مخاوف من اندلاع حرب في غزة مع الذكرى الأولى لمسيرات العودة

إسرائيل تحشد قواتها على حدود القطاع تحسبا لأي تهديدات قبيل ذكرى يوم الأرض في القطاع. 
الجمعة 2019/03/29
نتنياهو وورطة غزة

حكومة بنيامين نتنياهو والفصائل الفلسطينية كلتاهما لا تبدو مستعدة لخوض مخاطرة حرب واسعة، بيد أن ذلك يبقى غير كاف لضمان عدم تدحرج الأمور إلى هذا السيناريو خاصة مع الاستعدادات في غزة لمسيرات مليونية السبت في ذكرى يوم الأرض.

غزة – يظل التوتر سيد الموقف على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، وسط خشية من انزلاق الأمور إلى أتون معركة واسعة، رغم الجهود المصرية والأممية الحثيثة التي تبذل لتجنب هذا السيناريو الذي يأتي في توقيت جد حساس تمر به المنطقة ككل.

ويتزامن التوتر بين الفصائل الفلسطينية في القطاع وإسرائيل مع قرب إحياء ذكرى مرور عام على مسيرات العودة التي انطلقت في 30 مارس الماضي للمطالبة برفع الحصار عن غزة، وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين طردوا أو غادروا ديارهم لدى قيام دولة إسرائيل في 1948.

ووجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، بتعزيز القوات المنتشرة على الحدود مع قطاع غزة، تحسبا لحرب واسعة في حال فشل الخيارات الأخرى.

مخيمر أبوسعدة: مع تحكم حركة حماس بمسيرات العودة، تراجع الاهتمام العالمي بها
مخيمر أبوسعدة: مع تحكم حركة حماس بمسيرات العودة، تراجع الاهتمام العالمي بها

ونقل الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية أوفير جندلمان، عن نتنياهو قوله، بعد تفقد عناصر الجيش الإسرائيلي المنتشرة على حدود قطاع غزة “أوعزت بتعزيز القوات المنتشرة هنا وبالاستعداد لخوض معركة واسعة النطاق”.

وتابع “فليعلم جميع المواطنين أننا لو اضطررنا إلى خوض معركة واسعة النطاق فسندخل إليها أقوياء بعد أن استنفدنا جميع الخيارات الأخرى”.

ويرى مراقبون أن الخيارات التي يقصدها نتنياهو هي الجهود المصرية لتثبيت التهدئة، وقد عقد وفد أمني مصري الأربعاء لقاءات عدة مع قيادة حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة، قبل أن يغادر الخميس إلى تل أبيب.

وقال مسؤول فلسطيني إن الوفد المصري الذي وصل مساء الأربعاء إلى غزة “اجتمع برئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية قبل أن يلتقي قياديين من الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية لبحث تثبيت التهدئة”.

وأشار المسؤول إلى “موافقة الفصائل على فرض الهدوء في القطاع، وإبعاد المشاركين بمسيرة العودة المليونية (المتوقعة السبت) مسافة 300 متر عن السياج الفاصل ووقف إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة”.

ويرى مراقبون أن الفصائل الفلسطينية كما إسرائيل لا ترغبان في تصعيد الموقف ودخول معركة غير محسومة النتائج.

ويلفت المراقبون إلى أن وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يكون الأكثر تعقيدا خاصة وأنه يتحضر لانتخابات حاسمة في 9 أبريل المقبل، وهو لا يريد من جانب الظهور في موقف الضعيف أمام الفلسطينيين لأن ذلك سيضرب خزانه الانتخابي أي الجمهور اليميني، ومن جهة ثانية فإن شن عملية عسكرية واسعة فيه مخاطرة كبيرة حيث أنه لا يمكن توقع مآلاتها.

وكان نتنياهو قد هدد حركة حماس في كلمة ألقاها، أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية (أيباك)، مشددا على أن بلاده مستعدة للرد بقوة أكبر في قطاع غزة، مؤكدا في الوقت ذاته أن حماس تكبدت ضربة موجعة.

ويعود التوتر بين غزة وإسرائيل إلى الاثنين الماضي حينما أطلق صاروخ من رفح جنوب القطاع مستهدفا منزل في تل أبيب، ما أدى إلى إصابة 7 أشخاص بجروح متفاوتة.

وأثارت قدرة الصاروخ الذي لم تتبن أي من الفصائل مسؤولية عن إطلاقه جدلا كبيرا على الساحة الإسرائيلية، حيث أنه للمرة الأولى يقطع صاروخ يطلق من القطاع
أكثر من 120 كلم ليضرب قلب إسرائيل الاقتصادي.

وردت إسرائيل بموجة من الغارات الجوية، استهدفت أساسا مواقع لحماس بينها مكتب رئيس الحركة إسماعيل هنية.

ويقول متابعون إن الرد الإسرائيلي كان ضمن نطاق اللعبة، بيد أنه لا يمكن الرهان كليا على أن الأمور تتجه نحو التهدئة، خاصة وأن الفلسطينيين يستعدون لمسيرات مليونية على الحدود مع غزة السبت، وهناك إمكانية كبيرة لحدوث مواجهات مع الجيش الإسرائيلي الرابض في المنطقة.

Thumbnail

وجذبت المسيرات التي انطلقت للمرة الأولى قرب حدود قطاع غزة في 30 مارس العام الماضي وتواصلت على مدى سنة لاسيما أيام الجمعة، انتباه العالم، إلا أن الفلسطينيين ومحللين يتساءلون بعد عام قتل فيه 258 فلسطينيا وجرح نحو سبعة عشر ألفا آخرين خلال هذه المسيرات، حول ما إذا كان التحرك حقّق أهدافه، وحول الاستراتيجية التي ينبغي اتباعها مع بدء العام الثاني.

وبلغت المواجهات ذروتها في 14 مايو عندما نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، وقتل يومها 62 فلسطينيا على الأقل برصاص إسرائيلي وأصيب المئات.

في بدايتها، أخذت المسيرات طابعا شعبيا وسلميا، وحددت الهيئة العليا لمسيرات العودة التي تضم حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى الموجودة في القطاع ومؤسسات مدنية وأهلية، خمسة مواقع رئيسية أقامت فيها مخيمات قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل، لتجمع المحتجين.

وشكل إشعال إطارات السيارات وإلقاء الحجارة والطائرات الورقية، أبرز أدوات المسيرات في أشهرها الأولى، قبل أن تتطوّر إلى استخدام بالونات حارقة ومتفجرة، ورد الجيش الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.

وانتقد الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان إسرائيل بسبب نوعية ردها على الاحتجاجات، معتبرين أن الجنود يطلقون النار على متظاهرين لا يشكلون تهديدا كبيرا. وترى إسرائيل أن ردها ضروري للدفاع عن الحدود، وتتهم حماس التي خاضت معها ثلاث حروب منذ 2008، بالوقوف وراء التظاهرات.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر مخيمر أبوسعدة أن “المسيرات بدأت سلمية ثم أدرجت فيها فعاليات عنف مثل البالونات الحارقة والمتفجرة، وهذا
أعطى لإسرائيل مبررا للقتل بوحشية، هذا إخفاق”.

ويضيف “مع تحكم حماس بالمسيرات، تراجع الاهتمام العالمي بها، ينبغي أن تبقى قيادة المسيرات شعبية بعيدة عن الفصائل”. ودعا رئيس حركة حماس إسماعيل هنية الأربعاء الفلسطينيين “إلى الخروج في ذكرى يوم الأرض والمشاركة في مليونية العودة”.

2