ماي تلوّح بالاستقالة في مسعى لإنقاذ بريكست

لندن - تواجه بريطانيا رزمة من التحديات السياسية والاقتصادية التي قد تعترض مسيرتها، حال مغادرتها الاتحاد الأوروبي "بريكست" دون اتفاق واضح داخليا وخارجيا، في وقت تكافح فيه رئيسة وزراء بريطانيا التي تعاني انقسامات داخل حزبها لإيجاد صيغة لإنقاذ اتفاق بريكست.
صوّت البرلمان البريطاني، الأربعاء، لصالح تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إما إلى 12 نيسان في حال رفض الاتفاق للمرة الثالثة، أو إلى 22 أيار في حال قبوله.
الموافقة على التأجيل جاءت بأغلبية 441 صوتاً مقابل 105، خلال جلسة تصويت، على ثمانية بدائل لاتفاق بريكست الذي توصّلت إليه رئيسة الوزراء، تريزا ماي مع الاتحاد، إلّا أنّ عمليات التصويت "الاستدلالية" هذه ليست ملزمة للحكومة.
ومن البدائل التي اختارها رئيس مجلس العموم جون بيركو للتصويت عليها، الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، والبقاء ضمن الاتحاد الجمركي الأوروبي، والتخلّي عن بريكست، أي عدم المغادرة.
هذا إلى جانب تنظيم استفتاء بشأن اتفاق الخروج الذي سيجري تبنيه من دون أن يُدرج اقتراح إجراء استفتاء جديد على بريكست، وهو أمر كان رفضه النواب في منتصف مارس.
وقبيل ساعات من التصويت، أبلغت ماي نواب حزبها المحافظ بأنّها ستستقيل من منصبها قبل "المرحلة التالية من مفاوضات" بريكست، وفق ما أعلن نائب محافظ، وذلك في محاولة لتأمين الدعم للاتفاق الذي توصّلت إليه مع الاتحاد الأوروبي.
وبعد نفاد الخيارات، ووسط المخاطر بفقدان السّيطرة على عمليّة الخروج من الاتّحاد الأوروبي، أعلنت ماي أنّها ستترك منصبها في حال دَعَم النوّاب اتّفاقها للخروج.
واتّفاق ماي الهادف إلى تفعيل خروج منظّم للمملكة المتحدة من الاتّحاد الأوروبي وكان موضع تفاوض شاقّ لعدّة أشهر، كان مجلس العموم قد رفضه مرّتين. ودفعت الهزيمتان المهينتان رئيسة الحكومة المحافظة إلى تقديم طلب للاتحاد الأوروبّي بتأجيل تاريخ بريكست المقرّر أصلاً في 29 مارس إلى 12 أبريل على الأقلّ.
وقالت ماي الأربعاء أمام لجنة التّنظيم الداخلي لحزب المحافظين إنّ "هناك رغبةً في مقاربة جديدة وزعامة جديدة".
وأضافت بحسب بيان لرئاسة الحكومة "لن أُعرقل ذلك (..) أنا مستعدّة لمغادرة هذا المنصب قبل الأوان المقرّر، للقيام بما هو جيّد لبلادنا ولحزبنا"، وذلك بعد أن كانت أعلنت في ديسمبر أنّها لن تقوم بحملة للانتخابات التشريعية في 2022.
ودعت ماي مجدّدًا حزب المحافظين إلى "دعم اتّفاق (بريكست) حتّى نتمكّن من تأدية واجبنا التاريخي المتمثّل في احترام قرار الشعب البريطاني الخروج من الاتّحاد الأوروبي" في استفتاء 23 يونيو 2016.
وتعاظمت الضغوط في الأيّام الأخيرة على ماي التي ما انفكّت سلطتها تضعف إزاء التحدّي الضّخم بتنفيذ بريكست، الملفّ الذي يقسم المملكة بعمق.
وقال وزير المال فيليب هاموند إنّ ماي "أظهرت مرّةً أخرى أنّها تولي تنفيذ بريكست منظّم أهمّيةً أكثر من أيّ شيء آخر".
في المقابل، كتب جيريمي كوربن، زعيم حزب العمّال المعارض، في تغريدة، إنّ هذا الإعلان "يُثبت أنّها (ماي)، إزاء مفاوضات كارثيّة حول بريكست، وضعت إدارة حزبها قبل الصالح العام".
وعمليّات التصويت "الاستدلاليّة" هذه ليست ملزمة للحكومة، وسبق أن أعلنت ماي أنّها ستُعارض خيار النوّاب إذا تناقض مع التزامات حزبها بشأن الخروج من السّوق الموحّدة ومن الاتّحاد الجمركي الأوروبي.
وقادَ إمساك البرلمان بزمام أجندة بريكست، بعضَ المتحمّسين للخروج من الاتّحاد الأوروبي وبينهم بوريس جونسون وجاكوب ريس-موغ رئيس "مجموعة البحث الأوروبية"، إلى إعلان أنّهم قد يؤيّدون من الآن فصاعدًا اتّفاق ماي خشية عدم خروج المملكة إطلاقًا من الاتّحاد.
غير أنّ المسألة غير محسومة إطلاقًا لرئيسة الوزراء. فقد أعلن حليفها الإيرلندي الشمالي في البرلمان "الحزب الوحدوي الديموقراطي" أنّه لن يُصوّت لصالح اتفاق بريكست "الضار".
وكرّرت رئاسة الحكومة البريطانية الأربعاء أنه لن يتم عرض اتفاق بريكست مجدّدًا على البرلمان إلا بشرط توفر حظوظ "واقعيّة" لتبنّيه.
واستبقت الدول الأوروبية الـ27 رفضا جديدا للاتفاق في البرلمان البريطاني، فأعطت بريطانيا خيارين: التصويت على الاتفاق مع منحها إرجاء تقنيا قصيرا حتى 22 مايو. وإذا رفض الاتفاق للمرة الثالثة، عندها سيكون أمام لندن مهلة حتى 12 أبريل لتقديم بديل وطلب تأجيل جديد، ما يحتم تنظيم انتخابات أوروبية في نهاية مايو في بريطانيا. وإلا فليس من خيار سوى الخروج من الاتحاد دون اتفاق.