ترامب في بريطانيا: زيارة احتفالية تعكر صفوها المواقف السياسية والأزمات الداخلية

الرئيس الأميركي ينحرف عن الطابع الاحتفالي البحت لزيارة إلى لندن ليتدخل في أزمة بريكست والمرشحين لخلافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي أعلنت استقالتها في وقت سابق
الثلاثاء 2019/06/04
استعراض للعضلات

وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى بريطانيا الاثنين في زيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، وذلك في إطار جولة تتزامن مع الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين ليوم النصر في مقبرة نورماندي الأميركية بفرنسا، لكن تواجه الرحلة خطر تحول التركيز من رمزية الذكرى التاريخية إلى فوضى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وعادة ما تمثل الذكرى تكريما للوحدة والتضحية، لتغطي فعالياتها أي مناوشات وطنية أو سياسية، لكن، يشعر البعض على جانبي المحيط الأطلسي بقلق إزاء ترامب الذي أبدى استعداده لإدخال المناقشات الحزبية على هذه اللحظات.

لندن- يطغى الطابع الاحتفالي على أجندة رحلة ترامب التي تمتد على أسبوع، مع زيارة رسمية للملكة إليزابيث الثانية التي تنظم حفل استقبال كبير في قصر باكنغهام ومقابلة مع الأمير تشارلز في لندن. وتشمل كذلك الرحلة خططا لحضور احتفالات يوم النصر على جانبي القنال الإنكليزي وتنظيم أول زيارة رئاسية لترامب إلى أيرلندا.

ويصل الرئيس الأميركي في وقت تعيش فيه المملكة لحظة سياسية حرجة، إذ واجهت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أشهرا من الاضطرابات السياسية بسبب مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن يستغل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذكرى الخامسة والسبعين ليوم النصر للدعوة إلى تعزيز العلاقات متعددة الجنسيات التي خفف الرئيس الأميركي من متانتها.

ويخطط المتظاهرون المناوئون لزيارة ترامب، لإطلاق منطاد “الرضيع ترامب”، وهو بالون ضخم لطفل رضيع يرتدي حفاظة، صمم على هيئة ترامب، خلال الأيام التي سيمكث بها الرئيس الأميركي في البلاد. كما سيجمع لقاء رسمي ينظمه الأمير تشارلز الذي يحذر من مخاطر تغير المناخ مع الرئيس الذي يعمل على تفكيك السياسات الأميركية المصممة لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري.

وفي مقابلة مع ذي صن، تحدث ترامب عن دوقة ساسكس، الأميركية ميغان ماركل، التي غابت عن استقبالهن حيث انتقدته في السابق، مما دفع الرئيس إلى وصفها بكلمات لا تناسب منزلتها.

وسينضم ترامب للملكة وقدامى المحاربين الأربعاء، في مراسم في بورتسميث على الساحل الجنوبي لإنكلترا لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لإنزال قوات الحلفاء على شواطئ نورماندي بفرنسا، خلال الحرب العالمية الثانية. ومن المقرر أن يزور ترامب أيرلندا أيضا وأن يحضر مراسم إحياء ذكرى يوم الإنزال الرسمية في فرنسا الخميس.

بوريس جونسون: سنخرج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر باتفاق أو دون اتفاق
بوريس جونسون: سنخرج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر باتفاق أو دون اتفاق

وسيكون محور زيارة الرئيس الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لأحداث 6 يونيو 1944، حين غزت القوات الأميركية والكندية ساحل نورماندي شمال فرنسا في أول مرحلة من عملية “أوفر لورد” لغزو أوروبا الواقعة تحت الاحتلال النازي لإنهاء الحرب العالمية الثانية.

وكان غزو نورماندي أكبر هجوم برمائي نفذه 150 ألف جندي. وفي نهاية اليوم، وضعت قوات التحالف موطئ قدم لها في فرنسا، وهزمت ألمانيا النازية في غضون 11 شهرا. وقد تمثل هذه الذكرى الاحتفال الأخير المهم لمعظم قدامى المحاربين في المعركة. وستبدأ أحداث الذكرى السنوية في بورتسموث بإنكلترا أين بدأ الغزو، ثم تنتقل إلى نورماندي بفرنسا أين بدأت قوات التحالف في استعادة أوروبا الغربية من النازيين.

وعادة ما تمثل الذكرى تكريما للوحدة والتضحية، لتغطي فعالياتها أي مناوشات وطنية أو سياسية، لكن، يشعر البعض على جانبي المحيط الأطلسي بقلق إزاء ترامب الذي أبدى استعداده لإدخال المناقشات الحزبية على هذه اللحظات.

وعبرت مديرة البرنامج الأوروبي في مركز الدراسات الدولية الإستراتيجية في واشنطن، هيذر كونلي، عن أملها الكبير في أن يظل الرئيس وجميع الزعماء مركزين على البطولة التاريخية التي امتاز بها ذلك اليوم ورمزيته، والتفكير في ما أوصل الحلفاء إلى تلك الوحدة. وقالت كونلي “تتشكل السحب المظلمة مرة أخرى في سماء أوروبا، وبدلا من تشجيع البيئة الملائمة لذلك، نحتاج إلى البحث عن حلول أفضل لهزيمة ظلمتها”.

وفي زيارته الأوروبية الأخيرة، توجه ترامب إلى فرنسا في نوفمبر الماضي. تعرض حينها لانتقادات شديدة حيث لم يتمكن من حضور الاحتفال بذكرى الجنود وأفراد مشاة البحرية الأميركية الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى في المقبرة الأميركية في فرنسا بعد هطول المطر الذي وقف تحته القادة الأوروبيون لتكريم شهدائهم.

وانحرف الرئيس الأميركي عن الطابع الاحتفالي البحت للزيارة ليتدخل في أزمة بريكست والمرشحين لخلافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي أعلنت استقالتها في وقت سابق.

وقال الرئيس الأميركي لصحيفة “صنداي تايمز″ إن على بريطانيا “الابتعاد” عن المحادثات ورفض دفع فاتورة طلاق بقيمة 39 مليار جنيه إسترليني (49 مليار دولار) إذا لم تحصل على شروط أفضل من الاتحاد الأوروبي، داعيا لندن إلى ترشيح نايجل فاراج رئيس حزب بريكست، ليكون مفاوضا بشأن التوصل لاتفاق نهائي حول خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

ولم يخف سيد البيت الأبيض دعمه لوزير الخارجية السابق بوريس جونسون لرئاسة الحكومة البريطانية، بينما التقط جونسون الإشارات سريعا وأطلق حملته لخوض المنافسة على منصب رئيس الوزراء بالتزامن مع وصول “صديقه” الرئيس الأميركي إلى لندن الاثنين.

ويظهر التسجيل المصور لبدء الحملة جونسون وهو يعد الناخبين بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر “باتفاق أو دون اتفاق” إذا أصبح رئيسا للوزراء عبر انتخابه زعيما للحزب المحافظ.

سينضم ترامب للملكة وقدامى المحاربين الأربعاء، في مراسم في بورتسميث على الساحل الجنوبي لإنكلترا لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لإنزال قوات الحلفاء على شواطئ نورماندي بفرنسا، خلال الحرب العالمية الثانية

ويحظى وزير الخارجية السابق بشعبية في أوساط أعضاء الحزب المحافظ على الصعيد الشعبي، لكن هؤلاء لن يتمكنوا من التصويت إلا بعد التصفيات التي سيجريها نواب الحزب وتنتهي بمرشحين اثنين فقط.

ويعد جونسون أقل شعبية في أوساط النواب نظرا لدوره الأساسي في الدفاع عن بريكست وزلّاته الكثيرة، حيث فشل في بلوغ المرحلة الأخيرة من التصفيات عندما ترشح للمنصب عام 2016.

وفي جزء آخر من تسجيل حملته المصوّر، أعرب جونسون عن دعمه لزيادة تمويل التعليم والشرطة وأكد على أنه “سيوحد” البلاد التي شهدت انقسامات سببها بريكست. وقال لأحد الناخبين عند باب منزل “يجب أن نمتلك الجرأة للقول للناس في هذا البلد إنه بإمكاننا النجاح إذا أردنا ذلك”.

ولطالما طمح جونسون ليصبح رئيسا للوزراء لكنه انسحب من السباق في 2016 بعدما سحب حليفه الأساسي المدافع عن بريكست مايكل غوف دعمه له قائلا إن “بوريس غير قادر على القيادة أو تشكيل فريق يتولى المهمة المقبلة”.

ولم يبدأ مسعاه الأخير بسلاسة إذ تلقى استدعاء من المحكمة الأسبوع الماضي للاشتباه بأنه كذب عمدا خلال الحملة التي سبقت استفتاء بريكست. ويخوض 13 مرشحا السباق حتى الآن إذ يحظى غوف وجونسون ووزير الخارجية جيريمي هانت بالدعم الأكبر من النواب في الوقت الحالي.

5