عراقيل تعترض طريق نتنياهو لولاية خامسة

رئيس الوزراء الإسرائيلي يجد نفسه أمام منافسة انتخابية شرسة، اضافة إلى تهم الفساد التي تلاحقه من شأنها أن تؤثر عليه سياسيا وعلى حظوظه في الفوز بالانتخابات.
الأربعاء 2019/04/03
نتنياهو يعمل على تصوير نفسه "رجل دولة" لا يمكن الاستغناء عنه

القدس - يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الفوز بولاية خامسة في انتخابات الكنيست المقررة في التاسع من أبريل المقبل، ولكن لقب "الملك بيبي" الذي اكتسبه بعد تربعه فترة طويلة في سدة الحكم مهدد اليوم للمنافسة الشرسة التي يواجهها وتهم الفساد التي تلاحقه ومن شأنها أن تؤثر عليه سياسيا وتشكل ضغوطا كبيرة على حظوظه في الفوز بالانتخابات.

وفي السياق ذاته، أعلن النائب العام أفيخاي مندلبليت أنه قرر توجيه لائحة اتهام بحق نتانياهو تتضمن تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة خلال جلسة من المقرر أن تعقد بعد الانتخابات.

ونتانياهو ليس ملزما قانونيا بالتنحي بعد اتهامه، إلا إذا أدين واستنفدت جميع الاستئنافات، وإن كان سيخضع لضغوط سياسية قوية في سباق الانتخابات ومن شأنها أن تطيح بطموحاته السياسية.

وفي حال فوزه، سيكون أول رئيس وزراء يتجاوز الفترة التي أمضاها مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن غوريون في المنصب لأكثر من 13 عاما بين 1948 و1963.

لكن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو يقترب كثيرا من التحالف الوسطي برئاسة الجنرال السابق بيني غانتس رئيس أركان الجيش السابق.

ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لديه الخبرة الكافية في مقارعة خصومه السياسيين بحنكته في تولي قيادة اليمين ويمكن أن يقودم بذلك مرة أخرى.

وقد قام بحملة انتخابية ممزوجة بخطابات شعبوية مثيرة للانقسام، ويعمل على تصوير نفسه رجل دولة لا يمكن الاستغناء عنه مستفيداً من علاقاته مع الزعماء الأجانب ولا سيما الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يدعمه بقوة في هذه الانتخابات، على خلفية قرار الاعتراف بالجولان إسرائيلية والذي كان له وقع قوي على الداخل الإسرائيلي كما أثار ضجة دولية كبيرة.

كما لجأ نتنياهو إلى تكتيكات تشبه تلك التي يستخدمها ترامب، مهاجماً "الأخبار الكاذبة" ووصف التحقيقات بالفساد بأنها "مؤامرة ضده".

وقال الاثنين الماضي إن "الوضع في البلاد رائع وأفضل من أي وقت مضى. خصومنا بعيدون كل البعد عن اللحاق بما أنجزناه. لا سبيل لديهم، ماذا يمكنني أن أقول؟"

نتانياهو قام بحملة انتخابية ممزوجة بخطابات شعبوية مثيرة للانقسام
نتانياهو قام بحملة انتخابية ممزوجة بخطابات شعبوية مثيرة للانقسام

يتمتع نتانياهو البالغ 69 عاما ببنية قوية ويحرص على تسريح شعره الأشيب، وقد رسخ نفسه في أعلى الهرم بقوة حتى بات يطلق عليه لقب "الملك بيبي"، نسبة إلى اسم الدلل عندما كان طفلا.

قليلون يشككون في قدراته السياسية، وساعده لقبه الآخر "رجل الأمن" إلى حد كبير في تعزيز شعبيته لما لمسألة الأمن من أهمية في ذهن الناخبين.

ويعتمد "رجل الأمن" على التشكيك بمصداقية منافسه غانتس، الذي يصفه بأنه "يساري ضعيف" على الرغم من خلفيته العسكرية وحقيقة أن تحالفه يضم أربعة من رؤساء أركان الجيش السابقين.

كما يوظف نتنياهو الضربات الإسرائيلية في سوريا ضد ما يقول إنها أهداف عسكرية إيرانية ومواقع لحزب الله لتعزيز موقعه السياسي في الداخل باعتباره الوحيد القادر على حماية بلاده من تهديدات إقليمية.

وعدا عن العمليات الأمنية، يسعى في أغلب الأحيان لتجنب الحديث عن الفلسطينيين ولا يخفي أعضاء ائتلافه اليميني رفضهم حل الدولتين.

وقد عمل رئيس الوزراء الإسرائيلي على تفادي شن حرب ضد قطاع غزة في مثل هذا التوقيت لأثره الكبير على سير الانتخابات، حيث أكد مراقبون أنه يفضل انتقادات منافسيه على حرب بغزة لا يضمن نتائجها.

ولد نتانياهو في مدينة تل أبيب عام 1949 ولديه ولدان من زوجته الحالية ساره وابنة من زواج سابق.

وهو ابن أستاذ في التاريخ وسياسي من اليمين، وأمضى فترة من حياته في الولايات المتحدة حيث تخرج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ونال شهادة بكالوريوس في الهندسة المعمارية وماجستير في إدارة الأعمال.

خدم في وحدة النخبة في الجيش الاسرائيلي وأصيب لكنه تأثر بمقتل شقيقه يوناتان خلال عملية تحرير رهائن إسرائيليين في عنتيبي في أوغندا. وقد وصف تلك العملية بأنها "تجربة وطنية مأساوية للغاية".

هيمن حزب العمل على السياسة الإسرائيلية لنحو ثلاثة عقود، إلى أن نجح حزب الليكود بقيادة مناحيم بيغن في عام 1977 في الفوز برئاسة الوزراء، ما مهد الطريق لانطلاقة المسيرة السياسية لنتانياهو.

بدأت مسيرته بعمله في سفارة إسرائيل في واشنطن، ثم مندوبا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة.

وأصبح بعد ذلك أصغر رئيس وزراء عام 1996 عندما كان عمره 46 عاما، ثم ما لبث أن هزم في انتخابات عام 1999 ، وعاد إلى السلطة عام 2009 وما يزال إلى اليوم.

ورغم نمو الاقتصاد في عهده وتشديده على الأمن، يقول كثيرون إن سياساته تعمق الانقسام ويتهمونه باتباع أساليب التخويف وتأليب الإسرائيليين ضد بعضهم البعض بانتقاده من يخالفونه الرأي.

وكتب الصحافي أنشيل فيفر في كتابه عن السيرة الذاتية لنتانياهو: "إرثه النهائي لن يكون أمة تتحلى بمزيد من الأمن، بل مجتمع إسرائيلي يعاني من انقسامات عميقة ويعيش خلف الأسوار".