إمعان السلطات التونسية في التقشف يهدد باحتقان اجتماعي يسبق الانتخابات

تونس تخضع لضغوط كبيرة من صندوق النقد الدولي لتسريع وتيرة الإصلاحات ومساعدة اقتصادها على التعافي.
الخميس 2019/04/04
السلطة تستفز الشارع

تونس – تواصل السلطات التونسية تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، ما يثير مخاوف من انفجار اجتماعي يسبق الانتخابات، قد يعمق سخط الشارع من السياسيين، ما من شأنه إضعاف المشاركة في الاستحقاقات القادمة، وتوتير الأجواء المحيطة بها.

ووافق البرلمان الأربعاء على قانون يرفع سن تقاعد موظفي القطاع العام سنتين ويفرض ضريبة للضمان الاجتماعي على الموظفين وأرباب العمل، في إصلاح مهم يطالب به المقرضون الدوليون.

وتخضع تونس لضغوط من صندوق النقد الدولي لتسريع وتيرة الإصلاحات ومساعدة اقتصادها على التعافي من هجمات مسلحة وقعت في 2015 وأضرت بقطاع السياحة الحيوي في البلاد.

لكن وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي كشف خلال الجلسة العامة الأربعاء أنّ 40 بالمئة من المتقاعدين سنهم أقل من 60 سنة ويتقاضون 51 بالمئة من إجمالي كتلة الجرايات، وهو ما يفسّر الترفيع في سن التقاعد.

وشدّد على عدم تدخل أي أطراف خارجية أو من الداخل في صياغة مشروع القانون المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي. وأوضح، في ردّه على ملاحظات بعض النواب الذين أشاروا في تدخلاتهم إلى شبهات تدخل أطراف في صياغة مشروع القانون، أنّ المشروع لم يتم تقديمه بإملاءات من الخارج.

واعتبر أنّ مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام القانون المتعلق بتنظيم الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي، حافظ على جملة الحقوق المكتسبة للتونسيين ودعّمها بامتيازات جديدة.

Thumbnail

ويرفع القانون الجديد سن تقاعد موظفي القطاع العام من 60 إلى 62 عاما اعتبارا من 2020. كما يفرض ضريبة للضمان الاجتماعي نسبتها واحد بالمئة على الموظفين وضريبة بنسبة اثنين بالمئة على أرباب العمل. ومن شأن هذا القرار ترفيع معدلات البطالة في البلاد، لاسيما في شريحة الشباب التي تعاني من غياب فرص العمل.

وتعاني صناديق الضمان الاجتماعي الحكومية في تونس من عجز قدره نحو مليار دولار، في ظل الاضطرابات التي شهدتها البلاد منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بزين العابدين بن علي، وفقا لما قاله مسؤولون.

وحظيت تونس بالإشادة لما حققته من تقدم ديمقراطي منذ عام 2011، لكن الحكومات المتعاقبة لم تمض قدما في إصلاحات قد تكون مؤلمة لتقليص معدلات العجز وتحفيز النمو.

وبموجب موازنة 2019، سيتقلص العجز في الميزانية إلى 3.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، من حوالي خمسة بالمئة في 2018.

وتسود تونس منذ أيام حالة سخط عقب ترفيع الحكومة مجددا في ثمن المحروقات. واحتج سائقو شاحنات نقل البضائع وسيارات الأجرة وعربات النقل الخاصة في عدة مناطق عبر قطع طرقات رئيسية والاحتجاج أمام مقرات عدد من الولايات، مثل سليانة والقيروان والمنستير وسوسة.

وأعلن اتحاد سيارات الأجرة الرابطة بين المدن عن تعليق عملها بدءا من اليوم الخميس احتجاجا على الزيادات والتهديد بغلق كامل الطروقات الرئيسية في البلاد.

ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) الحكومة إلى التراجع عن قرار الزيادة في أسعار المحروقات، تجنبا لحدوث احتقان اجتماعي.

Thumbnail

وقال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي إن قرار الترفيع في أسعار المحروقات كان مفاجئا، خاصة وأن وزير الصناعة نفى ذلك قبل أيام ووصف الأمر بالإشاعات.

وأضاف الشفي قائلا في تصريحات إذاعية الأربعاء “يبدو أن الزيادة في أسعار المحروقات لن تكون الأخيرة”.

وقال الشفي “الاتحاد لا يساند غلق الطرقات من طرف المحتجين على هذه الزيادة.. ولكن يساند كل الاحتجاجات السلمية التي يخوضها الشعب ويساند كذلك حق المواطن في التعبير عن رأيه وفي الدفاع عن لقمة عيشه”.

ودعا الشفي الحكومة إلى التراجع عن هذه الزيادة، تجنبا للاحتقان الاجتماعي الذي بات لدى التونسيين. ومنتصف مارس الماضي، وجّه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي انتقادات لاذعة  للحكومة ورئيسها، مستعرضا عددا من المؤشرات التي تترجم هشاشة الوضع خصوصا على المستوى الاقتصادي. وقال السبسي إنّ “الأداء الحكومي ليس في الاتجاه الصحيح”، مؤكدا أن “المؤشرات الاقتصادية تدل على ذلك”.

وأضاف أن المؤشرات التي أطلعه عليها محافظ البنك المركزي مروان العباسي، ووزير المالية محمد رضا شلغوم تدل على أن الموضوع “خطير في حال لم نقم بتلافيه”.

وجاءت تصريحات السبسي لتبدد الصورة الإيجابية التي يحاول الشاهد وفريقه الحكومي تسويقها للرأي العام التونسي، والتي مفادها أن الوضع الاقتصادي يسير نحو التحسن.

4