ميتسوبيشي تقتحم سوق النقل الجوي بأول طائرة مدنية يابانية

اعتبر محللون نجاح تجارب إقلاع وهبوط أول طائرة مدنية يابانية تحديا جديا لهيمنة أيرباص وبوينغ على صناعة الطيران التجاري، رغم التحديات المالية والقانونية، التي تواجه طموحات شركة ميتسوبيشي لانتزاع حصة في سوق الطيران التجاري.
ناغويا (اليابان) – أشعلت شركة ميتسوبيشي اليابانية المنافسة في سوق النقل الجوي بعد أن أعلنت عن اجتياز طائرة ركاب من فئة الطائرات الإقليمية المراحل التجريبية قبل دخولها الخدمة، والتي يرجّح أن تزاحم طائرات عمالقة هذه الصناعة.
وتتوقّع الشركة، التي تصنع السفن ومحطات الطاقة النووية ومكوّنات الفضاء والسيارات، أن تكون الطائرة جاهزة للعمل في العام المقبل، وهو جدول زمني يمثّل تحديا.
ورغم أن رئيس الشركة هيساكزو ميزوتاني لم يكشف خلال مؤتمر صحافي عقد بمدينة ناغويا منتصف هذا الشهر عن تكاليف صناعة الطائرة، لكنه اكتفى بالقول إن “العام القادم مهم للغاية بالنسبة لنا”.
وأشارت وكالة بلومبيرغ إلى أن اختيار توقيت الإعلان عن تخطي الطائرة اليابانية الجديدة، التي تأخرت عن الظهور لفترة طويلة، كافة الاختبارات دون مشاكل تذكر، قد يكون تمّ بعناية فائقة.
ويأتي التوقيت ملائما، في أعقاب الضربة القوية، التي تلقتها بوينغ الأميركية عقب سقوط طائرتين من طراز 373 ماكس 8، وهي من الطائرات المتوسطة ذات سعة 126 راكبا.
وأحدثت فاجعة سقوط الطائرة الإثيوبية الشهر الماضي هزة كبيرة في ثقة الحكومات وشركات الطيران وحتى المسافرين في أكبر مصنع للطائرات في العالم.
وبدأت ميتسوبيشي ريجيونال جت في تطوير أول طائرة ركاب محلية الصنع منذ الستينات من القرن الماضي، لكنها تأخرت لعقود قبل أن يتحقق الحلم بعد نصف قرن.
وبدأت طائرة الركاب الجديدة عمليات الاختبار قبل ثلاثة أسابيع، بينما تضع نصب عينيها سوق الطائرات ذات المقاعد القليلة والتي من المتوقّع أن تبلغ حجمها 135 مليار دولار حتى عام 2037، وفقا لمجموعة صناعة الطائرات اليابانية.
وتقوم ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة، وهي مورد قديم لمكوّنات الطائرات لشركة بوينغ، بتطوير الطائرة أم.آر.جي لتخرج بها بشكل فعلي إلى أرض الواقع.
وبعد إنفاق ما لا يقل عن ملياري دولار على مدار أكثر من عقد من الزمن، تتطلع الشركة المصنّعة للحصول على شهادات اعتماد لطائراتها وبدء عمليات التسليم.
وكانت ميتسوبيشي تخطط لرحلات تجريبية في عام 2012، لكنها تجاوزت الموعد النهائي بسبب صعوبات واجهتها في ذلك الوقت خلال عمليات الإنتاج.
ونظرا إلى وجود عدد قليل من المقاعد، تعدّ طائرات ميتسوبيشي فئة مختلفة من الطرازات الضيقة الأكبر حجما مثل طائرات بوينغ 737 أو 320 أي من أيرباص.
ويمكن للطائرة أن تسير لمسافة تبلغ نحو 3200 كلم، في حين أن البديل الأصغر يمكنه نقل ما يصل إلى 76 شخصا لنفس المسافة تقريبا.
ويقول شو فوكوهار المحلل لدي مؤسسة جيفيريس جابان إن الخطط الحالية لإنتاج أم.آر.جي 407 لا تكفي لجعل البرنامج مربحا، لكن ذلك يتوقف على قدرة ميتسوبيشي على إعداد طائرات في الموعد المحدد لتسليم الطلبيات.
وأوضح أنه على المدى الطويل هناك فرص، لكن على الشركة الآن تسليم الطائرة الأولى لمعرفة ما إذا كان هناك اهتمام من قبل المشترين المحتملين وكيف بإمكانهم الحصول على طلبياتهم من خلال متابعة الجدول الزمني للإنتاج.
وكانت الشركة قد أعلنت في أكتوبر الماضي أنها ستضخ 170 مليار ين (1.5 مليار دولار)، إضافية في رأس مال وحدتها لصناعة الطائرات ليبلغ 2.4 مليار دولار، كما ألغت 445 مليون دولار من الديون المستحقة على قسم الطائرات.
وبالإضافة إلى التحديات المالية، هناك أيضا تحديات قانونية، فقد رفعت بومباردييه، ثالث أكبر شركة لتصنيع الطائرات في العالم، دعوى ضد ميتسوبيشي، متهمة إياها بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار عبر الحصول على معلومات سرية تسببت لها “في خسائر مالية لا يمكن تعويضها”.
وقال سيمون ليتيندر المتحدث باسم الشركة الكندية لبلومبيرغ إن “بومباردييه سوف تدافع بقوة عن نفسها”.
ومع ذلك، يعتقد البعض أن صناعة الطيران المدني حديثة العهد في اليابان ستعزز التكهنات بكون دول شرق آسيا ستكون في طريق كسر احتكار بوينغ وأيرباص على سوق النقل التجاري العالمي، لاسميا بعد اجتياز طائرة سي 919 الصينية الاختبارات التجريبية قبل أقلّ من عامين.
ويشكّل هذا المنحى أكبر تحوّل على الإطلاق في صناعة الطائرات التجارية في العالم، والتي يتوقع أن تجذب إليها زبائن من مختلف أنحاء العالم لأسعارها التي تضاهي بوينغ وأيرباص.
ولا تعتبر ميتسوبيشي المصنّع الآسيوي الوحيد الذي يراهن على قدرته على بناء طائرة أرخص وأكثر كفاءة، فبالإضافة إلى امتلاك شركة الطائرات التجارية الصينية المحدودة (كوماك) سي 919، تدرس شركة كوريا لصناعات الطيران المحدودة ما إذا كانت ستقوم بتطوير طائرة تسع لمئة راكب.
ويتوقع لي دونغ هيون المحلل في شركة دايشين للأوراق المالية في سيول أن يشهد سوق الطيران في آسيا نموا أكبر خلال السنوات المقبلة وسيكون هناك طلب على هذه الطائرات.