على طريق الاستنارة

في مرحلة الحُلم العربي الجميل والطموح إلى ارتياد آفاق التنمية والارتقاء بمستويات الحياة؛ ولدت مجلة “العربي” في هيئة تمزج بين ملامح مجلتي منوعات وكشوفات، الرائدتين في الولايات المتحدة، هما “ناشينال جيوغرافي” و”ريدرز دايجست”.
الأحد 2019/04/21
أبهجت “العربي” الصغار والكبار

سرّني حضور مجلة “العربي” الكويتية، بتمام أناقتها الورقية، على أرصفة وأرفف الصحف والمجلات المتبقية. فليس هناك قارئ بلغة الضاد، تقدم به العمر، لم يكن لديه، منذ نعومة أظفاره، شغف بـ”العربي”، ولم يكن يترقب موعد وصولها شهرياً، ويأسف إن نفدت ولم يدركها، ولم يكن يفتش عن نسخة يستعيرها أو يقلب صفحاتها. هي التي تربعت لعقود، على عرش المنشورات الثقافية، وحافظت على أريحيتها وتنوعها في استضافة الأقلام والمدن والموضوعات والقصائد منذ انطلاقتها في العام 1958. فقد أبهجت “العربي” الصغار والكبار بألوانها وعناوين أبوابها.

أحسست بامتنان عميق للكويت التي استمرت في إرسالها إلى يد الفقير والغني. ففي مصر، تباع وهي من 220 صفحة من الورق الصقيل اللامع، بأقل من سعر إضمامة نعناع. فهذه الأخيرة بجنيهين والمجلة بــ125 قرشاً، علماً بأن مجلة “الديوان” الفصلية، الصادرة عن مؤسسة “الأهرام” وهي أقل حجما وكلفة، تباع بعشرة جنيهات. معنى ذلك أن الدولار الواحد، يغطي ثمن أربع عشرة نسخة من “العربي”. ومعنى ذلك أيضاً أن الكويت تهدي المجلة إلى القارئ العربي وحسبها ألا تنسى حق الموزع، دون أن تأخذ لنفسها شيئاً من كلفة تحرير وطباعة وشحن ربع مليون نسخة. وهنا موضع الامتنان!

سلخت المجلة من العمر، أكثر من نصف القرن، وهي إلى الآن، صامدة أمام طوفان النشر الإلكتروني، وترغب في جعل النشر الورقي، قاعدة راسخة لا محيد عنها، للتوسع، وللمزيد من التنوع والاستضافات، ليس في النشر الإلكتروني وحسب، وإنما كذلك في عرض الموضوعات التي يضيق بها الورق، عبر قناة تلفزيونية.

في مرحلة الحُلم العربي الجميل والطموح إلى ارتياد آفاق التنمية والارتقاء بمستويات الحياة؛ ولدت مجلة “العربي” في هيئة تمزج بين ملامح مجلتي منوعات وكشوفات، الرائدتين في الولايات المتحدة، هما “ناشينال جيوغرافي” و”ريدرز دايجست”. وكان إصدار “العربي” من خلفية الاستفهام التقريري: لم لا يكون للعرب مثل هذه المنشورات على طريق الاستنارة؟

في مرحلة التدشين، تولى أحد أعلام النهضة العلمية العربية، الكيميائي المصري د. أحمد زكي عاكف، مسؤولية تحرير مجلة “العربي”. كان الرجل ذا قلم جميل فضلاً عن كونه عالماً ومؤلفاً يطمح إلى إعداد موسوعة عربية علمية. أي أن المجلة بدأت واستمرت بأهل الخبرة. ولما اشتد عودها، تولى الصحافي المحترف والمميز، أحمد بهاء الدين مسؤولية التحرير، ثم تولى المسؤولية الكاتب وأستاذ علم الاجتماع الكويتي محمد الرميحي الذي حافظ على مستواها وعلى الاستمرار في تطويرها، وجاء بعد الرميحي أساتذة آخرون من الكتّاب الكويتيين المرموقين، الذين حافظوا على السياق كله، ومضوا بخطى ثابتة في طريق الاستنارة!

24