حزب الشاهد يتصدر استطلاعات الرأي: شعبية حقيقية أم مزيفة

حزب "تحيا تونس" يسجل صعودا مفاجئا ليحتل المرتبة الثانية في نوايا التصويت للانتخابات التشريعية بنسبة 7.1 بالمئة في حين تصدرت حركة النهضة نوايا التصويت بنسبة 21.2 بالمئة.
الأربعاء 2019/04/03
الانتخابات شغله الشاغل

تونس- يطرح تقدم حزب “تحيا تونس” الذي تم الإعلان عن تأسيسه منذ أقل من شهرين، إضافة إلى تصدر رئيس الحكومة يوسف الشاهد، المحسوب على الحزب المذكور، لنتائج سبر الآراء المتعلقة بالانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، شكوكا لدى المتابعين لاسيما مع تزايد التذمر الشعبي من السياسات الإصلاحية القاسية التي تتبعها الحكومة لـ”إنقاذ الاقتصاد”.

ويتصدر الشاهد منذ عدة أشهر نتائج التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة، كان آخرها سبر آراء أجرته مؤسسة “إمرود كونسلتينغ” ونشرت نتائجه الثلاثاء صحيفة محلية. وأكد 13.3 بالمئة من التونسيين أنهم سيمنحون أصواتهم لرئيس الحكومة في الرئاسية رغم أنه لم يعلن بعد عن نيته للترشح.

وسجل الحزب المحسوب على يوسف الشاهد ” تحيا تونس” صعودا مفاجئا ليحتل المرتبة الثانية في نوايا التصويت للانتخابات التشريعية بنسبة 7.1 بالمئة في حين تصدرت حركة النهضة نوايا التصويت بنسبة 21.2 بالمئة.

وتثير نتائج هذه الاستطلاعات استغراب المتابعين وحتى تندرهم، فكيف لحزب لم يمر على تأسيسه أكثر من شهرين أن يحتل المرتبة الثانية في اختيارات التونسيين الذين ابتعد أغلبيتهم عن متابعة الشأن السياسي بسبب خيبات الأمل التي تعرضوا لها، عقب ما يسمى بـ”الثورة” وتردي أوضاعهم المعيشية وتراجع القدرة الشرائية وتزايد معدلات البطالة.

بالإضافة إلى الركوب على قضية "الثروات المنهوبة"، كثّف الشاهد من تحركاته التي يبدو أنها تستهدف استمالة الناخبين

ويقول خبراء إن عملية سبر الآراء هي عملية لصناعة الرأي العام، يستخدمها السياسيون وفقا لما يتماشى مع انتظاراتهم. وبحسب هؤلاء فإن القائمين على مؤسّسات سبر الآراء في تونس يقدمون أرقاما مضخمة عن نسبة دعم شخصية سياسية من قبل المواطنين، أو مدى ثقتهم بها، في محاولة تهدف أساسًا إلى إيصال رسالة مشفرة إلى ذهن المتقبّل مفادها أن تلك الشخصية في الصدارة وأنها تحوز على ثقة الجميع.

وتستغل مؤسسات سبر الآراء غياب قانون ينظم القطاع للتلاعب بالنتائج مستفيدة من المال السياسي. ويقول معز بن مسعود الباحث في مجال الاتصال في تصريحات صحافية محلية سابقة إن “الفراغ القانوني التشريعي أبرز عوائق عملية سبر الآراء دافعا إلى إيجاد هيئة تنظم القطاع وتركز منظومة تشريعية ترتيبية تحول دون الانزلاق في فوضى التوظيف السياسي”.

ويطرح بن مسعود في تصريحات لصحيفة “الشروق” المحلية تساؤلات دقيقة في طرق قياس سبر الآراء التي يعتبرها غير خاضعة لمنهج علمي في مستوى اختيار العينة إن كانت ممثلة لتوجهات الناس أم لا وفي مستوى التعميمات ومدى خضوعها لمنهجية علمية في التصرف في المعلومات وصياغتها وترتيبها.

ويسود تونس منذ أيام حالة سخط عقب ترفيع الحكومة مجددا في ثمن المحروقات. واحتج سائقو شاحنات نقل البضائع وسيارات الأجرة وعربات النقل الخاصة في عدة مناطق عبر قطع طرقات رئيسية والاحتجاج أمام مقرات عدد من الولايات، مثل سليانة والقيروان والمنستير وسوسة. وأعلن اتحاد سيارات الأجرة الرابطة بين المدن عن تعليق عملها بدءا من الخميس المقبل، احتجاجا على الزيادات والتهديد بغلق كامل الطرقات الرئيسية في البلاد.

ومنتصف مارس الماضي، وجّه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي انتقادات لاذعة للحكومة ورئيسها، مستعرضا عددا من المؤشّرات التي تترجم هشاشة الوضع خصوصا على المستوى الاقتصادي. وقال السبسي إنّ “الأداء الحكومي ليس في الاتجاه الصحيح”. مؤكدا أن “المؤشرات الاقتصادية تدل على ذلك”.

وأضاف أن المؤشرات التي أطلعه عليها محافظ البنك المركزي مروان العباسي، ووزير المالية محمد رضا شلغوم تدل على أن الموضوع “خطير في حال لم نقم بتلافيه”. وجاءت تصريحات قائد السبسي لتبدد الصورة الإيجابية التي يحاول الشاهد وفريقه الحكومي تسويقها للرأي العام التونسي، مفادها أن الوضع الاقتصادي يسير نحو التحسن.

ويتهم الشاهد من قبل خصومه خاصة حركة نداء تونس، التي انشق عنها، باستغلال منصبه وموارد الدولة للترويج لنفسه ولحزبه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها في أكتوبر ونوفمبر القادمين.

وكثّف رئيس الحكومة التونسية من التحركات والقرارات التي وصفها خصومه بـ”الشعبوية” في إطار حملة انتخابية مبكرة. وتضفي تلك التحركات والجهود مصداقية على نتائج سبر الآراء التي تؤكد تقدمه وحزبه في نوايا التصويت خلال الانتخابات القادمة، وترجح احتمالات بأن تكون نجحت في منحه شعبية سريعة.

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي غير راض عن الأداء الحكومي ليوسف الشاهد
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي غير راض عن الأداء الحكومي ليوسف الشاهد

وأعلن الناطق باسم الحكومة إياد الدهماني في مارس الماضي، وقف العمل باتفاقية الملح الموقعة مع شركة “كوتيزال” الفرنسية، ليعيد الجدل حول “الثروات المنهوبة” الذي يحظى باهتمام شعبي بالغ، إلى الواجهة.

وبالإضافة إلى الركوب على قضية “الثروات المنهوبة”، كثّف الشاهد من تحركاته التي يبدو أنها تستهدف استمالة الناخبين، حيث استقبل مؤخرا المنتخب التونسي لرياضة ذوي الحاجيات الخاصة المشارك في ملتقى الشارقة الدولي لألعاب القوى والجائزة الكبرى بدبي 2019 والذي توج في أعقابهما بـ24 ميدالية ذهبية و9 فضية و7 برونزية مع تحقيق رقمين قياسيين عالميين.

ووصف مراقبون هذه الخطوة بمحاولة استمالة شريحتين اجتماعيتين وهم الرياضيون والمهتمون بالمجال الرياضي وأيضا ذوي الحاجيات الخاصة. وقبل ذلك أطلق الشاهد شعار “استهلك تونسي” مشددا على أن هذا هو الخيار الذي يجب تكريسه على أرض الواقع والثقافة التي يجب تبنيها خاصة في الظرف الاقتصادي الراهن الذي تمر به البلاد، معتبرا أنّ ذلك سيساهم في تقليص الواردات ودعم الميزان التجاري.

4