برهم صالح يسوّق لحياد عراقي مستحيل

الرئيس العراقي: عاصرنا أربعة عقود من الاضطرابات. لا نريد إيجاد أنفسنا متورطين في حرب جديدة.
الخميس 2019/06/27
معضلة تستحق التفكير

لندن - قال الرئيس العراقي برهم صالح، الأربعاء، إنّ بلاده لا تريد التورّط في صراع جديد بالشرق الأوسط وتحمّل المعاناة من التوترات المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة.

ويخدم كلام صالح الوارد ضمن مداخلة له في معهد شاتام هاوس في لندن على هامش زيارته للمملكة المتحدة التوجّه الذي دأب على الترويج له منذ توليه منصب رئيس الجمهورية ببلاده في أكتوبر الماضي، ويقوم على ضمان حيادية العراق تجاه مختلف القوى الإقليمية والدولية وإرساء علاقات متوازنة معها دون الدخول طرفا في صراعاتها.

وكثّف السياسي الكردي من التسويق لمفهوم الحياد مع تصاعد التوتّر بين الولايات المتحدة وإيران ولكلتيهما تدخّل قوي في الشأن العراقي وصراع شرس على النفوذ في العراق ما يجعله مرشّحا لتحمّل تبعات مباشرة لأي صدام مسلّح قد ينشب بينهما.

وواجهت الطبقة الحاكمة في العراق وضعا صعبا عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات شديدة وصارمة على إيران وطالبت مختلف الدول بالالتزام بها، فيما لم يكن بالإمكان فكّ الارتباط مع إيران، وخصوصا في مجال الطاقة حيث يستورد العراق كميات هامّة من الكهرباء ومن الغاز الإيراني المستخدم في توليدها.

لكنّ الضغوط لم تكن اقتصادية فقط، بل سياسية أيضا حيث تعارض الأحزاب والشخصيات العراقية الموالية لإيران بشدّة الالتزام بعقوبات واشنطن ضدّ طهران وتضغط بقوّة على حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي لكسرها.

وازدادت المخاوف من توريط البلد في صراع إيراني أميركي حين تعرّضت مواقع في العراق يوجد بها جنود أميركيون وموظّفون في قطاع النفط لهجمات صاروخية يتوّقع أن وراءها ميليشيات شيعية.

وعلى هذه الخلفية يصبح تسويق الرئيس العراقي للحياد نظريا إلى حدّ بعيد، فمن ناحية أولى لا يمتلك برهم صالح من خلال المنصب الشكلي الذي يشغله رسم توجّهات السياسة الخارجية للعراق وتحديد معالمها، ومن ناحية أخرى توجد في مواقع صنع القرار العراقي شخصيات نافذة معروفة بولائها الشديد لإيران ومستعدة دائما للوقوف بجانبها وخوض معاركها، كما لا تفتقر الولايات المتحدة بدورها لموالين لها في العراق يحاولون قدر الإمكان الحفاظ على مصالحها، وكذلك الشأن بالنسبة لدول أخرى مثل تركيا.

وقال الرئيس العراقي خلال مداخلته بشاتام هاوس “عاصرنا أربعة عقود من الاضطرابات. لا نريد إيجاد أنفسنا متورطين في حرب جديدة”.

ورفض برهم صالح أن يشكّل بلده “ساحة حرب بالوكالة" في وقت يستعر فيه التوتر بين واشنطن وطهران. وقال  “نطلب من الجميع الهدوء. لا نملك ترف خوض حرب أخرى”.

وشرح الرئيس العراقي أنّ من “مصلحة البلد الحفاظ على علاقات طيّبة مع إيران”، بينما تُعدّ من جهة أخرى “الولايات المتحدة شريكا مهما جدا للعراق”.

وكرر صالح أنّ العراق "لا يريد أن يكون ضحية صراع في الشرق الأوسط، إذ لم ننته بعد من الحرب الأخيرة"، في إشارة للحرب ضدّ داعش. وأشار إلى أنّه إذا كانت “الأمور تتحسن في العراق، فإنّ الأولوية لاستقرار البلد”.

وكان الرئيس العراقي قد حلّ الثلاثاء بلندن حيث التقى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي أعربت عن الاستعداد “لتوفير دعم إضافي للقوات الأمنية العراقية والبيشمركة” في مواجهة التهديد الذي مازال يشكله تنظيم الدولة الإسلامية، وفق متحدث باسم داونينغ ستريت.

3