البحرين تضع التوازنات المالية على طريق التصحيح التدريجي

وضعت الحكومة البحرينية عجز الموازنة على طريق الانحسار التدريجي باستهداف تحقيق التوازن بحلول عام 2022 في وقت تنفذ فيه إصلاحات كبيرة مرتبطة بحزمة مساعدات من السعودية والإمارات والكويت لإعادة هيكلة الاقتصاد على أسس مستدامة.
المنامة - وافق مجلس الوزراء البحريني على موازنة العام الحالي، التي تتوقع تراجع العجز بنسبة 35 بالمئة مقارنة بمستويات العام الماضي ليصل إلى نحو 708 ملايين دينار (1.88 مليار دولار).
كما وافق المجلس على موازنة العام المقبل، التي رجحت أن يتواصل تراجع العجز ليصل إلى 613 مليون دينار (1.626 مليار دولار) في إطار خطة طويلة الأجل لتحقيق التوازن بين حجم الإنفاق والإيرادات بحلول عام 2022.
وتأخر إقرار موازنة السنة المالية الحالية، التي تبدأ مطلع العام وفق قانون الموازنة، بسبب انهماك الحكومة بإقرار حزمة واسعة الإصلاحات مرتبطة بمساعدات مالية من السعودية والإمارات والكويت بقيمة 10 مليارات دولار.
وقالت وكالة أنباء البحرين (بنا) إن مجلس الوزراء وافق على الموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين 2019 و2020 وأحالها إلى مجلس النواب (البرلمان) لمناقشتها والمصادقة عليها.
ويرى محللون أن التراجع المتوقع في موازنتي العام الحالي والمقبل يمثل نقلة نوعية كبيرة ويتسم بالواقعية من أجل تسهيل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الكبيرة التي تضمنت فرض ضريبة القيمة المضافة بداية العام الحالي وتعديلات كبيرة في الإنفاق.
وكان عجز الموازنة قد بلغ في العام الماضي نحو 2.3 مليار دولار وهو ما يمثل تراجعا بنحو 33 بالمئة عن مستوياته في موازنة عام 2017 التي بلغت نحو 3.4 مليار دولار.
ونسبت وكالة أنباء البحرين إلى بيان مجلس الوزراء تأكيده أن “الحكومة راعت في إعداد مشروع الموازنة خطط بلوغ نقطة التوازن في إطار مبادرات برنامج التوازن المالي حتى 2022، دون المساس بالخدمات الأساسية التي تمس المواطنين”.
وقدر مشروع موازنة العام الحالي حجم الإيرادات العامة المتوقعة بنحو 2.745 مليار دينار (7.28 مليار دولار) والمصروفات بنحو 3.252 مليار دينار (8.62 مليار دولار).
ويبلغ العجز عبر خصم تقديرات الإيرادات من النفقات نحو 1.34 مليار دولار، لكن الحكومة لم تذكر سبب تقديرها لفجوة العجز بنحو 1.88 مليار دولار.
أما مشروع موازنة العام المقل فقد توقع أن تصل الإيرادات الإجمالية إلى 2.874 مليار دينار (7.62 مليار دولار) والمصروفات إلى نحو 3.287 مليار دينار (8.71 مليار دولار).
ومن بين البنود الرئيسية تخصيص اعتمادات للمشاريع الاستثمارية بقيمة 1.777 مليار دولار عن كل سنة مالية من السنتين الماليتين الجارية والمقبلة، مع الأخذ في الاعتبار برنامج التمويل الخليجي.
وكانت المضاربات الآجلة في الأسواق الدولية قد دفعت الدينار في يونيو الماضي إلى أدنى مستوياته في 17 عاما، بعد هبوط أسعار السندات الدولية البحرينية نتيجة تفاقم الاختلالات في المالية العامة.
وأدى إعلان الدعم الخليجي إلى ردع المضاربات وعودة الاستقرار إلى عوائد السندات السيادية بعد تصاعد ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد.
وتراجعت تكلفة اقتراض البحرين من أسواق المال العالمية بشكل مفاجئ هذا الأسبوع إلى 5.625 بالمئة خلال إصدار جديد للصكوك من قبل الصندوق السيادي (ممتلكات البحرين) في مؤشر كبير على تجدد اهتمام المستثمرين بأدوات الدين البحرينية.
وقال محللون إن ذلك يعطي المنامة شهادة كبيرة على تحسن ثقة أسواق المال باقتصاد البحرين بعد سلسلة الإصلاحات الهيكلية التي طبقتها المنامة.
وتضاهي تكلفة الاقتراض تلك الكثير من دول العالم التي لديها تصنيف ائتماني مرتفع، وتمثل مستويات مرتفعة من الثقة خاصة أنها تلقت طلبات تعادل أكثر من 6 أضعاف حجم الإصدار.
وقال مديرو صناديق إن التسعير النهائي يؤكد نجاح المنامة في أول اختبار للطلب الدولي على أدوات الدين البحرينية الجديدة منذ المساعدات الخليجية.
وقالت زينة رزق مديرة أصول الدخل الثابت لدى أرقام كابيتال في دبي إن “تداول السندات البحرينية يتم في نطاق أضيق من مثيلاتها، على خلفية حزمة المساعدات من الدول الخليجية” التي ردعت المضاربين من إعلانها في يونيو من العام الماضي.
وعززت البحرين مؤخرا وتيرة الإصلاحات الاقتصادية بموجب برنامج الدعم الخليجي بإقرار البرلمان حزمة من القوانين أبرزها فرض ضريبة القيمة المضافة وإصلاح نظام التقاعد في إطار برنامج واسع لتحقيق التوازن المالي.
ويعد تطبيق اتفاقية ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة، أحد الالتزامات الرئيسية بموجب برنامج الدعم الخليجي. وتنص الاتفاقية على فرض الضريبة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الحالي، إلا أنها لم تطبق حتى الآن إلا من قبل الإمارات والسعودية منذ أكتوبر من العام الماضي.
ويهدف فرض الضريبة إلى تعزيز وتنويع الإيرادات المالية غير النفطية. وهي تأتي بعد تطبيق الضريبة الانتقائية في ديسمبر الماضي، والتي تشمل التبغ ومشتقاته والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، بنسب تتراوح بين 50 و100 بالمئة، للحاق بالسعودية والإمارات في هذا المضمار.