داعش يكابر في معركة الرمق الأخير شرق سوريا

داعش يدعو عناصره لـ"الثأر" من أكراد سوريا بعد تضييق الخناق عليه في آخر جيب له ببلدة الباغوز.
الثلاثاء 2019/03/19
داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة على وقع ضربات التحالف الدولي وتقدم قوات سوريا الديموقراطية

بيروت - قال مسؤول إعلامي بقوات سوريا الديمقراطية اليوم الثلاثاء إن قوات سوريا الديمقراطية سيطرت سيطرة تامة على مخيم كان يتحصن فيه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في الباغوز قرب الحدود العراقية لكن العملية لم تنته بعد.

وقال المسؤول في بيان وزع على الصحفيين إن بعض مقاتلي داعش ما زالوا داخل منطقة صغيرة جدا على ضفة نهر الفرات ولم يستسلموا بعد. وأضاف "لا نعلم إن كانوا سيقاومون أم لا".

وكان التنظيم قد دعا الاثنين عناصره في شمال سوريا وشرقها إلى "الثأر" من الأكراد الذين باتوا يحاصرون مقاتليه في بقعة محدودة في بلدة الباغوز ويقتربون من إعلان انتهاء "الخلافة".

وناشد المتحدّث باسم التنظيم أبي الحسن المهاجر، في تسجيل صوتي نشرته حسابات جهادية على تطبيق تلغرام "رجالات الدولة" في مناطق سيطرة الأكراد بالقول "اثأروا لدماء إخوانكم وأخواتكم وأعلنوها غزوة للثأر.. فأحكموا العبوات وانشروا القناصات وأغيروا عليهم بالمفخّخات".

وأكّد المتحدّث أنّ "معركتنا معكم لم يحم وطيسها بعد(...) فارقبوها حرباً شاملة لا تبقي ولا تذر".

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية التي يُعدّ المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية هجوماً ضد التنظيم في شرق سوريا منذ سبتمبر. وباتت تحاصره في جيب صغير في بلدة الباغوز عبارة عن مخيم وأراض زراعية في محيطه على الضفة الشرقية للفرات.

وتدكّ هذه القوات الجيب المحاصر بالقذائف والرشاشات بينما تستهدفه طائرات التحالف بالضربات الجوية.

ورغم الخسائر التي مني بها التنظيم وتقلص مساحة سيطرته بعدما كان يسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق في العام 2014، إلا أنّ تصريحات المتحدّث باسم داعش تناقض الواقع خاصة مع تقدم قوات سوريا الديمقراطية وقصفها المتواصل بمساعدة التحالف الدولي.

لكن رغم ذلك يصر داعش على مواصلة القتال بإصرار يخفي به فشله المتواتر، مصرا على تمسّكه "بعقيدة" مقاتليه.

وتوجه المهاجر بالخطاب للولايات المتحدة الأميركية ودول التحالف قائلا "أوتحسبون أنّ مشاهد النزوح للضعفة والمساكين الخارجين من حصار الموت في الباغوز في الشام وصور النساء والولدان والشيوخ ستفتّ في تعاضد أبناء الخلافة وجيشها وأنصارها؟".

واعتبر المهاجر أنّ تحذيرات مسؤولين أميركيين من أن خطر التنظيم سيستمر لفترة طويلة مرده إلى "قناعتهم التامة بأن دولة الخلافة قد أصبحت واقعاً ليس بالإمكان تجاهله أو التغاضي عن خطره".

ودعا المتحدّث باسم التنظيم الجهادي "جنود الخلافة" في أماكن تواجدهم حول العالم إلى أن يطيلوا "أمد المعركة".

لكن رغم التحذيرات فإن قوات سوريا الديمقراطية بقيادة التحالف تواصل تضييق الخناق على التنظيم، رغم إبطائها مراراً وتيرة عملياتها وعلّقتها أحياناً خلال الأسابيع الماضية، إفساحاً في المجال أمام خروج عشرات آلاف الأشخاص غالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم وبينهم عدد كبير من الأجانب.

وقال المتحدث باسم التحالف شون راين لفرانس برس الإثنين إن "الهجوم البري لقوات سوريا الديمقراطية كان فعالاً للغاية"، موضحاً أن هذه القوات "تواصل اتباع مقاربة مدروسة ومنهجية لانهاء آخر مناطق سيطرة داعش".

على وقع تقدمها العسكري، أحصت هذه القوات خروج أكثر من 66 ألف شخص من جيب التنظيم منذ التاسع من يناير، بينهم 37 ألف مدني و5000 جهادي ونحو 24 ألفاً من أفراد عائلاتهم. كما أفادت عن اعتقال "520 إرهابياً في عمليات خاصة".

قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على أراض جديدة في الباغوز
قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على أراض جديدة في الباغوز

ويرتب هذا العدد أعباء كبيرة على قوات سوريا الديمقراطية، مع اكتظاظ مراكز الاعتقال التي يُنقل إليها المشتبه بارتباطهم بالتنظيم، والمخيمات التي يُرسل إليها المدنيون وأفراد عائلات الجهاديين، وبينهم عدد كبير من الأجانب، لا سيما مخيم الهول شمالاً.

وأفادت لجنة الإنقاذ الدولية الاثنين عن وصول 3500 شخص في أيام قليلة إلى المخيم، ما رفع عدد القاطنين في المخيم إلى أكثر من سبعين ألفاً، بينهم 25 ألف طفل في سن الذهاب إلى المدرسة.

وقالت مديرة اللجنة في العراق وشمال شرق سوريا ويندي تايوبر "تصل النساء والأطفال إلى مخيم الهول وهم في حالة خطرة للغاية" مشيرة إلى "إصابة العديد من الوافدين الجدد بجروح بليغة جراء المعارك في الباغوز". وأعربت عن قلقها "لوفاة أطفال ورضع بعد وصولهم إلى المخيم بسبب سوء التغذية أو شدة الجفاف".

وأحصت اللجنة وفاة 123 شخصاً، غالبيتهم من الأطفال، خلال رحلتهم الى مخيم الهول أو بعيد وصولهم.

ولا يعني حسم المعركة في منطقة دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق الخارجة عن سيطرته واستمرار وجوده في البادية السورية المترامية الأطراف.

وتشكل جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ الجمعة عامه التاسع، مخلفاً حصيلة قتلى تخطت 370 ألفاً، من دون أن تسفر كافة الجهود الدولية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.

المعركة الحاسمة ضد داعش
المعركة الحاسمة ضد داعش