ملامح صفقة عراقية دولية للتخلص من عناصر داعش المنهزمين بالشرق السوري

ترتيبات لإنشاء معسكر داخل الأراضي العراقية لتجميع عناصر تنظيم داعش الأجانب.
الاثنين 2019/02/25
تبعات حرب داعش تحوّلت إلى عبء أخلاقي على عدة الدول

بغداد – لفّ الغموض عملية استلام السلطات العراقية لأعداد كبيرة من عناصر تنظيم داعش بعد هزيمة التنظيم في آخر معقل له شرقي سوريا، مذكيا شكوك البعض وتحذيرات البعض الآخر من “صفقة” هادفة إلى تخليص دول كبرى من عبء استعادة مواطنيها الذين قاتلوا في صفوف التنظيم بسوريا والعراق، وباتوا يطرحون مع عوائلهم بما فيها من أطفال، تحديات قانونية وأخلاقية وأمنية للدول التي جاؤوا منها والتي بادر بعضها لإغلاق الباب أمام عودتهم.

وواصلت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” تسليم السلطات العراقية أعدادا من عناصر تنظيم داعش المقبوض عليهم أو المستسلمين، خلال العملية العسكرية الجارية على آخر معقل للتنظيم في شرق سوريا قرب الحدود مع العراق، فيما تتزايد المخاوف من عودة نشاط التنظيم في تلك المناطق الحدودية.

ويتابع المراقبون العراقيون بقلق منذ أيام أنباء غامضة بشأن صفقة لنقل عناصر في تنظيم داعش من سوريا إلى العراق. وبينما تقول بغداد إنها عازمة على استعادة العراقيين من أعضاء التنظيم، الذين يُلقى القبض عليهم في سوريا، فحسب، تتداول وسائل إعلام أنباء عن ترتيبات تشارك فيها دولة عظمى، لتحويل منطقة حدودية في العراق، إلى معسكر لاحتجاز أجانب، انخرطوا في داعش، وترفض بلدانهم تسلّمهم.

وحتى الآن، تسلّم العراق من قوات سوريا الديمقراطية نحو 400 عنصر يحملون جنسيته، متورطين في الانتماء إلى تنظيم داعش والقتال إلى جانبه، فيما تقول المصادر إن هناك دفعات جديدة من “عراقيي داعش” في طريقها نحو الأراضي العراقية.

التخلص من فلول داعش يعني لواشنطن مساعدة "قسد" على حسم المعركة، ولموسكو تجنيب النظام السوري تحمل العبء

وانقسم المراقبون العراقيون بشأن الدولة العظمى التي تدعم ترتيبات نقل عناصر داعش الأجانب وعوائلهم الى معسكر احتجاز في غرب العراق، فوجّه بعضهم الاتهامات إلى الولايات المتحدة، برعاية صفقة تضمن لحليفتها، قوات سوريا الديمقراطية، إعلان نصر سريع في الشرق السوري، بينما قال آخرون إن روسيا هي الداعمة، أملا في تخفيف الضغوط على النظام السوري، وتجنيبه مشقة التعامل مع هذه التركة الثقيلة.

لكن القائم بأعمال السفير الأميركي في بغداد جوي هود، نفى مشاركة بلاده في صفقة من هذا النوع، كما أكد رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي عزمه استعادة مواطنيه من أعضاء التنظيم فقط.

وتأتي هذه التطورات تزامنا مع سلسلة أحداث أمنية في مناطق متفرقة من العراق، انقسم المعلقون بشأن الأطراف المتورطة فيها.

وتعرّض جامعو نبات الكمأ في صحراء العراق الغربية إلى عملية اختطاف خلال الأيام القليلة الماضية. وبينما قتل عدد من المختَطفين، قال سكان محليون إنهم دفعوا فدية لإطلاق سراح بعض أقاربهم.

وتوزّعت الاتهامات على جهات مارقة من الحشد الشعبي وعلى خلايا لتنظيم داعش. واستدل مراقبون بحاجة الطرفين إلى الأموال في هذه المرحلة.

وما عمّق الشكوك ما أثير من أسئلة حول الطريقة التي تم التواصل بها مع الخاطفين، حيث تساءل كثيرون عن سبب عدم قيام الأجهزة الأمنية بتتبع الاتصالات التي جرت للغرض والوصول من خلالها إلى الجهة المسؤولة عن الاختطاف، ومعرفة من قام بالوساطة ومن أمّن دفع الأموال ومن تسلّمها.

وزاد الجدل المصاحب لصفقة نقل عناصر داعش الأجانب إلى العراق، والحوادث الأمنية الأخيرة، من المخاوف الأمنية في عدد من المناطق.

ودعا النائب في البرلمان العراقي عمار طعمة إلى “المبادرة بعمليات استباقية واسعة لضرب معاقل الإرهاب في المناطق الصحراوية وحدود المحافظات الغربية المشتركة”.

Thumbnail

وقال “ندين بشدة جرائم الإرهاب الغادرة بحق الأبرياء في الثرثار والنخيب والأنبار والتي تدلل على انهزام داعش وانكساره ومحاولته للترويج لحضوره بأبشع الأساليب الإجرامية”، داعيا إلى “القيام بعمليات عسكرية واسعة وبدعم جوي تطال تلك المناطق التي تشهد نشاطات وتحرّكات ومواقع يتخفى فيها الإرهاب وينطلق منها لتنفيذ جرائمه”، فيما أشار إلى “ضرورة وحدة الموقف الوطني للقوى السياسية الداعم للسيادة العراقية والمانع للقوى الدولية النافذة في المنطقة من تدوير جماعات الإرهاب أو فتح ثغرات لها للنفوذ في الميدان العراقي”.

في موازاة ذلك أعلنت قيادة فرقة العباس القتالية وهي تشكيل حشدي يتبع وزارة الدفاع العراقية ويخضع للحكومة، انطلاق عملية واسعة، فجر الأحد، “لتطهير الصحراء الغربية من الخلايا الإرهابية التي امتدت أياديها المجرمة خلال الأيام الماضية إلى المواطنين العزّل الباحثين عن الرزق”.

وقالت القيادة “تنطلق هذه العملية التي ستشمل 450 كم تبدأ من قاطع غرب الأنبار إلى الرطبة مرورا بوادي الغدف وصولا إلى الحدود العراقية استنادا على معلومات وجهد استخباري مشترك”، مشيرة إلى أن هدف العملية “تطهير وادي الغدف من تلك الخلايا الإجرامية”.

وقالت فرقة العباس إن العملية تنفذ “بقيادة عمليات الأنبار” في إشارة إلى التزامها بتوجهات حكومة بغداد مؤكدة أنها “استحصلت من العمليات المشتركة الصلاحيات لتوسيع عملياتها في الصحراء بالتنسيق مع العمليات المختصة”.

وتمكّن العراق من خلال حرب دامية استمرّت من سنة 2014 حتى آخر سنة 2017 من إلحاق هزيمة عسكرية بتنظيم داعش واستعادة المناطق التي سيطر عليها كجزء من “الخلافة الإسلامية” التي أعلنها. وفيما يتطلّع البلد إلى الدخول في مرحلة استقرار وتنمية وترميم للبنى التحتية المدمّرة، يتخوّف المراقبون من بدء دورة جديدة من العنف تعرقل تنفيذ تلك التطلّعات وتُشعلها فلول التنظيم وعناصره التي تفرّقت خلال الحرب، ويتوقّع خبراء الشؤون الأمنية أنّها بصدد إعادة تجميع صفوفها لاستئناف النشاط عن طريق حرب العصابات بدلا من حرب الجبهات.

3