ملف الجهاز السري يحاصر حركة النهضة قبل الانتخابات

يؤرق ملف الجهاز السري، الذي أثارته هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين تم اغتيالهما سنة 2013، حركة النهضة المتهمة بالوقوف وراء ذلك الجهاز، ويعمق مخاوفها بشأن إمكانية تأثيره على شعبيتها قبل أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
تونس - تستشعر حركة النهضة الإسلامية خطر تراجع حظوظها في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، بسبب تزايد مآزقها، وخاصة قضية الجهاز الأمني السري، الذي تؤكد هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أنه “تابع للحركة ومهمته تنفيذ اغتيالات”.
أدانت حركة النّهضة التونسية، بشدة أطرافا سياسية (لم تسمها) “اختارت تشويهها من وراء ستار هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي”، اللذين اغتيلا في 2013.
جاء ذلك في بيان صادر الخميس، عن حركة النّهضة (68 نائبا من أصل 217). وأوضح البيان، أنّ “هذه الأطراف تسعى إلى مغالطة الرأي العام عبر توظيف أوراق ملف هو من أنظار القضاء، الذي يعود له وحده البت في”.
كما جدّدت الحركة تمسكها باستقلال القضاء، وحرصها على كشف الحقيقة كاملة في جرائم الاغتيالات السياسيّة وغيرها.
والأربعاء تقدّم 43 نائبا من كتل الولاء للوطن، ونداء تونس (ليبرالي/ 41 نائبا)، والجبهة الشعبية (ائتلاف يساري/ 15 نائبا)، بشكوى إلى المحكمة الابتدائية ضد 6 من القيادات الأمنية واثنين من قياديي حركة النهضة.
وأوضح زياد لخضر القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أن “الشخصين المعنيين من حركة النهضة هما رضا الباروني وعبدالعزيز الدغسني اللذان ورد اسماهما في قضية الجهاز السري التي أثارتها لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي”.
43 نائبا تقدموا بشكوى ضد 6 قيادات أمنية واثنين من قياديي حركة النهضة
وأضاف أن “الشكوى تضمنت طلبا لفتح بحث تحقيقي من أجل جملة من الجرائم تم إثباتها في محاضر استماع واستنطاق حررها القضاء مشيرا إلى أن التهم المثارة في الشكوى تتعلق بالسرقة الموصوفة واختلاس وثائق قضائية ومواد إثبات والمشاركة في ذلك وتكوين وفاق والانضمام إلى تنظيم إرهابي والتآمر على أمن الدولة الداخلي وإدخال أسلحة نارية معدة لعمليات حربية وذخيرتها وحملها ونقلها”.
وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد نفى صلة رئيس الجهاز السري المتهم باغتيال محمد البراهمي، مصطفى خضر بحركته، مشيرا إلى أن له علاقات إنسانية تربطه بعدد من قيادات حركة النهضة فقط.
واعتبر أن خضر الموقوف حاليا على ذمة التحقيق، ليس مجرما وعانى أيام الاستبداد وتمت معاقبته بـ8 سنوات سجنا لأنه اشتغل في ملفات لا تخصه.
وفي نوفمبر الماضي، نفى وزير الداخلية هشام الفوراتي المتهم بتقاربه مع النهضة، وجود “غرفة سوداء” في الداخلية، موضحا خلال جلسة برلمانية، أنّ “المسألة تتعلق بإدارة حفظ الأرشيف وتُسمّى إدارة الوثائق لحفظ الأرشيف الذي له صبغة خصوصية”.
وبدا البيان الذي أصدرته الحركة جزءا من حملة مضادة تقوم بها لتطويق أي انعكاسات للقضية على حظوظها الانتخابية، رغم تأكيد شركات سبر للآراء على تقدمها في نتائج نوايا التصويت خلال الانتخابات المقبلة.
وأطلقت الحركة مطلع الشهر الحالي منصة إلكترونية قال مراقبون إنها تهدف إلى السيطرة على نزيف قاعدتها الانتخابية؛ فبعد حصولها على 1.5 مليون صوت في الانتخابات التشريعية عام 2011، ثم 900 ألف في انتخابات 2014، فها هي قد حصلت على نصف مليون صوت فقط في الانتخابات البلديّة التي جرت في مايو الماضي؛ في مؤشّر على تراجع شعبيّتها بصورة قويّة منذ 2011.

وبالإضافة إلى قضية الجهاز السري، تتهم الحركة بنشر التطرف في البلاد وهو ما كشفته قضية مدرسة الرقاب القرآنية، والوقوف وراء تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر.
وتحولت قضية مدرسة الرقاب إلى قضية رأي عام واستحضرت مدارس طالبان الأفغانية التي فرخت تنظيمات إرهابية منها القاعدة وداعش.
ولم تعلن الحركة عن موقفها الرسمي من تلك المدرسة على غرار بقية الأحزاب التي استنكرت الحادثة، فيما تضاربت تصريحات عدد من قادتها، وسط حالة من الارتباك الواضح الذي عمق التساؤلات حول علاقة الحركة بمثل هذه المدارس، والجمعيات القرآنية التي يُنظر إليها على أنها واحدة من أبرز الأدوات القادرة على تحريك وتفعيل خزانها الانتخابي.
وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس الأربعاء، إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين.
وأفادت الهيئة في مؤتمر صحافي الأربعاء، بأن موعد الانتخابات التشريعية سيكون الأحد السادس من أكتوبر القادم، بينما حددت موعد الانتخابات الرئاسية ليوم الأحد 10 نوفمبر المقبل.
وهذه ثاني انتخابات تنظمها تونس منذ صدور دستور جديد للبلاد عام 2014 والثالثة منذ بدء الانتقال السياسي عام 2011 عقب سقوط حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في انتفاضة شعبية أنهت عقودا من الاستبداد وحكم الحزب الواحد.