تركيا تنتظر المزيد من المصاعب الاقتصادية بعد هزيمة أردوغان

تؤكد المؤشرات وتحليلات الخبراء أن الاقتصاد التركي تنتظره المزيد من المصاعب بعد الهزيمة، التي مني بها حزب العدالة والتنمية الحاكم خلال الانتخابات المحلية في أكبر معاقله بالبلاد منذ توليه السلطة قبل 17 عاما، وأدت إلى تكبد الليرة خسارة أخرى من قيمتها.
إسطنبول (تركيا) - هوت الليرة التركية بمقدار 1.2 بالمئة أمام الدولار أمس بعد انتخابات محلية مثيرة فقد فيها حزب العدالة والتنمية السيطرة على أكبر معاقله.
وخسر الحزب بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان بلديتي أنقرة وإسطنبول لأول مرة منذ أكثر من عقدين، وهو ما يجعل الأوضاع الاقتصادية، وفق المحللين، تزداد قتامة.
ولم تتوقف الاهتزازات التي تتعرض لها الليرة منذ قرابة ثلاثة أسابيع نتيجة توترات سياسية واقتصادية داخلية أو خارجية، لتسجل 5.62 مقابل العملة الأميركية، مقارنة مع إغلاق الجمعة الماضي البالغ 5.55.
وتعيش العملة المحلية أسوأ فترة لها منذ أزمة الهبوط الحاد الذي تعرضت له في أغسطس الماضي، قبل أن تتحسن قليلا منذ أكتوبر، لكنها عاودت الهبوط، منذ منتصف تعاملات الشهر الماضي. كما شهدت الأسهم والسندات التركية عمليات بيع على مدى الأسبوع السابق للانتخابات.
الليرة تفقد 1.2 بالمئة من قيمتها أمام الدولار إثر خسارة حزب أردوغان لبلديتي أنقرة وإسطنبول في الانتخابات المحلية
ودخل الاقتصاد التركي في مرحلة تباطؤ للمرة الأولى منذ عقد، فيما أثّر التضخم الذي غذاه تراجع الليرة، بشدة على القدرة الشرائية للمستهلكين، خاصة على صعيد الغذاء.
وكانت تصريحات أردوغان المعادية للولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، تسببت في انهيار قياسي لسعر الليرة مقابل الدولار، وكبدت الشركات التركية 11 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد.
ويؤدي انخفاض الليرة إلى تزايد القروض المتعثرة في البنوك التركية، وهي القروض التي يتوقع أن تتضاعف بالفعل خلال العام الجاري.
ويخشى المستثمرون من مغبة دخول أنقرة في معركة دبلوماسية جديدة مع واشنطن، كتلك التي حصلت العام الماضي بسبب اعتقال قس أميركي في تركيا، وتسببت بفرض عقوبات ورسوم جمركية أميركية على تركيا.
ومن شأن أي عقوبات جديدة أن تمدد فترة الركود في تركيا إلى نهاية العام الجاري، وربما حتى طوال العام المقبل، فضلا عن هروب المستثمرين الأجانب من البلاد وضرب قطاع السياحة.

وأظهرت بيانات حديثة أن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية انخفض بمقدار الثلث في مارس، فيما وصفت وكالة موديز، تآكل احتياطيات العملات الأجنبية بالأمر “السلبي على الائتمان”.
وذكرت في تقرير أمس أن تجدد الاضطرابات في الأسواق المالية التركية وتفاقم الشكوك حول الأوضاع السياسية والركود المستمر سيزيد من هروب رؤوس الأموال.
وكان المركزي قد رفع سقف إجمالي مبيعاته في معاملات مقايضة العملة المحلية إلى 30 بالمئة من 20 بالمئة للمبادلات التي لم تستحق بعد.
وأثارت تلك الانخفاضات تساؤلات حرجة بشأن ميزان المدفوعات التركي وقدرة البلاد على تمديد ديونها الخارجية، وكيف ستسعى للحصول على احتياطيات طارئة إذا اقتضت الضرورة ومن أي جهة.
وأظهر مسح حديث نشر أمس أن نشاط المصانع التركية انكمش في الشهر الماضي ولعام متصل بفعل تباطؤ في طلبيات التوريد المحلية وطلبيات التصدير.
وقالت لجنة من غرفة صناعة إسطنبول وآي.إتش.أس ماركت إن مؤشر مديري المشتريات بالقطاع ارتفع إلى 47.2 بالمئة في مارس من 47.4 بالمئة في فبراير، ليظل دون مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش.
وقالت اللجنة إن الطلبيات الجديدة في قطاع إنتاج السلع بتركيا تراجعت نتيجة للتحديات على صعيد الطلب، بينما اقترب الإنتاج من نقطة الاستقرار، مضيفة أن الطلب الأجنبي تراجع وسط تقارير عن طلب أوروبي ضعيف.
وفي الأسبوع الماضي، أظهر وزير المالية براءت البيرق صهر أردوغان تفاؤلا حيال تحسن الأوضاع حينما أكد أن المؤسسات والأفراد المحليين بدؤوا تحويل حيازاتهم من النقد الأجنبي إلى الليرة.
وتوقع أن تتسارع عمليات تحويل ودائع العملة الأجنبية إلى الليرة وأن تعود أسواق الأسهم والسندات إلى طبيعتها في الأيام القادمة.
وقال البيرق في مقابلة مع محطة تلفزيون محلية، حينها إن “تركيا ستدخل فترة إصلاح للاقتصاد بعد الانتخابات المحلية”، لكنه لم يقدم تفاصيل محددة بشأن الإصلاحات التي تخطط لتنفيذها.
وكشفت مصادر مصرفية تركية لوكالة رويترز أن صندوق ضمان الائتمان الذي تدعمه الخزانة والمخصص لتحفيز الاقتصاد من خلال ضمان قروض للشركات الصغيرة والمتوسطة توقف عن قبول الطلبات الجديدة منذ الجمعة الماضي.
وقال الصندوق إنه أخطر البنوك بأنه لن يتلقى المزيد من الطلبات ضمن 3 برامج للضمانات وأن برنامجا رابعا أُغلق بالفعل أمام الطلبات. واستخدمت ضمانات القروض على نطاق واسع بعد استحداث المشروع في 2017 لتعزيز الاقتصاد في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل.
وتطوير الاقتصاد حجر زاوية لحكم أردوغان الذي مضى عليه 17 عاما والذي يعطي أولوية لنمو مرتفع ودعا مرارا إلى أسعار فائدة منخفضة لدعم الإقراض. لكن الاقتصاد واجه صعوبات منذ العام الماضي عندما هوت الليرة بنسبة 30 بالمئة أمام الدولار، ما ألحق ضررا بقدرة بعض الشركات على تسديد القروض.