ارتفاع غير مسبوق في ضحايا الحرب المدنيين بأفغانستان

كابول - سجل عدد القتلى المدنيين في أفغانستان تزايدا في الفترة الأخيرة نتيجة اقتراب موسم الاقتتال المعتاد في الربيع من ناحية، وتعثر عملية السلام من ناحية أخرى، ما أدى إلى زيادة المخاوف من حدوث الأسوأ في بلد مزقته الحرب المستمرة منذ 18 عاما.
ويعتبر عيد النيروز الواقع في 21 مارس بداية التقويم الشمسي الهجري الأفغاني، آخر أيام الشتاء القارص، وأول فصل الربيع، ما يعني بداية موسم قتال جديد.
وبالرغم من الاندفاع الواضح من جانب الولايات المتحدة إلى إجراء محادثات مع حركة طالبان لإنهاء أطول حرب أميركية في عامها الثامن عشر، تبنت الأطراف المتحاربة في أفغانستان بشكل واضح موقفا هجوميا شرسا لكسب اليد العليا.
وبينما نجحت طالبان في تنفيذ هجمات منسقة واسعة النطاق خاصة في الأجزاء الشمالية المجهولة، دخلت القوات الأفغانية المدعومة من القوات الجوية الأميركية معاقل الحركة في الجنوب من خلال عمليات التطهير المتصاعدة على الأرض ومن الجو.
وتشير الأرقام شبه الرسمية إلى مقتل أكثر من 90 مدنيا، في شهر مارس وحده، سقطوا إما في مناطق الاقتتال أو نتيجة الغارات الجوية أو في انفجار عبوات ناسفة.
وفي أحد هذه الحوادث التي استهدفت مشارف العاصمة كابول، الثلاثاء، قُتل 5 مدنيين على الأقل (4 نساء وطفل)، في منطقة سوروبي، وذلك في إطار عملية عسكرية أفغانية بدعم من القوات الأجنبية، فيما أعربت جهات -من بينها بعثة الأمم المتحدة للمساندة- عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة.
وقالت البعثة في تغريدة ”نشعر بالقلق إزاء تصاعد الوفيات بين المدنيين في العمليات البرية والجوية المشتركة بين القوات الأفغانية والأجنبية، وما زال هناك الكثير مما يجب القيام به وبسرعة لحقن دماء المدنيين المتزايدة في أفغانستان”.
وأشار عتيق رحمان المحلل الدفاعي، إلى أنه على عكس الكثير من أسلافه، فإن وزير الدفاع الجديد أسدالله خالد أكثر حماسة في ملاحقته للمتمردين. وأضاف رحمان “من دون شك، عادت الاشتباكات المسلحة والغارات الجوية والعمليات الليلية بكامل قوتها ضد المتمردين، الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين والخوف بين المتمردين”.
وعمل خالد حاكماً في عدد من المحافظات الجنوبية المضطربة، كما شغل منصب رئيس الاستخبارات في البلاد قبل منصبه الحالي، كما أنه نجا من عدة محاولات اغتيال أيضا.
وقال في خطاب ألقاه عند توليه المنصب في وقت سابق من العام الجاري، أمام حشد من الجنود، بأن مهمتهم لن تكون فقط في وضع دفاعي لإحباط هجمات المتمردين. وتوعد قائلا “لفترة طويلة كانت قواتنا تحمل شعار ‘سنموت، لكن لن نستسلم’، لكن مع كل الاحترام لهذا الشعار القديم من الآن فصاعدا سيكون شعارنا الجديد سنقتلهم ونسيطر على معاقلهم”.
وكانت البعثة الأممية قد صنفت السنة السابقة العامَ الأكثر دموية في الصراع الأفغاني منذ أن بدأت في حفظ السجلات.
ومع رقم قياسي بلغ 3 آلاف 804 قتلى مدنيين في عام 2018 -وهو مؤشر واضح على تصاعد العنف- اعتبرت الأمم المتحدة أن اغتنام فرص السلام صار حاجة ماسة.
وأظهرت الأرقام انخفاضا نسبيا في أرقام الضحايا خلال فبراير، عندما قُتل ما لا يقل عن 700 شخص، من المدنيين وقوات الأمن والمسلحين، مقارنة بشهر يناير الذي قتل فيه أكثر من 900 شخص من جميع الأطراف.
وصرح ليام ماكدول، مدير الاتصالات الإستراتيجية في بعثة الأمم المتحدة للمساندة في أفغانستان، بأن تأثير النزاع على المدنيين يثير قلقًا عميقًا.
وقال ماكدول لقد “شهد عام 2018 أعلى عدد قتلى مدنيين تم تسجيله على الإطلاق، جميع الأطراف مسؤولة عن وقوع إصابات بين المدنيين، حيث تتحمل طالبان وتنظيم داعش المسؤولية عن حوالي ثلثي القتلى أو الجرحى من غير المقاتلين”.
ومن المقرر أن تستأنف الولايات المتحدة وطالبان محادثات السلام في الدوحة بقطر في وقت لاحق من الشهر الجاري دون أي علامات واضحة على مشاركة الحكومة الأفغانية في المفاوضات.