إيران تواجه "الحرب النفسية" الأميركية بخطاب مكرر

تعليق صدور مجلة إيرانية لخروجها عن التصريحات الرسمية والتحذير من مخاطر حرب.
الاثنين 2019/05/13
الاتجاه محدد سلفا

يبذل الإعلام الإيراني كل طاقته لتصوير التهديدات العسكرية الأميركية على أنها مجرد حرب نفسية لن تتطور إلى حرب فعلية، وفقا لتصريحات المسؤولين السياسيين، وكل وسيلة إعلام تتخطى هذا الزعم وتخرج عن السياق المرسوم، سيكون مصيرها الإيقاف وقد يعتبرها المتشددون “خيانة وطنية”.

طهران - علّقت محكمة إيرانية صدور مجلة سيدا (الصوت) الأسبوعية الإصلاحية، بعدما نشرت طبعة شملت مقالات تحذر من احتمال نشوب حرب مع الولايات المتحدة، وفق ما ذكرت وكالة الطلبة للأنباء، شبه الرسمية.

وقال العنوان الرئيسي للمجلة على صفحتها الأولى، بجوار صورة لسفن حربية أميركية “عند مفترق طرق الحرب والسلام، هل خسر المعتدلون أم هل سينقذون إيران مرة أخرى من الحرب؟”

ويأتي حديث المجلة على خلفية التطورات العسكرية الخطيرة في المنطقة، حيث أرسل الجيش الأميركي قوات شملت حاملة طائرات ومقاتلات بي-52 إلى الشرق الأوسط لمواجهة ما قالت إدارة الرئيس دونالد ترامب إنها “مؤشرات واضحة” على تهديدات تمثلها إيران للقوات الأميركية هناك.

وانتقد المتشددون المجلة على وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفوها بأنها “صوت ترامب”، ولمحوا إلى أن تحذيرها من خطر الحرب يرقى إلى حد الدعوة إلى محادثات مع الولايات المتحدة.

وكتبت وكالة فارس للأنباء التي يقودها المتشددون في تعليق “في ذروة حرب أميركا السياسية والاقتصادية والإعلامية على الأمة الإيرانية، تكمل مطبوعة إيرانية عمليات العدو الإعلامية داخل البلاد”.

ويحاول المسؤولون الإيرانيون التقليل من خطورة التهديدات الأميركية وإمكانية نشوب حرب، بالتركيز على القول بأنها حرب نفسية غير مسبوقة تواجه إيران، لكنها لن ترقى إلى مستوى التنفيذ.

السلطات تخشى من تفجر الوضع في الشارع الإيراني فتلجأ إلى استعراض القوة في الإعلام واستخدام الشعارات الوطنية

واستنادا إلى تصريحات المسؤولين والسياسيين تحذو وسائل الإعلام الإيرانية المنحى ذاته، وتستضيف محللين وباحثين يفندون خطورة الوضع، ويشنون هجوما إعلاميا معاكسا لاستثارة مشاعر وعواطف الجمهور وتحويل غضبه نحو “الشيطان الأكبر” بدلا من النظام السياسي الذي يواصل استجرار الأزمات والعقوبات الاقتصادية القاسية على البلاد بسبب تدخلاته السياسية في المنطقة.

ووصفت طهران الحشد العسكري الأميركي بأنه “حرب نفسية” تهدف إلى ترهيبها، حيث نقل متحدث باسم البرلمان عن قائد الحرس الثوري الإيراني قوله في جلسة برلمانية الأحد إن الولايات المتحدة بدأت حربا نفسية في المنطقة.

وقال بهروز نعمتي المتحدث باسم رئاسة البرلمان ملخصا تصريحات قائد الحرس الثوري “بالنظر إلى الوضع القائم في المنطقة، قدم القائد سلامي تحليلا يفيد بأن الأميركيين بدأوا حربا نفسية لأن ذهاب وإياب جيشهم مسألة طبيعية”.

وتعتبر الحرب النفسية جزءا من الحرب الإعلامية والكلامية المتصاعدة حاليا بين واشنطن وطهران.

وحسب “وكالة أنباء فارس” الإيرانية، قال سلامي، إن “إرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى مياه المنطقة، ليس سوى حرب نفسية”. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تخويف الشعب وبعض المسؤولين العسكريين، من وقوع الحرب.

وتابع أن “الحرب الأميركية ضد إيران غير ممكنة، لأن واشنطن لا تملك القدرة والجرأة على شن الحرب ضدها”، على حد قوله.

وتتفاوت لهجة الخطاب الإعلامي الإيراني ضد واشنطن بين الوعيد والتهديد، وهي موجهة بالدرجة الأولى للداخل الإيراني الذي يعاني من تداعيات العقوبات الاقتصادية الخانقة التي زادت من معاناته المعيشية الموجودة أصلا، وتخشى السلطات من تفجر الوضع في الشارع الإيراني، فتلجأ إلى استعراض القوة في وسائل الإعلام واستخدام الشعارات الوطنية الرنانة، حيث سبق أن هدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بأن “الحرب مع إيران ستكون أم كل الحروب، بينما السلام معها هو السلام الحقيقي”، في إشارة إلى واشنطن.

وفسر الموقع الأميركي “ناشيونال انتريست”، السياسة الإعلامية الإيرانية، قائلا إن حالة من العداء تجاه الولايات المتحدة صاحبت ميلاد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وألهب زعماء الثورة الحس الثوري بقيادة آية الله الخميني، رجل الدين الثائر، عن طريق تحميل “الشيطان الأكبر” المسؤولية عن أي جرائم حقيقية أو من محض خيالهم.

في المقابل تواجه واشنطن، الخطاب الإيراني بالحرب الناعمة، إذ تعمل على إطلاق قناة تلفزيونية ناطقة باللغة الفارسية على مدار الساعة للجمهور الإيراني.

Thumbnail

وصرح وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو في يوليو الماضي، خلال حديث له في مؤسسة رونالد ريغان في كاليفورنيا “يقوم الآن مجلس إدارة البث الإذاعي لدينا، بخطوات جديدة لمساعدة الشعب الإيراني على تجاوز الرقابة على الإنترنت، ويطلق المجلس قناة تلفزيونية وإذاعة جديدتين على مدار 24 ساعة باللغة الفارسية، ولن يكون ذلك مقتصرا على التلفزيون بل وفي شكل راديو رقمي، ووسائل التواصل الاجتماعي”.

وأضاف أنه بهذه الطريقة سيكون الإيرانيون العاديون في إيران وحول العالم قادرين على معرفة أن “الولايات المتحدة معهم”.

وانتقد بومبيو في خطابه، سياسات إيران الداخلية والخارجية، تزامنا مع الذكرى الأربعين القادمة للثورة الإسلامية في إيران، وموجه إلى “أصوات الشعب الإيراني”.

وقال “على مدى 40 عاما، سمع الإيرانيون من قادتهم أن الولايات المتحدة هي الشيطان الأكبر. ولا نعتقد أن الإيرانيين لا يزالون مستعدين للاستماع إلى أخباز مزيفة”.

وستضاف القناة والإذاعة الجديدتين المقرر إطلاقهما إلى وسائل إعلام أميركية أخرى ناطقة بالفارسية وتتوجه إلى الجمهور الإيراني مثل قناة فضائية وإذاعة تحملان اسم “صوت أميركا” وكذلك إذاعة “فردا” (الغد).

وراديو (فردا) هو محطة إذاعية تذيع الأخبار والموسيقى للإيرانيين من خلال الموجة المتوسطة (صباحًا)، ومن خلال الموجة القصيرة، والقمر الصناعي، وإرسال الإنترنت، وذلك كمشروع مشترك بين إذاعة أوروبا الحرة وإذاعة صوت أميركا، وقد أطلقت هذه الإذاعة في ديسمبر 2002، وتقوم ببث أكثر من تسع ساعات تشمل البرامج، الأخبار، وموسيقى البوب الإيرانية والغربية.

18