نظام أردني موحد لتجفيف هدر الإنفاق

عمان- كشفت الحكومة الأردنية أمس أنها أطلقت نظاما موحدا لمحاصرة هدر النفقات الحكومية، التي باتت تشكل صداعا مزمنا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة للبلاد. وتراهن السلطات من وراء هذه الخطوة على تعزيز الشفافية في إجراءات العطاءات وتشجيع الاستثمار وتحسين صورة الأردن في التصنيفات الدولية.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية لوزير المالية عزالدين كناكرية قوله إن “الوزارة عملت على دمج مجموعة من أنظمة المشتريات الحكومية واللوازم في نظام واحد”. ووسعت الحكومة دائرة الشمول لهذا النظام لتشمل الوزارات والمؤسسات الحكومية والجامعات والبلديات والشركات التي تساهم فيها الدولة.
وأوضح كناكرية أن توحيد الأنظمة سيتبعه دمج دائرة اللوازم العامة ودائرة الشراء الموحد ليصبح اسم الكيان الجديد دائرة المشتريات الحكومية. وصدر مطلع الشهر الجاري قرار في الجريدة الرسمية تضمن جميع أنظمة اللوازم وأنظمة الأشغال تحت مظلة واحدة.
ومن المفترض أن يبدأ العمل بالنظام الموحد الجديد مطلع نوفمبر المقبل وسيشمل جميع الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى الشركات المملوكة للدولة بالكامل والجامعات الرسمية والبلديات وأمانة عمان.
الحكومة الأردنية سعت قبل مؤتمر لندن للمانحين إلى طمأنة الأوساط الشعبية حول نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها، رغم الاقرار بصعوبة الأوضاع
وراعى النظام الجديد، والذي كان يشمل نحو 102 وزارة ومؤسسة حكومية، المعايير والمتطلبات الدولية المتعلقة بالشفافية والنزاهة في المشتريات الحكومية. وأشار وزير المالية إلى أنه تم إلزام لجان الشراء بمواعيد ومدد محددة ومضبوطة بخصوص طرح وإحالة العطاءات، إلى جانب الاعتراض عليها.
وأوضح أن النظام الجديد يتضمن طرقا حديثة للشراء، خاصة في ما يتعلق بالخدمات الاستشارية وكذلك إلزام جميع الجهات الخاضعة للنظام بإعداد خطة شراء تتضمن احتياجاتها المستقبلية لمدة لا تقل عن سنة.
وبموجب النظام الموحد، تم إنشاء لجنة لرسم السياسة العامة للشراء بحيث تتولى هذه المهمة إحدى اللجان الوزارية المنبثقة عن مجلس الوزراء، كما تم إنشاء لجنة مختصة لمراجعة شكاوى الشراء من ذوي الخبرة والاختصاص.
ولتسهيل العمل، تم بموجب النظام إنشاء موقع إلكتروني رسمي من بوابة واحدة ليكون المصدر الرئيسي للمعلومات عن المشتريات الحكومية، وتحديد سقف أعلى لغرامات التأخير لا يتجاوز 15 بالمئة من قيمة العقد.
ويتضمن النظام قواعد الأخلاق والسلوك الوظيفي لجميع الأطراف المشتركة في العملية الشرائية مع توحيد أسعار نسخ العطاءات في جميع الجهات الخاضعة للنظام. وقال مدير عام دائرة اللوازم العامة أحمد المشاقبة إن “تطبيق نظام المشتريات الحكومية سيسهم في تخفيض تكلفة الشراء على مستوى الدولة بنسبة 20 بالمئة”.
وأكد أن تلك النسبة ستقابلها زيادة كفاءة العمل والإنتاج لدى القطاع الخاص والموردين المحليين بنسبة تتجاوز 20 بالمئة، وذلك حسب التجارب الدولية التي تم الاطلاع عليها، خصوصا التجربة الكورية.
وشرعت الدائرة مع المختصين في وضع التعليمات التنفيذية للنظام لتكون جاهزة للتطبيق بعد انقضاء مهلة تنفيذ النظام التي تمتد لستة أشهر من تاريخ صدور القرار. ووفق البيانات الرسمية، يبلغ عدد الشركات الموردة والمسجلة على نظام المشتريات الحكومية، والذي يتعامل مع الوزارات والمؤسسات الرسمية حاليا، 1408 شركات تغطي أعمال 102 دائرة رسمية.
ومنذ مطلع العام الحالي، رفضت إدارة اللوازم الحكومية طلب الدوائر الرسمية شراء 70 سيارة، وقد تم تزويدها من الفائض لدى وزارات ومؤسسات لا تتحرك آلياتها كثيرا ويتم رصدها من خلال نظام التتبع جي.بي.آر.أس. وبحسب المشاقبة، اقتصرت عمليات الشراء في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري على باصات نقل الموظفين، لكنه لم يذكر عددها بالتدقيق.
وتزايدت ضغوط صندوق النقد الدولي على الأردن للإسراع في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وخاصة ضريبة الدخل ومعالجة ارتفاع معدل البطالة في السوق المحلية وخفض الدين العام، رغم إشادته بمتانة النظام المالي للبلاد، التي تعاني من اختلالات اقتصادية مزمنة.
20 بالمئة نسبة خفض الإنفاق الحكومي المستهدف من دمج أنظمة المشتريات والعقود
وأكد نائب المدير العام للصندوق تاو تشانغ الأسبوع الماضي أن الأردن يواجه بيئة مليئة بالتحديات وأبرزها انخفاض النمو وارتفاع معدل البطالة وارتفاع الدين العام. وقال إن “الصندوق يرحب بخارطة طريق الحكومة الهادفة إلى إعادة هيكلة الشركات العاملة في مجال الطاقة لتخفيض تعرفة الكهرباء”.
وقذفت حزمة الدعم الخليجي المقدرة بنحو 2.5 مليار دولار بالكرة في ملعب الحكومة لإيجاد سبل لمعالجة أزماتها، التي لم تعد قابلة للتأجيل، بينما تبدو المهمة عسيرة وسط تذمر شعبي يمكن أن ينفجر مع أي إجراءات تقشف جديدة.
وسعت الحكومة الأردنية قبل مؤتمر لندن للمانحين إلى طمأنة الأوساط الشعبية حول نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها، رغم الاقرار بصعوبة الأوضاع في ظل تباطؤ معدلات النمو في السنوات الأخيرة.