"أنت يساري" وصمة نتنياهو الجاهزة تجاه خصومه

رئيس الوزراء الإسرائيلي يصف منافسه الأبرز في الانتخابات، بيني غانتس بأنه يساري ضعيف سيعرض أمن إسرائيل للخطر.
الخميس 2019/04/04
أسلوبه المعتاد

تل أبيب – "يساري" صفة يعتمد عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقويض قوى منافسة له في الانتخابات المقررة في التاسع من الشهر الجاري، وتبدو بنظر الكثيرين في إسرائيل وصمة نظرا للانتكاسات المتتالية التي شهدها اليسار في الحكم.

ويصف نتنياهو منافسه الأبرز في الانتخابات، بيني غانتس بأنه يساري ضعيف سيعرض أمن إسرائيل للخطر بالتنازل عن أراض للفلسطينيين، وهو أمر لا يتقبله اليمينيون بأي شكل، وفي هذا السياق يرى معارضو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن هذا هو أسلوبه المعتاد.

وقالت ميراف ميخائيلي وهي نائبة عن حزب العمل "كلمة اليسار أداة لنزع الشرعية عن أي شخص ضد نتنياهو.. أصبح (اليسار) بمثابة لعنة لذا فليس مفاجئا أن كثيرا من الناس يحاولون تفاديه"

وأضافت لايات أربيل وهي من مؤيدي حزب العمل "إذا كان ضرر عميق حقيقي أصاب المجتمع بسبب نتنياهو فهو تصوير اليساريين على أنهم خونة... نحن جزء من إسرائيل تماما مثل اليمينيين".

قامت دولة إسرائيل على يد اليسار، الذي هيمن على المشهد السياسي في السنوات الأولى للدولة، وفي عام 1992، سيطر اليسار على 61 مقعدا من أصل 120 في البرلمان (الكنيست). لكن بعد قرابة 30 عاما، تشير التوقعات إلى أن اليسار سيحصل على نحو 25 مقعدا فحسب في الانتخابات التي ستجرى الثلاثاء المقبل.

ويرزح اليسار تحت وطأة سلسلة من الانتكاسات منها اغتيال رئيس الوزراء إسحق رابين في عام 1995 وفشل معاهدات أوسلو التي أبرمها في عامي 1993 و1995 في تحقيق السلام مع الفلسطينيين، بالإضافة لفشل عدة جولات من المفاوضات وسنوات من إراقة الدماء تركت مشاعر مرارة وجوا من انعدام الثقة بين الجانبين.

وفي دراسة للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، يقول 12 في المئة فحسب من الإسرائيليين اليهود إنهم يساريون في الوقت الراهن، وكانت النسبة مثلي هذا الرقم قبل نحو 15 عاما، في المقابل يصف 56 في المئة أنفسهم الآن بأنهم يمينيون مقارنة بأربعين في المئة خلال الفترة ذاتها فيما لم تتغير نسبة من يصفون أنفسهم بأنهم وسطيون كثيرا عن 26.5 في المئة.

Thumbnail

ولا يزال نجم اليمين في صعود مع بقاء نتنياهو في السلطة على مدى العقد المنصرم وهو على بعد أشهر من أن يصبح، إذا أعيد انتخابه، أطول الزعماء بقاء في الحكم.

وبيني غانتس يعتبر المرشح الوحيد الذي يملك فرصة لهزيمة نتنياهو، وليس يساريا وإنما جنرال سابق حديث العهد بالسياسة، وينتمي إلى حزب جديد يخوض الانتخابات ببرنامج وسطي.

وفي إطار مساعيه لاجتذاب الناخبين الذين يميلون لليمين، سلط غانتس (59 عاما) البراغماتي الضوء على إنجازاته العسكرية.

وكان غانتس قائدا للجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة عام 2014 بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي قُتل خلالها 2100 فلسطيني مقابل 67 قتيلا من الجنود الإسرائيليين وستة مدنيين. ويتباهى غانتس بهذا الإنجاز إذ يعرض إعلانا تلفزيونيا يركز على عدد النشطاء الفلسطينيين الذين قُتلوا عندما كان قائدا للجيش.

لكنه في الوقت ذاته يحرص على عدم تنفير الناخبين الوسطيين، ومن ثم فإنه ينتقي كلماته بعناية في أكثر قضية مثيرة للانقسام بين اليسار واليمين في إسرائيل.. حل الدولتين للصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وفي لفتة لليسار يقول غانتس إنه ينبغي أن تسعى إسرائيل لإحلال السلام وإنهاء سلطتها على الفلسطينيين، لكنه لا يصل إلى حد تأييد إقامة دولة فلسطينية.

وتظهر معظم استطلاعات الرأي أن حزب الأبيض والأزرق الوسطي بقيادة غانتس متقدم على حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو. لكنها تظهر أيضا أن تحالفا لكل الأحزاب اليمينية بقيادة نتنياهو سيحصل على الأرجح على أغلبية.

ومن بين المنتقدين لنتنياهو لميله الشديد نحو اليمين إيهود باراك، آخر يساري نجح في هزيمة نتنياهو في انتخابات عامة، وهر رجل ذو تكوين عسكري مثل غانتس. ويقول باراك (77 عاما) الذي اعتزل المشهد السياسي، إن اليمين أصبح القوة الدافعة للسياسة الإسرائيلية، ويرى أن اليسار فقد زخمه.

وقال باراك الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء من يوليو 1999 وحتى مارس 2001 "كان اليسار يملك رؤية لإسرائيل كمجتمع عصري صهيوني مستنير على رأس العالم المتقدم.

Thumbnail

ومعلقا على سياسات اليمين بقيادة نتنياهو، أكد أنه يملك رؤيته الخاصة وهي بشكل ما، قاتمة وقومية متطرفة وإلى حد ما عنصرية ودينية... لكنها رؤية متقدة لهذا فهي تحفزهم".

ولكن في نظر الكثير من الإسرائيليين، لعب باراك دورا كبيرا في أفول نجم اليسار، ففي عام 2000 أخفق هو والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في إبرام معاهدة سلام.

وقالت أنجيلا جودفري-جولدستين وهي ناشطة سلام إسرائيلية مخضرمة "منذ ذلك اليوم فصاعدا، آمن الشعب الإسرائيلي بأنه لا يوجد شريك وأنهم لا يريدون السلام".

وزاد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، بعدها ببضعة أشهر من التباعد بين الطرفين، وشن الفلسطينيون عمليات إطلاق نار وتفجيرات انتحارية بينما نفذت إسرائيل ضربات جوية وغارات عسكرية.

وزاد تشدد الرأي العام عندما سحبت إسرائيل جنودها ومستوطنيها من قطاع غزة في 2005، ليقع القطاع بعد ذلك بعامين تحت سيطرة حماس، الأمر الذي قوض فرص السلام أكثر فأكثر.

وإذا كان غانتس يريد تأمين النصر، فقد يضطر لإقناع الناخبين بأنه يحذو حذو القادة العسكريين السابقين الذين دخلوا معترك السياسة مثل رابين وآرييل شارون، الذي شغل منصب رئاسة الوزراء من مارس 2001 حتى أبريل 2006.

وسئل غانتس عن المقارنة مع رابين خلال مؤتمر انتخابي في تل أبيب يوم الثلاثاء فقال "أن أُقارن بإسحق رابين لهي أفضل مجاملة يمكن أن أفكر فيها. كان رابين وسطيا.. يساريا بعض الشيء .. يمينيا بعض الشيء.. كيفما تريد أن تصفه".