حسابات نتنياهو الانتخابية تنقذ غزة من عملية عسكرية إسرائيلية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يبدو متحمسا للمخاطرة بشنّ عملية عسكرية واسعة على قطاع غزة رغم التهديدات المتكررة التي يطلقها وذلك لخشيته من أن تقود مثل هكذا عملية إلى نتائج عكسية تؤثر عليه انتخابيا.
غزة (فلسطين) - تراجعت وتيرة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة بيد أن التوتر بقي سيد الموقف، في ظل تهديدات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المستمرة.
ولعبت الاتصالات المصرية والأممية دورا مهما في خفض التصعيد، بيد أنّ محللين يرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي -العائد بهدية ثمينة من الولايات المتحدة وهي اعتراف واشنطن بالجولان السوري المحتل أرضا إسرائيلية- لا يبدو بالرغم من تصريحاته متحمسا لعملية عسكرية غير مضمونة النتائج وهو المقبل على انتخابات مصيرية يأمل من خلالها في تحطيم الرقم القياسي على مستوى البقاء في سدة الحكم في إسرائيل.
وحذر نتنياهو الثلاثاء من أنه “مستعد” لاتخاذ المزيد من الإجراءات في غزة بعد الضربات الإسرائيلية التي نفذت منذ عصر الاثنين واستمرت إلى ساعة متأخرة رداً على إطلاق صاروخ من جنوب القطاع صوب تل أبيب أسفر عن جرحى.
وقال في رسالة عبر الفيديو من إسرائيل خلال المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل، “يمكنني أن أقول لكم إننا على استعداد لفعل ما هو أكثر بكثير، وسنقوم بكل ما في وسعنا للدفاع عن شعبنا والدفاع عن دولتنا”.
وكرر نتنياهو توجيه الشكر لرئيس الولايات المتحدة الذي وقّع الاثنين بحضوره في البيت الأبيض، مرسوما يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، وسط تنديد من المجتمع الدولي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد اختصر زيارته للولايات المتحدة التي كان يفترض أن تختتم الأربعاء، للتعامل مع أكبر تصعيد مع غزة منذ شهور والذي بدأ في الساعات الأولى من صباح الاثنين بهجوم بصاروخ من القطاع استهدف تل أبيب، وأدى إلى إصابة 7 أشخاص بجروح مختلفة.
وأطلق الصاروخ من على بعد 120 كلم، ويعتقد أنها أطول ضربة صاروخية بعيدة المدى تنطلق من غزة منذ حرب عام 2014 بين إسرائيل والقطاع. ولم تتبن أي من الفصائل المسؤولية عنه.
وردت إسرائيل على الصاروخ باستهداف العشرات من المواقع لحماس في غزة، شملت تسوية مكتب رئيس الحركة إسماعيل هنية بالأرض وإصابة 7 فلسطينيين. وفي وقت متأخر الاثنين، أعلنت حماس عن وساطة مصرية لوقف إطلاق النار، الأمر الذي لم تؤكده إسرائيل. وبعد ثلاث حروب خاضتها إسرائيل وحماس منذ عام 2008، يبقى احتمال نشوب حرب جديدة واردا، وإن كان الأمر لا يخلو من حسابات سياسية لا تخدم حاليا دخول الطرفين في مواجهة واسعة.
وتحمّل إسرائيل حماس مسؤولية أي عملية إطلاق نار من غزة. ويعتقد أن الحركة وحليفتها الجهاد الإسلامي فقط لديهما مثل هذا النوع من الصواريخ البعيدة المدى.
وهي المرة الثانية منذ شهر التي تطلق خلالها صواريخ بعيدة المدى من غزة. وكانت حماس قالت إن إطلاق صاروخين في المرة الأولى في اتجاه تل أبيب كان خطأ.
ويقول المحلل السياسي في غزة عمر شعبان “حماس ليست معنية بالتصعيد، ولهذا السبب تحدثوا فورا مع المصريين”. ويضيف “تعتقد حماس أن الطريقة التي ردت بها إسرائيل (حتى الآن) كافية، إنها داخل حدود اللعبة”.
من جهته فإن نتنياهو المشغول بكيفية تحقيق انتصار في الانتخابات المقررة في 9 أبريل المقبل، يريد تحاشي أي حرب حاليا مع الفصائل في القطاع، رغم ضغوط منافسيه في السباق الانتخابي للسير في هذا الخيار.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية جوناثان رينهولد، إن على نتنياهو تحقيق توازن صعب لإرضاء قاعدته اليمينية مع تجنب الحرب.

ويواجه نتنياهو الذي يقود الحكومة التي تعتبر الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل تحديا كبيرا في الانتخابات التشريعية المقبلة من خصمه وقائد الجيش السابق بيني غانتس.
ويخشى نتنياهو خسارة أصوات إذا عبّر عن ضعف، ولكنه يعرف أيضا أن النصر القصير المدى شبه مستحيل.
ويقول رينهولد “المشكلة حاليا تكمن في إمكانية خسارته بعض الدعم في حال لم يرد بقوة”. لكن نتنياهو قد يعاني سياسيا أيضا “إذا قرر التصعيد، ما يعني نزول الإسرائيليين إلى الملاجئ هربا من القذائف”.
ويقول محلل الشؤون الإسرائيلية-الفلسطينية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات “يركز نتنياهو على أوراقه الأمنية التي قد تلحق به الضرر في صناديق الاقتراع وتدفعه إلى رد فعل أقوى”.
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة بشكل كامل لمدة أكثر من عقد. وحاولت حماس منذ أشهر استغلال الاحتجاجات المتواصلة على طول الحدود منذ حوالي سنة، لإجبار نتنياهو على تقديم تنازلات، وهو ما لم يتحقق، الأمر الذي أثّر على معنويات الشارع الغزي الذي انتفض قبل أيام على الوضع الاقتصادي والاجتماعي محملا حماس التي تسيطر منذ 2007 على القطاع، المسؤولية الأكبر عن ذلك.