل الأمني لإقناع الإسرائيليين بالتصويت له، في المقابل سيركز الخصوم على ملف الفساد المتورط به. وذكرت صحيفة “هآرتس” أن نتنياهو سيستخدم التحذيرات الاستخباراتية من “إيران وغزة وحزب الله” من أجل تعزيز موقفه في الانتخابات.
ونقلت “هآرتس” عن مقربين من نتنياهو قولهم إن التهديدات من الخليج والقطاع ولبنان، رغم أنها ليست بلا أساس، إلا أنها ستستخدم “وفق حاجة نتنياهو”، خلال الحملة الانتخابية”، وإن كانوا لا يستبعدون فرضية أن يلجأ إلى خيار التراجع عن حل الكنيست في حال استشعر أن نهايته السياسية حتمية.