فيسبوك يحظر "التعصب الأبيض"

وسط ضغوط من حكومات في جميع أنحاء العالم، عززت فيسبوك آليات الذكاء الاصطناعي للعثور على المحتوى الذي يدعم الكراهية وإزالته مع الابقاء على الانفتاح على حرية التعبير.
الجمعة 2019/03/29
التعصب أيديولوجية تلقى رواجا

أعلن موقع فيسبوك الأربعاء أنه سيحظر تأييد تفوق العرق الأبيض والإشادة به وكذلك مظاهر العنصرية كجزء من حملة ضد خطاب الكراهية، بعد أسبوعين على مهاجمة متطرف يؤمن بتفوق العرق الأبيض مسجدين في نيوزيلندا.

واشنطن- “نعلن اليوم فرض حظر على تمجيد القومية البيضاء ودعمها وتمثيلها على فيسبوك وإنستغرام، على أن يبدأ العمل بهذا الحظر الأسبوع القادم. من الواضح أن هذه المفاهيم شديدة الارتباط بجماعات الكراهية المنظمة، ولا مكان لها على منصاتنا”، بهذه الكلمات افتتحت شركة فيسبوك بيانا أعلنت فيه الأربعاء عزمها على حجب صفحات تنادي بالفوقية البيضاء، وهو ما اعتبرته خطابا مخالفا لسياسة الشركة المناهضة لنشر الكراهية.

ويأتي هذا الإعلان بعد أسبوعين على مهاجمة متطرف يؤمن بتفوق العرق الأبيض مسجدين في نيوزيلندا وقتل 50 شخصا وإصابة 50 آخرين. ولن يتم تطبيق الحظر على بعض المنشورات. وقالت فيسبوك “في حين أن الناس سيظلون قادرين على إظهار اعتزازهم بتراثهم العرقي، لن نتسامح مع الثناء أو دعم القومية والانفصالية البيضاء”.

وأضافت أن الأشخاص الذين يدخلون مصطلحات بحث مرتبطة بسيادة العرق الأبيض سيحصلون على نتائج تحيلهم إلى مواقع مثل “الحياة بعد الكراهية” الذي يركز على مساعدة الناس في الابتعاد عن هذه الجماعات.

ووسط ضغوط من حكومات في جميع أنحاء العالم، عززت فيسبوك في السنوات الماضية آليات الذكاء الاصطناعي للعثور على المحتوى الذي يدعم الكراهية وإزالته مع الابقاء على الانفتاح على حرية التعبير. وأشار بيان فيسبوك إلى أنه “للأسف سوف يكون هناك دائما أشخاص يحاولون التلاعب بأنظمتنا لنشر الكراهية”. وأوضح أن “التحدي الماثل أمامنا هو أن نبقى في المقدمة عبر الاستمرار في تحسين تقنياتنا وتطوير سياساتنا”.

وأكد موقع فيسبوك أن الحظر الجديد لن يطبق على مواضيع مثل الافتخار الأميركي والانفصاليين الباسك كونها “جزءا مهما من هوية الشعوب”. من جانبها، أعربت رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا آردرن، الخميس، دعمها لقرار شركة فيسبوك، غير أنها شددت على ضرورة عمل المزيد من أجل تضييق الخناق على هذه المجموعات.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي لآردرن من مدينة كرايست تشيرش، حيث وقعت مجزرة المسجدين. وقالت “سعيدة بأنني رأيت فيسبوك تتخذ تلك الخطوة، لكنني ما زلت أعتقد أن هناك نقاشات لا بد منها مع المجتمع الدولي حول ما إذا كان قد تم القيام بما يكفي أم لا في هذه المسألة”.

وأضافت ”هناك دروس يجب تعلمها هنا في كرايست تشيرش، ولا نريد أن يتعلم أي شخص هذه الدروس مرة أخرى”. وانتقدت عدة دول وجهات رسمية تعامل منصة فيسبوك مع مجزرة المسجدين في نيوزيلندا، حيث تمكن منفذ الهجوم الإرهابي من عرض مشاهد لجريمته عبرها دون أن يواجه أي حظر من قبلها. وعليه، بررت المنصة استجابتها للأمر بأنها لم تتلق أي بلاغ من المستخدمين وقت وقوع الاعتداء الإرهابي، يفيد بأن المحتوى المصور للجريمة مخالف لسياسات النشر ويحمل مشاهد قتل.

وحذفت فيسبوك 1.5 مليون فيديو للمجزرة الإرهابية التي استهدفت مسجدين في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية، خلال الأربع وعشرين ساعة الأولى من وقوع الهجوم. يشار إلى أنه في 15 مارس، استهدف هجوم دموي مسجدين في مدينة كرايست تشيرش، ما أسفر عن مقتل 50 مصليا، وإصابة 50 آخرين.

موقع فيسبوك يؤكد أن الحظر الجديد لن يطبق على مواضيع مثل الافتخار الأميركي والانفصاليين الباسك كونها “جزءا مهما من هوية الشعوب”.

وكان منفذ الهجوم الإرهابي، برينتون تارنت، صور جريمته عبر كاميرا ثبتها في قبعة كان يرتديها، وتمكن من بث 17 دقيقة منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. من جهته، أعرب مارك بوتوك من “مركز تحليل اليمين المتطرف” عن اعتقاده بأن الحظر الجديد لفيسبوك يمكن أن يحد من انتشار خطاب القوميين البيض، لكنه يشكك في أنه سيخلّص العالم من هذه الأيديولوجية. وأضاف متسائلا “سنرى إن كانوا قادرين على فرض الحظر”.

وقال “هناك الآلاف من المنشورات للقوميين البيض يوميا على فيسبوك. لم يتمكنوا من إيقاف فيديو كرايست تشيرش، لذا سيكون تنفيذ الحظر نوعا من التحدي”، في إشارة إلى الهجمات على المسجدين في نيوزيلندا. وأظهرت مجزرة نيوزيلندا النطاق العالمي الواسع لحركة القومية البيضاء التي تبشّر بمُثل متخيلة “أوروبية” ترفض الهجرة وتتشارك في أحيان كثيرة نشر تهديدات عبر الإنترنت.

ويعتبر بعض المحللين أن هذه الحركة متماسكة ومترابطة عبر الإنترنت وتمتد عبر أوروبا إلى روسيا، وتتمتع كذلك بعمق كبير في الولايات المتحدة وكندا. ويقولون إنها تشكل تهديدا دوليا يوازي التطرف الإسلامي، وربما أكثر من ذلك في الولايات المتحدة حيث تفوقت هجمات القوميين البيض على تلك التي ارتكبها جهاديون لسنوات.

وما يشجع القوميين البيض وفق بعض الباحثين هو ظهور سياسيين وأحزاب يتبنون الآراء التقليدية ويتبعون خطا متشددا تجاه الهجرة، من مارين لوبان في فرنسا إلى فيكتور أوربان في المجر والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحزب استقلال بريطانيا. وينطبق الشيء نفسه في الولايات المتحدة حيث ارتكزت حملة الرئيس دونالد ترامب للوصول إلى البيت الأبيض على خطاب مناهض للهجرة وقاعدة ناخبين غالبيتهم الساحقة من البيض.

19