أرامكو تكرس هيمنتها بتصدر أكبر شركات الطاقة العالمية ربحية

اعتبر محللون أن منح شركة النفط السعودية أرامكو، والتي باتت في صدارة أكبر كيانات العالم من حيث الأرباح، تصنيفا ائتمانيا هو الأول لها على الإطلاق، يعطي زخما قويا لعملية تقييم الشركة بعد الاستحواذ على سابك استعدادا لتنفيذ أكبر طرح أولي في العالم.
الرياض - جمع عملاق النفط السعودي أرامكو إيرادات ضخمة العام الماضي جعلته أكثر شركات العالم تحقيقا للأرباح، وذلك في أول تصنيف عالمي له، بعدما فتح حساباته لأول مرة استعدادا لبدء جمع أموال من مستثمرين.
وحصلت وكالتا فيتش وموديز العالميتان للتصنيف الائتماني على معلومات نادرة عن حسابات شركة النفط السعودية، تظهر تحقيقها مليارات الدولارات من الأرباح.
وجاء التصنيف قبل ساعات قليلة من تدشين باكورة برامجها العالمية لسندات متوسطة الأجل لتمويل شراء 70 بالمئة من الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) بقيمة 69.1 مليار دولار في صفقة تم إعلانها الأسبوع الماضي.
وقالت أرامكو في بيان إنها “ستقوم بترتيب سلسلة من الاجتماعات مع مستثمرين من ذوي العائد الثابت، بدءا من يوم الاثنين”، استعدادا لإتمام عملية دمج لأكبر شركتين في البلاد قد تستمر لمدة عام على الأرجح.
ومن المحتمل خلال البرنامج أن يتم طرح سندات ذات أولوية وغير مضمونة ومقومة بالدولار، بناء على أوضاع السوق، حسب الشركة.
وذكرت وكالة رويترز أن أرامكو ستعقد اجتماعات مع المستثمرين في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة حتى يوم الجمعة الخامس من أبريل قبل إصدار سندات دولارية متعددة الشرائح، حسبما أفادت وثيقة صادرة عن أحد البنوك التي تقود العملية.
وكان صندوق الثروة السيادية يملك كامل حصة شركة سابك المدرجة في الرياض وهي رابع أكبر شركة بتروكيماويات في العالم. وتبلغ القيمة السوقية لسابك 385.2 مليار ريال (حوالي 103 مليارات دولار).
ويعكس تعزيز أصول أرامكو بشراء أسهم في سابك، تسارع خطوات الرياض للتحول نحو تصدير المشتقات والمنتجات البتروكيماوية.
وستمنح الصفقة الضخمة برنامج الإصلاحات الطموح الذي يقوده ولي العهد الشاب محمد بن سلمان بهدف تنويع الاقتصاد، دفعة نقدية هائلة.
وأعلنت وكالة موديز أن الشركة السعودية أعلنت صافي أرباح بقيمة نحو 111.1 مليار دولار العام الماضي، أي أعلى من الأرباح الصافية لأكبر خمس شركات نفط عالمية، وحقّقت 355.9 مليار دولار كعائدات.
وكانت الشركات الخمس، وهي اكسون موبيل وشيفرون الأميركيتان، وبريتش بيتروليوم البريطانية وتوتال الفرنسية ورويال داتش شيل البريطانية الهولندية، قد أعلنت معا صافي أرباح بقيمة 80 مليار دولار.
وتجاوزت أرباح أرامكو أيضا أرباح عملاق التكنولوجيا شركة آبل الأميركية، والتي بلغت 50 مليار دولار، ما يجعلها أكثر شركة في العالم تحقيقا للأرباح.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إن أرامكو حقّقت أرباحا بقيمة 224 مليار دولار العام الماضي قبل اقتطاع الضرائب.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن ديمتري مارينشنكو المحلل في فيتتش قوله إن “التدفقات المالية من العمليات هي أفضل معيار لمقارنة وتقييم ربحية أي شركة”.
وقامت وكالتا التصنيف بمنح الشركة المملوكة للحكومة تصنيفات من درجة أي بلس من فيتش، وأي 1 من موديز، نظرا إلى أن الحكومة السعودية تضع يدها على جزء كبير من أرباح الشركة إذ تعتمد الرياض على أرامكو لتمويل نفقاتها.
واستنادا إلى مواردها المالية ومخزونها الضخم من المواد الهيدروكربونية وتكلفة الإنتاج المنخفضة، فإن تصنيف الشركة كان سيكون أي.أي بلس لولا اعتماد الحكومة عليها، وهو أعلى تصنيف تتمتّع به شركات النفط العالمية.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية لنائب الرئيس في موديز، ريحان أكبر، قوله إن “أرامكو تتمتع بالعديد من خصائص الشركات المصنفة في الفئة أي.أي.أي التصنيف الأعلى، ولديها مستوى متدن من الديون مقارنة بالتدفق النقدي”.
وأضاف “هي تتمتع أيضا بإنتاج واسع النطاق والريادة في السوق وإمكان الوصول إلى أحد أكبر احتياطات الموارد الهيدروكربونية على مستوى العالم، في المملكة العربية السعودية”.
لكنه تدارك بالقول “مع ذلك، فإن التصنيف النهائي مقيّد بتصنيف الحكومة السعودية في الفئة أي 1 بسبب الروابط الوثيقة بين الحكومة والشركة”.
وقال أم. أر. راغو، نائب الرئيس التنفيذي في إدارة الأبحاث المنشورة في المركز المالي الكويتي، لوكالة الصحافة الفرنسية إن “إصدار السندات الدولية من أرامكو سيكون حدثا بارزا”.
وأكّد أنّ الطرح سيساعد في اختبار اهتمام وإقبال المستثمرين، قبل الطرح المرتقب لنسبة من أسهم الشركة للاكتتاب العام، وهو الأول في تاريخ المجموعة. وجاءت الصفقة مع سابك بعد تأخير في طرح أسهم أرامكو في البورصة، في عملية تهدف إلى جمع 100 مليار دولار لتمويل خطط ولي العهد الاقتصادية.
والتأخير ناجم عن حرص الشركة على تحسين أصولها وتعزيزها قبل الطرح الذي سيكون في بورصة الرياض (تداول) وإحدى البورصات العالمية الكبرى.
وذكرت فيتش أنه استنادا إلى معلومات قدّمتها أرامكو، فإن طرح 5 بالمئة من أسهمها للاكتتاب العام الأولي ما زال قائما ومن المرجح أن يتم العام 2021.
وتملك السعودية احتياطات بقيمة نصف تريليون دولار تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). وإلى جانب هذه الاحتياطات الضخمة، ستعطي الصفقة مع سابك صندوق الاستثمارات العامة، دفقا نقديا يحتاج إليه لتطبيق “رؤية 2030”.
ويقود صندوق الاستثمارات العامة، الذي يأمل في أن ترتفع أصوله لتبلغ تريليوني دولار بحلول العام 2030، جهود نقل اقتصاد الدول الخليجية من مرحلة الارتهان بالنفط إلى مرحلة الاعتماد على التكنولوجيا.
ويملك الصندوق استثمارات ضخمة في شركات عالمية بينها أوبر التي تعتمد على تطبيق على الهواتف الذكية للنقل التشاركي.
ويرى خبراء موديز أن أرامكو قادرة على تمويل صفقة سابك نقدا من دون الحاجة إلى الاقتراض، معتبرين أنّ الاستحواذ سيؤدي إلى “تقوية القطاع التجاري للشركة”.
وقالت الوكالة إن معدل إنتاج “أرامكو اليومي من النفط العام الماضي بلغ 10.3 مليون برميل يوميا، أي أقل من طاقتها الإنتاجية القصوى بنحو 1.7 مليون برميل”.
وتقدّر أرامكو احتياطاتها المثبتة من النفط عند نحو 227 مليار برميل، واحتياطاتها من الهيدروكربون بنحو 257 مليار برميل من المكافئ النفطي، ما يكفي لأكثر من نصف قرن، وهو “مستوى عال ومريح”، بحسب فيتش.
وكان الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر قد قال إن “الشركة تعتزم استثمار ما يصل إلى نصف تريليون دولار في أنشطة المنبع والمصب خلال السنوات العشر المقبلة”.
وتوقع خلال كلمة في مؤتمر للطاقة بلندن في فبراير الماضي أن يسجل الطلب على النفط ارتفاعا كبيرا في الفترة المقبلة سيأتي في الأساس من قطاع النقل.