واشنطن تقنع برلين بتشديد طوق العقوبات على إيران

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يقول إن إيران لم تلتزم بتعهداتها المالية في اتفاقية دولية تتعلق بحظر الإرهاب.
السبت 2019/06/01
كل الطرق تؤدي إلى الهدف نفسه

تجمع كل من الولايات المتحدة وألمانيا على ضرورة مواجهة تهديدات إيران في منطقة الشرق الأوسط وتقليم أظافر ميليشياتها التي تتهمها واشنطن بالوقوف وراء عمليات تخريب السفن قبالة سواحل الإمارات واستهداف أنابيب الغاز في السعودية. لكن الإجماع على مواجهة الأجندات الإيرانية وأهمها برنامجها الباليستي لا يزال يصطدم باختلاف التكتيكات لبلوغ ذلك.

برلين - أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو نهج بلاده المتشدد تجاه إيران، مطالبا الدول الأخرى بالانضمام إلى العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، في افتتاح جولة أوروبية بدأها من ألمانيا الجمعة لتشمل بعد ذلك كلا من سويسرا وهولندا وتنتهي الثلاثاء حيث ينضمّ إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيارة الدولة التي يقوم بها إلى المملكة المتحدة.

وقال بومبيو في برلين عقب لقائه نظيره الألماني هايكو ماس إن إيران لم تلتزم بتعهداتها المالية في اتفاقية دولية تتعلق بحظر الإرهاب، مضيفا أنه تم فرض عقوبات على أمور تتعلق بالتجارة مع إيران، لا على أمور أخرى تخص السلع الإنسانية.

ويعوض بومبيو الجمعة زيارته لبرلين التي ألغاها قبل نحو ثلاثة أسابيع في اللحظات الأخيرة، حيث توجه في ذلك الحين إلى العراق بسبب الأزمة الإيرانية، ما أثار استياء داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا.

وأثار إلغاء الزيارة السابقة استياء في ألمانيا، حيث اعتبر الكثيرون أن تلك الخطوة دليل على طبيعة العلاقات بين البلدين، التي تراجعت منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وقال ماس إنه رغم الاختلافات مع الولايات المتحدة فإن هناك تعاونا وثيقا غير عادي مع واشنطن، مؤكدا أن بلاده والولايات المتحدة تتبعان أهدافا مشتركة في السياسة المتعلقة بالشأن الإيراني.

وأوضح أن الهدف هو الحيلولة دون امتلاك إيران أسلحة نووية، مضيفا أنه ينتظر توضيحا من طهران بشأن برنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية.

وذكر أن بلاده، مثل واشنطن، تريد أن تتوقف إيران “عن لعب دور سلبي في المنطقة”، لكنه اعترف بـ“الاختلافات” في مقاربة المسألة، مدافعا في الوقت نفسه عن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 والذي أثار انسحاب إدارة ترامب منه استياء الأوروبيين.

وإثر سؤاله عن احتمال قيام ألمانيا بوساطة لنزع فتيل التصعيد بين إيران والولايات المتحدة، قال ماس إن ألمانيا “جاهزة” لتقديم “مساهمة” في خفض التوترات، دون أن يعطي توضيحات.

وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل العلاقات الوثيقة والمهمة التي تربط بلادها بالولايات المتحدة.

هايكو ماس: نتبع أهدافا مشتركة مع واشنطن في السياسة المتعلقة بإيران
هايكو ماس: نتبع أهدافا مشتركة مع واشنطن في السياسة المتعلقة بإيران

وقالت ميركل إن هناك سلسلة من المشكلات بعضها خلافي على نحو شديد بين البلدين، خاصة في ما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران، مضيفة “الولايات المتحدة أهم حليف لألمانيا خارج أوروبا وستظل كذلك”.

ومثلت المطالب الأوروبية لطهران بالتوقف عن أنشطتها الصاروخية الباليستية عنوان فشل جديد للنظام الإيراني الذي راهن على حلفائه الأوربيين من أجل الفصل بين الملف النووي والبرنامج الباليستي، فيما يوجد إجماع أميركي أوروبي على التصدي للخطر الإيراني لكن تكتيكات تحقيق هذا الهدف لا تزال مختلفة.

ورغم ما تبديه الدول الأوروبية من دعم للملف النووي الإيراني ومن تفهم متعلق بانفتاحها على السوق الإيرانية، إلا أن حساباتها تتجه للوقوف إلى جانب الولايات المتحدة بخصوص خطورة الأنشطة الباليستية الإيرانية.

ويرى مراقبون أنّ مساعي طهران في توظيف الخلاف التجاري بين واشنطن وأوروبا لإحداث اختراق في المواقف قد فشل بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن عقوبات جديدة عليها بسبب برنامجها الصاروخي.

وفشلت إيران في توظيف الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا لخدمة ملفها النووي وفصله عن برنامجها الصاروخي، حيث يبدو الموقف الأوروبي بخصوص أنشطتها الباليستية أكثر تأييدا لموقف واشنطن.

ويرى مراقبون أن تمسّك الطرف الأوروبي بالاتفاق النووي الإيراني لا يحجب تخوّفه من أنشطتها الباليستية والمزعزعة لاستقرار المنطقة وحتى داخل بلدان الاتحاد، بعد توجيه التهم للاستخبارات الإيرانية بتنفيذ اغتيالات في كل من فرنسا والدنمارك وهولندا، ما يقرّب الموقف الأوروبي أكثر فأكثر من الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في بداية المطاف.

وألغت برلين مؤخرا تصريح الهبوط الخاص بشركة ماهان إير الجوية الإيرانية في ألمانيا للاشتباه في أنها تُستغل من قبل الحرس الثوري الإيراني في أغراض عسكرية، ولأسباب تتعلق بالسلامة أيضا.

ويأتي سحب ترخيص التشغيل الخاص بشركة ماهان إير بعد حملة مكثفة شنتها الولايات المتحدة التي تدرج الشركة على قائمة العقوبات الأميركية منذ 2011.

وكتب ريتشارد جرينيل السفير الأميركي لدى برلين على تويتر عن اعتراضاته على استمرار شركة الطيران الإيرانية في العمل في ألمانيا. وذكرت السفارة في بيان صحافي متصل “نقلت شركة ماهان إير بشكل منتظم المقاتلين والعتاد إلى سوريا لدعم نظام الأسد”.

وتتعرض الدول الأوروبية لضغوط أميركية مستمرة من أجل إعادة فرض العقوبات على إيران منذ سحب الرئيس دونالد ترامب بلاده العام الماضي من الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع طهران في عهد سلفه باراك أوباما.

وإلى جانب إيران، ما زالت الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق -وهي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين- تحاول إبقاءه على قيد الحياة.

وسعت الدول الأوروبية، ذات العلاقات الاقتصادية الأكثر شمولا مع إيران والتي تعي التهديد الذي ستشكله دولة نووية أخرى تجاورها مباشرة، إلى حماية نفسها من تأثير العقوبات الأميركية الإضافية لكنها حققت نجاحا محدودا في هذا الصدد.

5