#يتنحّاو_قاع نقطة انطلاق رمزية لمطالب جديدة في الجزائر

أيقونة شعارات الحراك الجزائري تبلغ العالم بفضل وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، إضافة إلى استمرارية الحراك الشعبي.
الأربعاء 2019/04/03
مصطلح جزائري أصيل

عبارة “يتنحّاو قاع”، وهي تعني “فليتنّحوا جميعا”. انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وصارت شعارا للاحتجاجات في الجزائر منذ 22 فبراير الماضي، للمطالبة برحيل نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي يحكم البلاد منذ عشرين عاما.

الجزائر- برزت عبارة “يتنحاو قاع” في 11 مارس الماضي، عقب إعلان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (82 عاما) سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة، وتأجيل انتخابات رئاسية كانت مقررة في 18 أبريل الجاري، مع وعد بانتخابات أخرى لن يترشح فيها.

وسألت مراسلة قناة عربية الشاب سفيان بكير تركي (33 عاما) عن رأيه في سحب بوتفليقة، الذي يعاني من متاعب صحية منذ سنوات، لترشحه وفرحة بعض الجزائريين بالخبر، فأجابها “يتنحاو قاع”، أي يجب أن يرحل كل رموز النظام دون استثناء.

وبقوة، سجلت العبارة حضورا قويا في مظاهرات الجزائريين ضد تمديد الولاية الرابعة وتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، لاسيما في مظاهرات الجمعة 15 و22 و29 مارس الماضي.

حضر شعار “يتنحاو قاع” وقائله سفيان في المظاهرات، عبر لافتات ورسومات كاريكاتورية رفعها محتجون ضد السلطة الحاكمة، كما ردده آخرون في هتافاتهم بمختلف الساحات والشوارع بالعاصمة وبقية المحافظات.

عبارة "يتنحاو قاع" التي نطق بها الشاب سفيان بكير تركي سجلت حضورا قويا في المظاهرات

وشهدت مظاهرة الجمعة الأخيرة (29 مارس) اعتمادا كبيرا للشعار ذاته بطريقة فكاهية تحمل رسالة سياسية إلى السلطة.

على نطاق واسع، ومنذ مظاهرات 15 مارس الماضي، يتداول ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر هاشتاغ #ينتحاو_قاع، على شكل صور وتعليقات ورسومات كاريكاتورية.

وغرد الكاتب عبدالرزاق بوكبة قائلا “خرج شطر من الشعب فرحان بالرسالة الثانية للرئيس المترشح، بغض النظر عن كون ذلك مساندة لإجراء الرئيس أم فرحا بالانتصار الأولي للحراك”. وأضاف “ثم تدارك الأمر بعد ساعة أو ساعتين، وانحاز لخيار الرفض. وقد تم تلخيص الموقف الشعبي في عبارة: يتنحاو قاع”.

وكتب الناقد السينمائي عبدالكريم قادري، عبر صفحته على فيسبوك “الأشياء التي تأتي بتلقائية تخلّد وتبقى.. يتنحاو قاع”، بينما انتقد الكاتب بشير ضيف الله على فيسبوك التفاف الجزائريين حول شعار “يتنحاو قاع” بقوله “فيه ما فيه من الشعبوية.. فلا تحملوا الوطن أكثر مما يحتمل”. واعتبر أن “رفض الكلّ يعني العودة إلى قانون الغاب أو إعلان حالة الطوارئ”.

ووفقا للمختص الجزائري بعلم الاجتماع، محسن بن عاشور، فإن “عبارة ‘يتنحاو قاع” لها دلالة سياسية.. معناها أن يرحلوا جميعا”.

عبارة عفوية تتحول إلى شعار الحراك
عبارة عفوية تتحول إلى شعار الحراك

وأوضح بن عاشور أن “كلمة قاع تعني عمق الشيء في ظاهر اللغة”.

وتابع “مثلا يتم تصفية الماء ليس من سطحه فقط، بل من عمقه (أسفله) أيضا أي تصفيته لكي لا يبقى فيه شيء”. وأردف أن “كلمة قاع هي مصطلح جزائري محض، ولا يفهمه إلا ابن المنطقة التي يتحدث أهلها به، ويعني الجميع أو نهائي.. مثلا: يتنحوا نهائيا”. وبين أن “دلالته في المظاهرات هي: يرحلوا جميعا، يرحلوا كافة، يرحلوا كلّهم، ولا يبقى أي أحد”.

و”يتنحاو قاع” هي، بحسب المختصة الاجتماعية فضيلة درويش، “عبارة مركبة من يتنحوّا (يرحلوا)، أما قاع فليست لها دلالة لغوية، بل هي مصطلح جزائري محض معناه الجميع والكل”.

وشددت درويش على أن “يتنحاو قاع مرتبطة بالبنية الذهنية للجزائريين، وهم يقصدون بها رحيل كل السلطة”. وأضافت أن “هذه العبارة تدل على اتفاق جمعي في البنية الذهنية لمجموعة من الأشخاص ضد نفس النظام”.

وتابعت أن “هذا الاتفاق الجمعي ضد النظام لم ينطلق من فراغ، بل سبقته سنوات من الكلام والصبر على الألم”.

واستطردت “هذا الاتفاق الجمعي يأتي من الشعور المشترك وثقافة الرفض، التي يُعرف بها الجزائريون، وعناصر أخرى، مما جعل الناس يفهمون دون أن تشرح لهم معنى العبارات المحلية (اللهجة الدارجة)، ومنها: يتنحاو قاع”. وأضافت أن “يتنحاو قاع بلغت خارج الحدود (الجزائر)، ولو أن جل العالم لا يعرف ماذا تعني، ولكن الجزائري يفهمها، وتمكن من تصديرها إلى الخارج”.

وأوضحت فضيلة أن “بلوغها العالم كان بفضل وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة، إضافة إلى استمرارية الحراك الشعبي”.

وحول دلالتها الاجتماعية، قالت إن كلمة “قاع”لا تقال في كل محافظات الجزائر، فهي منتشرة في منطقة القبائل (تيزي وزو وبجاية – شرق)، إضافة إلى محافظات الوسط (منها العاصمة) .

19