تخبط حكومي ينذر بتغيير وزاري في مصر

مراقبون يشيرون إلى إمكانية إجراء تعديلات وزارية لبعض الحقائب التي منحها السيسي ثقة زائدة، مثل التعليم والصحة.
الجمعة 2019/05/10
المشروعات الرئاسية وأزمة التمويل

القاهرة – كشفت تصريحات مثيرة صدرت عن وزيري التعليم والصحة في مصر مؤخرا، عن خلافات داخل الحكومة حول تنفيذ بعض المبادرات الخدمية التي يتمسك بها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع ندرة التمويل المادي، بعد حديثهما عن احتمال توقف مشروعات رئاسية تستهدف تطوير القطاعين، التعليمي والصحي، بسبب عجز الموازنة.

واعتاد الشارع المصري ترقب تعديلات وزارية بعد كل تخبط حكومي، وتصاعد الجدل حول أداء بعض الوزارات إذا كانت تمس قواعد جماهيرية، مثل التعليم والصحة والتموين، لأن أكثر المتعاملين معها من الذين اعتادت الحكومة أن تحملهم فوق قدراتهم لعبور أزمات اقتصادية أو سياسية، ويمثل هؤلاء نحو 60 بالمئة من التركيبة السكانية.

وما يعزز المؤشرات حول عدم استبعاد إجراء تعديل وزاري أن الخلافات بين الوزراء بدأت تخرج إلى العلن، ويكون الإعلام على دراية بها، وهو توجه يتناقض مع الشخصية الصارمة للرئيس السيسي، الذي تستهويه السرية تجنبا لإثارة الجدل حول ما يجري بين المسؤولين في الغرف المغلقة.

وظهر الخلاف الحكومي مع مناقشة مجلس النواب للموازنة العامة للدولة (2019- 2020)، بعدما بدأ بعض الوزراء يتحدثون بنبرة غاضبة عن انخفاض موازنات وزاراتهم، بالرغم من أن مجلس الوزراء هو الذي أقر ميزانية كل حقيبة وزارية، وأرسلها إلى البرلمان لمناقشتها، ما أثار الشكوك حول الطريقة التي جرى من خلالها تمرير الموازنة الجديدة.

وقال طارق شوقي وزير التربية والتعليم، الاثنين، أمام لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، إن وزارة المالية رفضت زيادة مخصصات تطوير التعليم، واستمرار هذا التعنت يعني توقف مشروع التطوير و”غلق الوزارة تماما”، لافتا إلى أن هناك “تعنتا في الاستجابة للمطالب المالية للوزراء في مشروعات مهمة”.

عمرو هاشم ربيع: هناك تخبط حكومي حول الأولويات، ما يثير إزعاج مؤسسة الرئاسة
عمرو هاشم ربيع: هناك تخبط حكومي حول الأولويات، ما يثير إزعاج مؤسسة الرئاسة

وبعد ساعات، خرجت وزيرة الصحة هالة زايد بتصريحات مماثلة تقريبا، أمام لجنة الخطة والموازنة أيضا، وقالت “مبادرات ومشروعات رئاسية سوف تتوقف إذا استمر خفض ميزانية الصحة في الموازنة الجديدة، ومنها مشروع التأمين الصحي الشامل، لأنه يصعب استمراره في ظل تعنت وزارة المالية عن توفير المخصصات المطلوبة”.

وعلمت “العرب” أن قرارا سريا صدر، مساء الأربعاء، إلى مختلف الوزارات، بمنع الوزراء من الإدلاء بأحاديث صحافية، على خلفية التأثير السلبي لتصريحات بعضهم، لأنها جاءت في اتجاه مغاير لتوجهات مؤسسة الرئاسة.

وأكد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع لـ”العرب”، وجود تخبط حكومي حول الأولويات، ما يثير إزعاج مؤسسة الرئاسة، والدليل على ذلك أن الوزراء نقلوا خلافاتهم حول موازنة الدولة ومخصصات كل قطاع من الحكومة إلى البرلمان.

وتوقع أن تبدأ خطوات إجراء تعديلات وزارية لبعض الحقائب التي منحها السيسي ثقة زائدة، وارتبطت أعمالهم بملفات اعتبرها في صدارة أولوياته، مثل التعليم والصحة.

ومنحت تصريحات بعض الوزراء الفرصة لمعارضي الحكومة لزيادة التشكيك في جدوى المشروعات القومية التي تنفذها، وتخصص لها مئات المليارات من الجنيهات.

وعندما تحدث السيسي عن مستقبل ولايته الثانية في الحكم، التي بدأت في يونيو الماضي، أمام مجلس النواب، ركز على توفير أوجه الدعم والرعاية والمخصصات المالية لقطاعي الصحة والتعليم.

وتسبب كلام وزير التعليم، على وجه الخصوص، في أزمة حادة للحكومة، لأن السيسي هو من أطلق مشروع تطوير التعليم، وعقد من أجله أكثر من مؤتمر نخبوي للترويج له، لكن المشروع ما زال يواجه برفض شعبي لشعور الناس بعدم وجود رؤية تقنعهم بمساندة الحكومة.

وذهب معارضون إلى احتمال أن يكون التخبط حول موازنات الوزارات الجماهيرية تحديدا، مقدمة لرفع أسعار الخدمات، مثل التعليم والصحة، كأحد حلول تعويض عجز الموازنة.

ويرى متابعون أن تقمص بعض الوزراء للدور الذي ظل يحتكره السيسي، ليكون وحده المتحدث عن الأزمة الاقتصادية في البلاد، وتهيئة الأجواء لاتخاذ قرارات صعبة لمواجهة عجز الموازنة، يمكن تفسيره بأن بعض الدوائر المحيطة به لم تعد ترغب في أن يتحمل وحده غضب الشارع بإقحام نفسه في المشكلات وتريد أن تقتسم الحكومة معه جزءا من الأزمات.

ودعم عمرو هاشم هذا الرأي، وقال لـ”العرب”، “السيسي لم يعد يرغب في أن يحل كل الأزمات وحده، ويتخذ قرارات تثير الناس، ويريد أن يتحمل الوزراء جزءا من المسؤولية، لكن عندما منح بعضهم الثقة للدفاع عن المشروعات والمبادرات الجماهيرية، مثل التعليم والصحة، تسببوا في أزمة بعدما أظهروا للجميع أن الحكومة تعج بالخلافات، ومؤسسات الدولة عاجزة عن توفير الأموال لتنفيذ المبادرات واستكمال المشروعات”.

2