دعم أوروبي لتوسيع برامج مكافحة الفقر في لبنان

تلقى لبنان دعما ماليا كبيرا من الاتحاد الأوروبي لاستكمال برنامج قديم موجه لمكافحة الفقر في البلاد عبر توسيع قاعدة المستفيدين خاصة في ظل ارتفاع نسبة الفقراء إلى مستويات لم تعد مقبولة.
بيروت- أعطى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الضوء الأخضر لتوسيع نطاق برنامج وطني لمكافحة الفقر بدأ قبل نحو عشرة أعوام ليشمل أعدادا إضافية. وبدأ البرنامج، الذي يحظى بدعم من الاتحاد الأوروبي، بمساهمة حكومية بلغت 28.7 مليون دولار ودعم ألماني بأكثر من 50 مليون دولار.
وقال الحريري في كلمة خلال حفل بالمناسبة أقيم مساء الأربعاء قبل ساعات من وصوله إلى جدة لحضور قمم مكة الثلاث، إن “ألمانيا أضافت اليوم إلى مساهمتها 10 ملايين يورو، وكذلك ساهم الاتحاد الأوروبي بنحو 25 مليون يورو”.
وأوضح أن المساعدات الجديدة سترفع عدد اللبنانيين المستفيدين من البرنامج من 58 ألفا إلى 85 ألف شخص. وأشار إلى أن هذا البرنامج سيطال بالأساس فئة الفقر المدقع، التي تبلغ نسبتها 8 بالمئة، أي حوالي 240 ألف مواطن منتشرين في كامل أرجاء البلاد.
ومن المتوقع أن تدعم وزارة الشؤون الاجتماعية، وتكثف الضخ المالي في البرنامج لأنه يساعد المواطن اللبناني. وتمر الدولة بظروف اقتصادية صعبة للغاية منذ أكثر من عقد من الزمن، ما أدى في نهاية المطاف إلى دخول ثلث السكان تقريبا في دائرة الفقر، وفق ما تشير إليه التقديرات.
وكانت الخبيرة الاقتصادية اللبنانية فيوليت البلعة قد ذكرت في وقت سابق لوكالة الأناضول أن نسبة الفقر في البلاد ارتفعت العام الماضي لتصل إلى نحو 30 بالمئة من السكان البالغ تعدادهم أكثر من 6 ملايين نسمة.
وانعكست حالة الترقب بشأن تشكيل حكومة جديدة سلبا على معظم المؤشرات الاقتصادية المحلية، حيث ارتفع التضخم إلى 7 بالمئة، الأمر الذي أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للبنانيين، إضافة إلى إقفال نحو 3 آلاف مؤسسة وأدى ذلك إلى ارتفاع معدل البطالة إلى نحو 35 بالمئة.
وقال السفير الألماني لدى لبنان جورج برغيلين، إن “زيادة مساهمة ألمانيا والاتحاد الأوروبي في البرنامج لاستهداف الفقر تطال 27 ألف مواطن لبناني إضافيا عما كان عليه العدد سابقا، وسيكون بإمكان هؤلاء الحصول على الغذاء بشكل أفضل”.
وأشار إلى أن الاقتصاد اللبناني ككل سيستفيد من هذا البرنامج لأن 55 بالمئة من المال ستصرف على شراء سلع محلية الصنع لتقديمها إلى المستفيدين. ويعيش اقتصاد لبنان حالة تشبه الركود التضخمي، الناتج عن الأوضاع السياسية التي تضرب ثقة المستثمرين والمستهلكين، ومع ذلك يواصل الاقتصاد تسجيل معدل نمو يقارب واحد بالمئة، وهو مستوى لا يكفي لتخفيف الأزمات.
وقالت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن، إن “أكثر من 10 آلاف من المواطنين الأكثر فقرا سيتمكنون من شراء حاجاتهم الضرورية من 500 متجر على مساحة لبنان عبر استخدام بطاقة إلكترونية”. والمستفيدون “الأكثر فقرا” هم ممن يعيشون دون 9 آلاف ليرة يوميا أي ما يعادل 6 دولارات.
وتشير دراسة أعدها البنك الدولي بالتعاون مع إدارة الإحصاء المركزي اللبنانية في 2011 إلى أن 235 ألف مواطن يعيشون بأقل من 5.7 دولار يوميا. كما أظهرت الدراسة وجود نحو مليون مواطن يعيشون بأقل من 8.7 دولار يوميا وأن 27 بالمئة من اللبنانيين هم من الفقراء، الذين لا يستطيعون تلبية حاجاتهم المعيشية الأساسية.
وكان البنك قد حذر في مارس الماضي من تداعيات اقتصادية خطيرة على الاقتصاد اللبناني نتيجة تباطؤ الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تسد حاجته إليها ليتمكن من احتواء مخاطر ديونه الكبيرة.
وقال فريد بلحاج نائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ذلك الوقت إن “الإصلاحات رغم البدء بها لا ترتقي حتى الآن إلى المستوى المطلوب”. وأكد أن تعهدات مؤتمر سيدر بمساندة لبنان مشروطة بتنفيذ إصلاحات محددة وأنها لا تزال تنتظر خطوات الحكومة اللبنانية لتمهيد الطريق لتدفق الأموال.
ويأمل الشباب اللبناني في أن تكون الوعود بتوفير 900 ألف فرصة عمل من خلال برنامج الحكومة لإعمار البنية التحتية الذي حمله لبنان إلى مؤتمر سيدر، فرصة حقيقية لبناء مستقبلهم. ولكن مراقبين يرون أن هذه الوعود مستحيلة وأن هذا البرنامج، الذي يتوقع أن يستمر 10 سنوات لا يمكنه توفير حوالي 90 ألف وظيفة سنويا.