شبح التدخل العسكري يخيم على فنزويلا

أوروبا تدعم فرض المزيد من العقوبات على نيكولاس مادورو، والولايات المتحدة تلوح منفردة باجتياح كاراكاس.
الثلاثاء 2019/02/26
شارع منقسم يعمق الأزمة

يعكس الموقف الأوروبي الرافض لأي تدخل عسكري في فنزويلا، توجس القادة الأوروبيين من إقدام الولايات المتحدة على مثل هذه الخطوة بعد فشل محاولاتها في استمالة كبار العسكريين في كاراكاس للانشقاق على الرئيس نيكولاس مادورو وإنهاء الأزمة المتفاقمة بأقل التكاليف الممكنة. ويرى متابعون أنه لا يمكن التكهن بمواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه الوضع في فنزويلا رغم استبعاد كبار المسؤولين الأميركيين اجتياحا وشيكا لكاراكاس.

بروكسل – دعا الاتحاد الأوروبي الاثنين إلى تفادي التدخل العسكري في فنزويلا بعد أعمال عنف شهدتها كاراكاس السبت، فيما تهدد الولايات المتحدة باجتياح عسكري “لإحلال الديمقراطية” دعما لخوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيسا انتقاليا للبلاد واعترفت بشرعيته أكثر من 50 دولة.

وذكّرت متحدثة باسم منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فريدريكا موغيريني بأن الاتحاد الأوروبي يطالب “بحلّ سلمي وديمقراطي في فنزويلا ويستبعد بالتأكيد اللجوء إلى القوة”، مضيفةً أن الاتحاد يعمل على ذلك داخل مجموعة الاتصال الدولية.

وتقول مجموعة الاتصال التي تشكلت أواخر الشهر الماضي فقط إن هدفها هو إيجاد “عملية سياسية وسلمية” في غضون 90 يوما يحدد خلالها الفنزويليون مستقبلهم عبر انتخابات حرة تتسم بالشفافية والمصداقية، غير أن منتقدين يقولون في أحاديث خاصة إن هذا الموقف سيمنح مادورو فرصة للمراوغة، حتى مع زيادة الضغوط عليه للتنحي.

فريديريكا موغيريني: استبعدنا أي تأييد أو موافقة على تصعيد عسكري في فنزويلا
فريديريكا موغيريني: استبعدنا أي تأييد أو موافقة على تصعيد عسكري في فنزويلا

وقالت المتحدثة مايا كوتشيانيتش “ينبغي تجنب التدخل العسكري”، في حين يبحث المعارض خوان غوايدو الذي أعلن نفسه رئيساً انتقالياً في بوغوتا مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس وحلفائه في مجموعة ليما في كيفية الضغط على الرئيس نيكولاس مادورو لإجباره على التنحي عن الحكم.

وأعلنت موغيريني في ختام الاجتماع “لقد استبعدنا بصورة قاطعة أي تأييد من جانب الاتحاد الأوروبي أو موافقة منه على تصعيد عسكري في فنزويلا”.

ويكشف التخوف الأوروبي من تدخل عسكري وشيك في كاراكاس، جدية التهديدات الأميركية التي لوح بها مرارا المسؤولون في البيت الأبيض، ما يفاقم الأزمة الإنسانية في فنزويلا.

ويستقوي الرئيس مادورو المعزول دوليا بمؤسسة الجيش القوي التي أعلنت ولاءها له ولم تؤثر فيها بعض الانشقاقات في صفوفها واستمالة عسكريين رفيعي المستوى للرئيس الانتقالي خوان غوايدو.

ويؤشر فشل التصعيد الدولي في اختراق الشارع المنقسم حيال الأزمة وتمسك المؤسسة العسكرية القوية بمادورو على الدفع باتجاه المزيد من الضغوط الاقتصادية والاكتفاء بالمراقبة، وهو ما ذهبت إليه ألمانيا الاثنين عبر دعوات إلى فرض المزيد من العقوبات على نظام مادورو.

واستطاع مادورو المعزول في الخارج والقوي في الداخل استنهاض قوى شعبية داعمة له آخذة في التزايد بعد أن أحسن توظيف التسرع الدولي في الاعتراف بغريمه لحسابه الشخصي.

وبالترويج لنظرية المؤامرة الإمبريالية على فنزويلا الغنية بالنفط، تمكن مادورو من إيجاد شرعية “مقاومة” تتعدى تمسكه بكرسي الرئاسة إلى الذود عن مقدرات الأمّة وحماها.

وسمح الاعتراف الدولي المتسرع وغير المدروس بخوان غوايدو رئيسا لفنزويلا بتدويل الأزمة وإحياء الصراع القديم بين الشرق والغرب، ما يطيل أمدها، بعد أن أصبحت كاراكاس جبهة أمامية لصراع النفوذ بين المعسكرات بمواصفات شرق أوسطية.

ويؤكد الإجماع الدولي على رفض التدخل العسكري المباشر لإنهاء الأزمة المخاوف من تحول فنزويلا إلى سوريا جديدة لاسيما مع التدخل الروسي غير المشروط في الأزمة.

وتهدف الولايات المتحدة من خلال تلويحها بالخيار العسكري في فنزويلا إلى جس النبض لا أكثر، خاصة في ظل وجود قناعة لدى العديد من المسؤولين الأميركيين بأن وجود أي “مستنقع” في الحديقة الخلفية سيكلف الأمن القومي الأميركي ثمنا باهظا.

وتتوجس أطراف أميركية من سيناريو ما بعد التدخل العسكري إن تم في كاراكاس وهل أن الرئيس الانتقالي قادر على ضمان استتباب الأمن في البلاد من عدمه؟ وهل أن القوات الأميركية ستنسحب سريعا من البلاد بعد أداء المهمة أم أنها ستواجه “فيتناما جديدة” هناك؟ وهو ما لا يمكن استشرافه في ظل شارع شديد الانقسام.

Thumbnail

ورفعت الولايات المتحدة نبرتها ضده، مع اعتبار وزير الخارجية مايك بومبيو الأحد القائد التشافي أنه “أسوأ من أسوأ المستبدين”، دون أن يستبعد استخدام القوة ضده. وقال أيضاً إنه “متأكد من أن أيام مادورو معدودة بفضل الفنزويليين”.

وقال جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي إنه لا نية لدى الولايات المتحدة لتدخل عسكري وشيك في فنزويلا، لكنه كرر القول إن كل الخيارات ما زالت مطروحة.

والاثنين، أدانت ألمانيا أعمال العنف التي شهدتها كاراكاس، داعية الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف العقوبات الاقتصادية على نظام نيكولاس مادورو دون المخاطرة بالتدخل العسكري هناك.

وقالت أولريكه ديمر، نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، الاثنين إن “الحكومة الألمانية تدين استخدام العنف في منع المساعدات العالقة على حدود فنزويلا مع كولومبيا والبرازيل”.

وأضافت ديمر أن ما يثير القلق على نحو خاص هو “الاستخدام الواضح لميليشيات وبلطجية” لتخويف السكان.

من جانبها، قالت متحدثة باسم الخارجية الألمانية ”نحن نرى أنه يجب الاستمرار في تصعيد الضغط على مادورو من أجل التحرك نحو إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، ولذلك فنحن سعداء بأن هذا يمثل أيضا موقف الاتحاد الأوروبي الذي تم الإعلان عنه على نحو سريع (…) الأحد، وهو الموقف الذي تشاور بشأنه وزراء الخارجية”.

ورأت المتحدثة أنه يجب توجيه عقوبات مشددة ضد مادورو والوسط المحيط به ولكن دون أن تتسبب في تردي الوضع العام في فنزويلا.

ويتّهم مادورو المدعوم من روسيا والصين وكوبا وتركيا وإيران، واشنطن التي قطع العلاقات الدبلوماسيّة معها، باستخدام غوايدو “دمية” للإطاحة به ولوضع اليد على احتياطي فنزويلا الهائل من النفط.

5