ندوة في معرض الرياض تحتفي بشجاعة غازي القصيبي

معرض الرياض الدولي للكتاب يحتضن ندوة شملت النواحي الإنسانية والأدبية والإبداعية، للشاعر الراحل غازي القصيبي، كما سلطت الضوء على حياته العملية.
الاثنين 2019/03/18
القصيبي شاعر جمع بين الإبداع الأدبي وبين البيروقراطية

الرياض- ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب عُقدت مؤخرا ندوة ثقافية بعنوان “أضواء على حياة الراحل غازي القصيبي”، والقصيبي الشاعر والأديب والوزير والسفير السعودي، كان من أوائل المواجهين للصحوة الدينية، والكل يتذكر كتابه “كي لا تكون فتنة”، وضمّنه فصلاً بعنوان “يا شيخ سلمان (العودة) ليس بيننا ولي فقيه”، وكان سلمان العودة على الطرف الآخر راداً على القصيبي، وكانت أياما شديدة خلال حرب الكويت وتنمر القوى الدينية، ونظام ولاية الفقيه وحركة جهيمان وحرب أفغانستان كل هذه الأحداث الجسمية لصالح الصحوة الدينية، وجذب الشباب السعودي لها.

مر القصيبي بمواقف حرج، ويوم كان موجها نقده للقوى الدينية ويكاد يكون بمفرده آنذاك، ترصده الوشاة، لإبعاده عن الملك فهد بن عبدالعزيز، وكان المسؤول المقرب منه، فضاق به الأمر ونشر قصيدته الشهيرة بين السعوديين، حيث جعل من الملك سيف الدولة وهو أبوالطيب المتنبي، ونشرها في صحيفة الجزيرة السعودية، وكان حينها وزيراً للصحة، فأعفي على إثرها من الوزارة، وكان عنوانها “رسالة المتنبي الأخير لسيف الدولة”، ومطلعها: بيني وبينك ألف واش ينعب/ فعلام أسهب في الغناء وأطنب/ صوتي يضيع ولا تحس برجعه/ ولقد عهدتك حين أنشد تطرب”. كذلك أعفي حينها خالد المالك رئيس تحرير الصحيفة من منصبه.

كل هذا استحضره المتكلمون في الندوة، من المثقفين السعوديين والحاضرين، حيث كانت الندوة بمثابة تكريم لغازي القصيبي، وجرى الحديث خلالها عن مواقفه وحياته، وخدماته في عدة وزارات.

بداية أشار حمد القاضي في مداخلته إلى القصيبي المبدع والموهوب كشاعر وروائي، وكيف كانت له القدرة على تنظيم الوقت، ليكتب قصائده ويؤلف رواياته، ويرد على أهل الصحوة الدينية، من دون الإخلال بمهامه الرسمية، مذكراً بمواقفه وهو وزير صحة وبقصة زيارته لمستشفى الأطفال بالمدينة، حيث وجد أطفالا مرضى ينامون في الممرات لقلة الغرف، فلَم يغادر حتى حلت هذه المشكلة، وكذلك قصته مع المطلقة التي حرمها زوجها من أطفالها، فذهب إلى الزوج في بيته لإقناعه وحل مشكلتها. كل هذا أثار حسد بقية المسؤولين، فقد ذُكر أنه أول وزير يزور المواقع المسؤول عنها بنفسه، ومن بعده حذا الوزراء حذوه.

لغازي القصيبي علاوة على ما كتبه ضد الصحوة الدينية وغير أشعاره، روايات كان أبرزها “شقة الحرية”، والتي تعد سيرة ذاتية خلال دراسته ببيروت

أما الكاتب والإعلامي محمد رضا نصرالله فقد تحدث عن تجربة القصيبي التي امتازت بالمبادرة بين الإبداع الأدبي وبين البيروقراطية، وهذا ما سماه بـ”الإبداع المركب”، فهل حصل هذا لكونه شاعرا، وأستاذا للعلاقات الدولية والعلوم السياسية في الجامعة، قبل توليه للمناصب الرفيعة؟

وبعد تساؤله يذكر نصرالله كيف كان القصيبي حيويا في التدريس جاذبا أنظار الطلبة وانبهارهم به، كما اتسمت تجربته الإدارية وزيرا للصناعة والكهرباء، عبر إنشائه شركة سابك، وجعل شركة الكهرباء مؤسسة، وساعيا إلى تزويد الأرياف بالكهرباء، ثم توليه وزارة الصحة، وفيها نشط لقضاء على تخلف الخدمات وفساد الذمم، ثم كان وزيراً للمياه وأخيراً وزيراً للعمل مصراً على “السعودة”، ومحارباً لبطالة العمالة الوطنية، بشجاعة غير مسبوقة في الانتصار لحق المواطن. ثم تساءل نصر الله، وهل كان نجاح القصيبي، لأنه شاعر صافي المشاعر، نبيل المعاني، عميق التدين، وطني المنبت، قومي الانتماء، إنساني الرؤية اصطبغت تجربته بالبعد المضاف؟

هذا ولغازي القصيبي علاوة على ما كتبه ضد الصحوة الدينية وغير أشعاره، روايات كان أبرزها “شقة الحرية”، والتي تعد سيرة ذاتية خلال دراسته ببيروت، ووجدت حين صدورها انتشاراً واسعاً، ومن كتبه المهمة، والتي لاقت رواجاً كبيراً، وتعد سيرته في الإدارة “حياة في الإدارة”، مؤلفات أخرى.

إن الحصيلة والمعنى، من ندوة خاصة بغازي القصيبي، وما صاحبها في المعرض من تكريم الفنانين السينمائيين، ووجود العروض المسرحية، وما صاحب المعرض من أجواء تعبّر عن السعودية الجديدة ضمن “رؤية 2030”، هي تجاوز عقد الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حيث الغلبة للصحوة الدينية بانغلاقها السياسي، وكان القصيبي المحارب الأهم ضدها.

15