الموريتانيون يختارون رئيسا جديدا أمام مخاوف من حدوث تزوير

إقبال كبير على مراكز الاقتراع في انتخابات الرئاسة الموريتانية، والمنافسة تحتدم بين مرشح السلطة محمد ولد الغزواني و سيدي محمد ولد ببكر المدعوم من الإسلاميين.
الأحد 2019/06/23
الموريتانيون يصوتون لانتقال غير مسبوق للسلطة

أدلى الموريتانيون السبت بأصواتهم لانتخاب رئيس لهم تترتب عليه حماية الاستقرار في هذا البلد الواسع الواقع في منطقة الساحل، وتحسين الوضع الاقتصادي والأداء في مجال حقوق الإنسان. ويشكل هذا الاقتراع أول انتقال سلمي للسلطة من رئيس انتهت ولايته إلى آخر منتخب في موريتانيا التي هزتها سلسلة انقلابات بين 1978 و2008.

كيسيما دياجانا

نواكشوط - لأول مرة منذ استقلال موريتانيا قبل 59 عاما، بدأ الموريتانيون الإدلاء بأصواتهم السبت لاختيار رئيس منتخب ديمقراطيا فيما تشير تكهنات قوية إلى فوز وزير دفاع سابق تقوم حملته على استمرار الوضع الراهن.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها لاختيار من سيحل محل الرئيس محمد ولد عبدالعزيز (62 عاما) الذي تولى السلطة في انقلاب عام 2008، ومنذ ذلك الحين وهو حليف للقوى الغربية في حربها على الإسلاميين المتشددين.

ويترك ولد عبدالعزيز منصبه بعد أن قضى فترتين رئاسيتين مدة كل منهما خمس سنوات وهو الحد الأقصى لتولي الرئاسة، ويدعم محمد ولد الغزواني (62 عاما) وهو وزير دفاع سابق. ومع ذلك، قد يحافظ ولد عبدالعزيز على نفوذ كبير من وراء الكواليس. ولم يستبعد في مؤتمر صحافي الخميس الترشح مرة أخرى بعد خمس سنوات.

ويعتقد جيلز يابي، مؤسس مركز أبحاث غرب أفريقيا، أن الغزواني هو الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، ومن المرجح أن يواصل الحكم على نهج ولد عبدالعزيز، لكن لا يزال بإمكانه أن يحقق مفاجأة. وأضاف يابي “الغزواني شخص حصيف للغاية. قد لا يكون التغيير مجرد تجميل”.

وشهدت مراكز الاقتراع إقبالا كبيرا في ملعب نواكشوط الأولمبي، حيث تشكلت صفوف انتظار مع فتح المركز في مشهد غير معهود في هذا الحي الراقي. وقال الناخب العالم عبدالباقي، الذي وصل في وقت مبكر لأداء واجبه الانتخابي، “أجد في برنامج المرشح كل ما يلبي تطلعاتي”، دون أن يكشف عن المرشح الذي سيصوّت له. أما عبدالله ولد الفتاح فقد عبّر عن تأييده لـ”التغيير السلمي”. وقال “نريد تغييرا جذريا، أي المساواة والتعليم والعدالة الاجتماعية.”

وتتركز الانتقادات لموريتانيا على احترام الحقوق الأساسية في مجتمع يتسم بعدم المساواة وبالتناقض بين أوضاع العرب البربر الحرّاطين (أحفاد العرب البربر الذين يقاسمونهم ثقافتهم) والمجتمعات الأفريقية الموريتانية التي تتحدث عموما اللغة الأم لإثنيات جنوب الصحراء.

استطلاعات رأي: الغزواني هو الأوفر حظا للفوز في الانتخابات
استطلاعات رأي: الغزواني هو الأوفر حظا للفوز في الانتخابات

ومن جهتها، أكدت الناخبة فاطمتو أحمد أن “التجديد مهم جدا لنا نحن النساء".

وإضافة إلى الغزواني يتنافس خمسة مرشحين آخرين. وتحدث الخصوم الخمسة لمرشح السلطة الضابط السابق محمد ولد شيخ محمد أحمد، الملقب بولد الغزواني، عن محاولة لإطالة أمد نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز ويخشون حدوث عمليات تزوير.

واستقطب رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد ببكر، المدعوم من أكبر حزب إسلامي في موريتانيا، حشودا كبيرة خلال الحملة الانتخابية ويعتبر المنافس الرئيسي للغزواني. وجمع المرشح المستقل ولد بوبكر المدعوم من تحالف واسع يضم في صفوفه حزب تواصل الإسلامي وهو أكبر حزب معارض، وكذلك رجل الأعمال الثري محمد ولد بوعماتو الذي يتمتع بنفوذ كبير، الآلاف من أنصاره مساء الخميس في معلب رياضي في نواكشوط. وحذّر من عمليات تزوير كغيره من مرشحي المعارضة الآخرين بمن فيهم بيرام ولد الداه ولد عبيد الناشط في مكافحة العبودية الذي ترشح لانتخابات 2014. وقد اتفق هؤلاء جميعا على دعم بعضهم في حال جرت دورة ثانية من الانتخابات في السادس من يوليو.

وتركزت الحملة الانتخابية للغزواني على مواصلة التقدم الاقتصادي والأمني في عهد ولد عبدالعزيز. وقد جدد الرئيس الموريتاني مساندته ودعوته للتصويت لمرشح حزبه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية محمد ولد الغزواني، وحذر من أن عدم فوزه قد يدخل البلاد في دوامة من عدم الاستقرار ومن الفساد والنهب وانعدام فرص استمرار مسيرة التنمية والبناء والاستقرار. لكن المرشح الذي يبدو المنافس الأكبر له، سيدي محمد ولد بوبكر الذي ترأس حكومة انتقالية من 2005 إلى 2007، قال في تصريحات صحافية إن “غالبية الموريتانيين يرغبون في طي صفحة السنوات العشر الأخيرة”.

ويشهد اقتصاد البلاد نموا وسيتلقى دفعة عندما يبدأ حقل غاز بحري كبير الإنتاج في أوائل العقد المقبل. وبدأ السياح العودة لرحلات الصحراء في موريتانيا بعد العزوف عنها لسنوات بسبب سلسلة من عمليات الخطف في عام 2009.

وفي السنوات الأخيرة، تجنّبت موريتانيا هجمات الإسلاميين المتشددين المرتبطين بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية والتي أثّرت بشدة على بلدان أخرى في منطقة الساحل بغرب أفريقيا مثل مالي المجاورة وبوركينا فاسو.

وتشير وثائق لتنظيم القاعدة عثر عليها في مخبأ أسامة بن لادن في باكستان عام 2011 إلى أن قادة التنظيم ناقشوا اتفاقا محتملا للسلام في العام السابق مع الحكومة الموريتانية يتضمن الإفراج عن سجناء ودفع مبالغ مالية. ونفت الحكومة الموريتانية وجود مثل هذا الاتفاق وأرجعت نجاحها في منع هجمات المتشددين إلى عمل المخابرات وإعادة تأهيل المتشددين المسجونين.

وحاول مرشحو المعارضة، ومن بينهم ناشط بارز مناهض للعبودية، الاستفادة من حالة الاستياء وسط الشباب بسبب رواتبهم المتدنية وسوء الرعاية الصحية. وما لم يحصل أحد المرشحين على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات، فستجرى جولة ثانية للانتخابات الشهر المقبل.

وكان محمد ولد عبدالعزيز وصل إلى السلطة على إثر انقلاب ثم انتخب في 2009 وأعيد انتخابه في 2014 في اقتراع قاطعته أحزاب المعارضة الرئيسية. وقد أمّن استقرار هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 4.5 ملايين نسمة وشهد في بداية الألفية اعتداءات جهادية وعمليات خطف أجانب، عبر اتباع سياسة تقضي بتعزيز الجيش وتشديد مراقبة الأراضي وتنمية المناطق النائية.

2