الرأي العام في تونس أسير الإشاعة

غياب إستراتيجية اتصالية واضحة يساهم في تغذية الإشاعات في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.
الجمعة 2019/06/28
قف.. إشاعة

طغت الإشاعات الخميس على أحاديث التونسيين في الإعلام وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي ظل تكتم الأطراف الرسمية وتحفظها الشديد على تأكيد بعض الأخبار أو نفيها، انتشرت الإشاعات التي يحاول أصحابها توجيه الرأي العام وفق أجندات معينة.

تونس  - دعا الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية سفيان الزعق، الخميس، التونسيين ووسائل الإعلام إلى استقاء المعلومة من مصدرها، ردا على سيل الإشاعات المنتشرة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وعاشت تونس الخميس يوما عصيبا. واستفاق التونسيون على وقع 3 عمليات إرهابية خلفت وفاة رجل أمن.

ولم تتوقف ماكينة الشائعات عن الدوران، وبثّت العشرات منها، على صفحات فيسبوك الموقع الأكثر استخداما في تونس.

ويستخدم 7 ملايين تونسي من أصل 12 موقع فيسبوك.

وعمدت وسائل الإعلام إلى “إشعال فتيل الأزمة” عبر استضافة جيوش من الخبراء والمحللين الذين تحدثوا عن كارثية الوضع.

واعتبر المعلقون أن التحليلات الفاشلة لمن يسمون أنفسهم “خبراء استراتجيين” في البلاتوهات الإذاعية والتلفزيونية لا تعنيهم في شيء. وقال معلق:

Zitouni Čhrif

كنت بعد دقائق قليلة موجودا في موقع عملية شارع بورقيبة ولاحظت حاجة مهمة.

المواطنون ليسوا خائفين رجال الأمن يقومون بواجبهم بكل ثقة في النفس.

السوق الكبير للتبضّع (مارشي) في الشارع الخلفي يشتغل والناس تواصل عملها بشكل طبيعي.

سير الحياة في شوارع العاصمة طبيعي.

فقط وسائل الإعلام المحلية هولت المسألة وأعطتها أكثر من حجمها وهذا ربما ما يبحث عنه الإرهاب.

الإرهاب من بين معاركه أن يلعب على المعنويات والحمد لله بعدما شاهدته اليوم معركة المعنويات انتصرنا فيها في انتظار الانتصار الفعلي عبر الإيقاف النهائي لمثل هذه العمليات والذي سيكون قريبا فقط قد نحتاج قليلا من الصبر.

وقال الإعلامي برهان بسيس، إنه لا يجب نشر عبارات الضعف والتغبّن على حالة البلاد، مشيرا إلى أن كل بلدان العالم مهدّدة بالإرهاب وبالعمليات الإرهابية.

وكتب:

borhen bsais

عمليات متواترة وستتواتر كما يحدث في أي بلد ما من العالم، والحمد لله الحصيلة دائما باللطف والله يرحم شهيدنا ويشفي جرحانا..

المطلوب خطة عادية مع إدارة الأزمة وحوكمة عقلانية قوامها خطتان:

أولا: خطة اتصالية للداخل والخارج لمعالجة خطاب التهويل المقصود منه والبريء والذي يخدم في النهاية أهداف الإرهابيين وانتصاراتهم الوهمية، وإيقاف سيلان الإشاعات.

ثانيا: خطة أزمة والتصرف لتقليص تداعيات هذه العمليات على الموسم السياحي..”.

وتستمر الحياة.. وعاشت تونس..

ونشر معلقون على فيسبوك صورا للمواطنين في مكان التفجير الإرهابي يهتفون بالنشيد الوطني.

 وكتب أمني:

Hammadi Slimen

بعض صحافيي تونس حقا عار على الصحافة. ساهموا في نشر الإشاعة رغم خطورة الوضع ولم يتحلوا بالحد الأدنى من المسؤولية.. همّهم الوحيد السبق.

وقال في تدوينة أخرى:

Hammadi Slimen

تونس تحت اختبار اليوم، دول كبيرة تسقط من هجمات متتالية مثل هذه، الحذر ثم الحذر يا ناس. من غير تهويل ولا تصديق إشاعات.. وأرجوكم ثبتوا في الصور قبل نشرها.

وكان المتحدث الإعلامي السابق لوزارة الداخلية وليد اللوقيني قد صرح بأن عددا من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تنشط مع الخلايا الإرهابية وتعمل على تغذية مناخ الإشاعة، مؤكدا أن الخلايا الإرهابية تعمل على تغذية الإشاعات في البلاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وسرعان ما “نسي” التونسيون الهجمات الإرهابية بعد انتشار أخبار “غير مؤكدة” عن وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.  ورغم نفي المستشار المكلف بالإعلام في رئاسة الجمهورية الخبر في تدوينة على فيسبوك، مطالبا بعدم الانسياق وراء ما وصفها بـ”الإشاعات”، فإن الإشاعات واصلت الانتشار، حتى أن بعض وسائل الإعلام التونسية بدأت تتحدث عن “ما يقوله الدستور في حال شغور منصب الرئيس”. وكتب قفراش في تدوينة:

Firas Guefrech

الرجاء عدم الانسياق وراء الإشاعات.. حالة الرئيس مستقرة. دعواتكم بالشفاء.

يذكر أن رئاسة الجمهورية أعلنت نقل الباجي قائد السبسي إلى المستشفى العسكري بعد تعكّر حالته الصحية.

وقال رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد على صفحته الرسمية على فيسبوك الخميس إنه زار الرئيس السبسي في المستشفى ودعا للتوقف عن بث أخبار زائفة تثير البلبلة بين التونسيين.

وقال الإعلامي المكي هلال في تدوينة:

Makki Helal

يلعن بو السبق الصحافي والركض لإعلان أخبار غير مؤكدة!

فكر بغيرك، فكر بحالة البلاد المعطوبة والناس الموجوعة! قليلا من الصبر والتريث أيها الزملاء ولننتظر المصادر الرسمية والطبية.

ونشرت بعض وسائل الإعلام العربية خبر وفاة قائد السبسي الخميس.

والحديث عن وفاة الرئيس ليس جديدا في تونس. وكانت المتحدثة باسم الرئاسة التونسية سعيدة قراش اتهمت في تصريح سابق أطرافا سياسية بنشر إشاعات ممنهجة عن وفاة الرئيس.

ويعزو مراقبون انتشار الإشاعات بكثرة في تونس إلى “تكتم السلطات المعنية عن تقديم معطيات واضحة لإنارة الرأي العام، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام ميليشيات الإشاعة”.

والإشاعات تنمو في الوسط الذي لا تتوفر فيه المعلومة من الجهات الرسمية.

وعادة ما تعمد السلطات إلى التكتم لتعلق الأمر بأسباب أمنية، وهو ما يسمح بصدور الإشاعات التي تكون في مثل هذه الأوقات موجهة، إلى جانب أن وسائل الإعلام عند غياب المعلومة تدخل في مجال التأويل، وهو ما يحدث نوعا من الفوضى إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي التي تصعب مراقبتها أو التحكم فيها.

وتعتبر استراتيجيات الاتصال السياسي وتقنياته، أحد أبرز المعايير التي يقاس بها نجاح الحكومات ومؤسسات الدولة من عدمه، باعتبارها تمثّل واجهتها أمام الرأي العام المحلي أو الخارجي على حدّ سواء.

19