"أسد أفريقيا 19" لرفع جاهزية الجنود التونسيين في معركتهم ضد الإرهاب

تنطلق الاثنين مناورة عسكرية مشتركة بين تونس والولايات المتحدة وتهدف التدريبات العسكرية إلى تعزيز مهارات الجيش التونسي، ويأتي التعاون العسكري بين تونس والولايات المتحدة في إطار الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، أمام توقعات بسعي تنظيم داعش الانتقام من خسارته في منطقة الشرق الأوسط بالتوجه نحو أفريقيا.
تونس – تبدأ، الاثنين، تدريبات مشتركة بين قوات تونسية وأميركية ضمن التمرين العسكري المشترك “أسد أفريقيا 19” بمشاركة ملاحظين من بريطانيا.
ويستمر التدريب حتى يوم 14 من شهر أبريل المقبل، وهو يجري بالتوازي مع تدريب مماثل في المغرب بمشاركة ضباط ملاحظين من تونس، حسبما أفادت وزارة الدفاع التونسية في بيان لها. وقالت الوزارة إن التمرين يهدف إلى “إثراء معارف أفراد التشكيلات العسكرية المشاركة ومهاراتهم في القتال، واكتساب الخبرة والرفع من جاهزيتهم وأهبتهم من حيث التخطيط للعمليات، والإخلاء الصحي خلال العمليات العسكرية”.
وسبق هذا التمرين مرحلة تمهيدية بالمغرب من 25 فبراير إلى 15 مارس الجاري اشترك فيها ثمانية عسكريين من تونس، وفقا للوزارة. وكانت السفينة الحربية الأميركية “يو.أس.أس إيرلنغتون” وصلت، الجمعة، إلى ميناء حلق الوادي بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، للمشاركة في التدريب العسكري المشترك.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن قائد السفينة قوله إن السفينة سترسو في الميناء لبضعة أيام بعد أن قامت بالتنسيق مع القوات العسكرية البحرية التونسية.
وتحمل السفينة على متنها قوة عسكرية مدرعة تضم ألف جندي 400 منهم يتبعون قوات البحرية الأميركية و600 من قوات المارينز التي يمكنها أن تقوم بعمليات على الأرض. وتحط على منصة السفينة، 8 مروحيات من نوع “H1 كوبرا” العملياتية ويشرف عليها عدد من الطيارين الحربيين الأميركيين. ويمكن أن تدوم مهمة واحدة لهذه السفينة الحربية نحو ستة أو سبعة أشهر، وفق تصريح قائد السفينة، الذي أكد على أنها تعتبر واحدة من بين أكبر السّفن التابعة للبحرية الأميركية التي تزور تونس بعد سنوات عديدة، إذ تزن 25300 طن ويبلغ طولها 208 أمتار وعرضها 32 مترا.
وأوضح قائد السفينة أنها شاركت في عدد من المهام العسكرية في المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، وأن مهامها لا تقتصر على مثل هذه المهمات فحسب، وإنما يمكنها التدخل عند الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والفيضانات.
وقال علي الزرمديني الخبير الأمني والعسكري لـ”العرب”، إن “وجود البارجة الأميركية يتنزل في إطار التعاون المشترك بين البحرية التونسية والبحرية الأميركية وللاستفادة من المعدات العسكرية الأميركية المتطورة”.
ولا ينفصل إطلاق مناورة عسكرية مشتركة بين البلدين عن جهود التحالف العربي والدولي للقضاء على الإرهاب في العالم. ويرى الزرمديني أن “التعاون الأميركي التونسي على مستوى الحرب على الإرهاب هو تعاون عميق يرتكز على تأهيل العناصر التونسية ومدها بالمعدات التكنولوجية للتصدي للإرهاب كما يشمل مجال الاستخبارات والاستعلام”.
ويربط خبراء التعاون العسكري بين تونس والولايات المتحدة الذي أخذ نسقا تصاعديا في الآونة الأخيرة بسبب تواصل التهديدات وبمستجدات الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط التي شارفت على النهاية.
ويشير فيصل الشريف الخبير الأمني لـ”العرب” أنه “بالنظر إلى نهاية الحرب على داعش في سوريا مع رغبة التنظيمات المتطرفة في إعادة التموقع في القارة الأفريقية كساحة نفوذ جديدة، يأتي التعاون العسكري التونسي الأميركي كخطوة استباقية للتصدي للإرهاب في شمال أفريقيا”.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية السبت القضاء التام على خلافة تنظيم الدولة الإسلامية، بعد السيطرة على آخر جيوبه عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، لتطوي بذلك نحو خمس سنوات أثار فيها التنظيم الرعب بقوانينه المتشددة واعتداءاته الدموية.
لكن لا يزال لدى تنظيم داعش الآلاف من المقاتلين المتمرسين في عدة دول في وقت تطرح فيه تساؤلات إن كان من الممكن تحويل الهزيمة التي تعرضت لها الجماعة المتطرفة على الأرض إلى هزيمة دائمة أم لا.
وتابع الشريف بقوله “تريد الولايات المتحدة استباق الوضع الأمني من خلال تعاون عسكري وثيق مع تونس لأنها تخوض حربا بدورها ضد الإرهاب وقد أثبت أجهزة الأمن كفاءتها”.
وتتحرك تونس لمواجهة خطر الإرهاب وتترصده عبر هجمات استباقية، وزادت اهتمامها المتصاعد بالجيش، في محاولة لتعزيز قدرات مجابهة العناصر الإرهابية، ومن شأن التدريبات المشتركة مع الولايات المتحدة أن يدعم قدراتها العسكرية.
ويذكر الخبير الأمني علي الزرمديني أن التعاون العسكري بين تونس وواشنطن متجذر منذ الاستقلال وقد شمل تجهيزات الجيش الوطني وهي تجهيزات دفاعية أميركية أساسا وكذلك مجال التدريب والتكوين وتبادل الخبرات.
ويلفت إلى أن “المناورات المشتركة خصوصا بين الوحدات الخاصة للجيش الوطني وقوات المارينز هي تدريبات سنوية مشتركة تتم في تونس والولايات المتحدة”. موضحا أن “النسق التصاعدي لهذا التعاون العسكري سببه أن تونس أصبحت عنصرا ملاحظا في الناتو”.
ورغم أن الحرب على الإرهاب تستدعي الاستفادة من خبرات الدول الكبرى والتعاون العسكري إلا إن خبراء آخرين يتساءلون عن أسباب التعاون العسكري التونسي الأميركي في الوقت الذي توجد فيه مناطق أكثرة خطورة من تونس. وأشارت بدرة قعلول الخبيرة الأمنية لـ”العرب” أن “وزارة الدفاع لم توضح بعد دوافع هذا التعاون وإن كانت بحاجته أم لا”.
وأكدت وزارة الدفاع التونسية في وقت سابق، أن الوجود الأميركي يدخل في مجال التعاون الدولي العسكري على غرار جميع الجيوش، وذلك ضمن برامج تقوم بضبطها لجان عسكرية من الجانبين، في إطار المصالح المشتركة، واحترام السيادة الوطنية لكل منهما.
وفي 2016، سلمت الولايات المتحدة، تونس مساعدات تتمثل في منظومة مراقبة للحدود ومكافحة الإرهاب بقيمة 20 مليون دولار، تتكون من طائرات وسيارات رباعية الدفع. وفي 2017، تسلمت تونس دفعة من مروحيات عسكرية أميركية، لتعزيز جهودها في مكافحة الإرهاب، بحسب تقارير إعلامية محلية.